ومن جهة أخرى عملت روسيا السوفييتية على إيجاد ما يستطيع إبطال مفعول مثل هذه الطائرة الأمريكية.
وظهرت في الولايات المتحدة في البداية طائرة "لوكهيد أو-2" التي تمكنت من التحليق فوق روسيا أكثر من مرة من دون أن تطالها وسائط الدفاع الجوي الروسي. وفي 1 مايو/أيار 1960 حلقت طائرة من هذا النوع للمرة الأخيرة في سماء روسيا حيث أسقطها صاروخ روسي من طراز "إس-75".
وحلت محلها طائرة أخرى تستطيع التحليق بسرعة 3 ماخ (حوالي ثلاثة أمثال سرعة الصوت) هي A-12 التي تم تجريبها في سماء فيتنام الشمالية.
ومهدت هذه الطائرة لظهور طائرة أخرى تتمتع بإمكانيات باهرة هي SR-71 التي تستطيع التحليق على ارتفاع 24 ألف متر بسرعة 3.2 ماخ. وكانت طائرات SR-71 تتزود بالوقود في الجو من طائرات صهريج KC-135. وحاول الطيارون الأمريكيون والأطلسيون أثناء التدريب أن يعترضوا طائرات SR-71 ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك. لذا ساد الاعتقاد بأن ذلك ليس بإمكان الروس أيضا.
نهاية القصة
ولم تقدر الطائرات الاعتراضية الروسية المتوفرة وقتذاك وهي "ميغ-25"، على اكتشاف طائرة SR-71 في الوقت المناسب واستخدام الصواريخ ضدها بفعالية. لذا بدأت روسيا في عام 1972 تعمل على إيجاد طائرة اعتراضية جديدة تستطيع – من جملة أمور أخرى – مقارعة طائرات SR-71.
وظهرت في روسيا طائرة تفي بهذه المتطلبات هي "ميغ-31". ولم تستطع "ميغ-31" أن تحلق بنفس السرعة التي تستخدمها SR-71، ولكنها زودت بما يمكّنها من اكتشاف طائرات التجسس الأمريكية السريعة وهو رادار "زاسلون". وسهل على "ميغ-31" مهمتها أن إعداد طائرة SR-71 للإقلاع استغرق وقتا طويلا مثل ما يحتاجه إعداد المركبة الفضائية للإطلاق، ما أتاح للمخابرت الروسية أن تعرف متى تقلع طائرة التجسس الأمريكية. ثم، وبعد مضي 15 دقيقة على الأكثر، يجب أن تنطلق "ميغ-31" لتكتشف طائرة التجسس الأمريكية وتستعد لمهاجمتها. ولم يصل الأمر إلى إطلاق الصواريخ لأن الطائرات الأمريكية أسرعت بتغيير اتجاهها لتُظهر أنها لا تنوي الدخول إلى أجواء روسيا. بدورها اكتفت طائرات "ميغ-31" بإظهار قدرتها على اكتشاف الطائرات الأمريكية ومهاجمتها عند الضرورة.
بذلك انتهت قصة SR-71 حيث بدأت الولايات المتحدة بسحب هذه الطائرات الباهظة الثمن من الخدمة. وانتهت خدمة آخرها في عام 1998. أما طائرة "ميغ-31" فقصتها تتواصل بعد تعديلها وتزويدها بالأسلحة الحديثة. وحصلت طائرات "ميغ-31" أخيرا على صواريخ "كينجال" الأسرع كثيرا من الصوت. وقالت صحيفة روسية تتخصص في شؤون التصنيع العسكري إن هذه الطائرات ستظل تؤدي واجبها لـ10 أعوام أخرى.