لا يطلق تسميات على أسلوبه الفريد في الرسم، ولا يحب تأطيره، لحرية الفن التي يقدسها، بل يترك التسميات للمتلقي أو الناقد.. هذا كان وصف الفنان التشكيلي السوري نضال خضور.
البدايات
الفنان نضال مواليد حمص 1979، وكما كل الأطفال، كانت خربشاته الأولى على دفاتر الرسم المدرسية، ولكنها كانت بعيدة عن الورود والسيارات، حيث بدأ بطائرة حربية، ضمن مواضيع مدرسية تمحورت آنذاك بحرب تشرين، والجيش السوري، هكذا يقول لوكالة "سبوتنيك".
ويضيف: في المرحلة الثانوية، بحثت عن معهد لتعليم الرسم في مدينتي، ووقتها كنت أذهب أكثر من مرة في الأسبوع لمكتبة المركز الثقافي في حمص والتي كنت أقرأ فيها العديد من الكتب ومعظمها حول علم النفس والخجل، كتب زرعت الثقة بالنفس في داخلي، واتجهت للتعبير عن ذاتي في الكتابة والرسم.
ويتابع: مازلت أذكر أساتذتي الفنان التشكيلي غسان نعنع ورامي داغستاني، بكل خير ومودة، التمارين الأكاديمية والرحلات الخارجية والعلاقات مع الأصدقاء، ساهمت في اختيار طريقي نحو الدراسة الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة.
ويستدرك: لم أدرس الاختصاص الذي أحبه بسبب أمور خارجة عن إرادتي كطالب، فأوقفت تسجيلي وسافرت إلى الإمارات، (التي كان وجود والدي فيها عاملا مساعدا في رحلتي واستقراري بها)، بحثا عن فرص أفضل للعيش، وكنت دوما أعود للكلية لعنادي وإصراري على نيل الشهادة، وحدث ذلك عام 2009.
الانتقال
يقول الفنان نضال: "لم أجد في سوريا فرصا تمكنني من فرض ذاتي كفنان تشكيلي ولم أتقن صناعة تلك الفرص، خصوصا في المجتمع الفني، أنا حر دائما ولا أتقن مهارات النفاق الاجتماعي".
ويكمل: الإمارات دولة تهتم بالفن، وشعب يقدر الجمال ويعمل دائما على دعم المثقفين والفنانين، بدأت عملي كمدرس للفنون في مدرسة خاصة في دبي وهذا ساعدني أكثر على الاستقرار ماديا وشراء ما أحتاجه من أدوات.
المعارض والأعمال
وفي الحديث عن التواجد الفني يقول نضال: شاركت بالعديد من المعارض الجماعية، منها المعرض الجماعي الأول بعنوان 6 خطوات من التجريد، في صالة مركز دبي العالمي للفنون، وشخصيا أقمت المعرض الفردي الأول في مدينة أبو ظبي، صالة الرابطة الثقافية الفرنسية، ولكن المعرض الفردي الثاني في صالة فن آ بورتر بجميرا دبي، كان نقلة نوعية في حياتي التشكيلية".
وعن أعماله يوضح: "عرضت أعمالي في تركيا وإيطاليا، أما السوق الروسية والأوروبية هي طموح ورغبة قديمة في انتظار شراكات أو دعوات تسمح لي بالعرض.. بالمقابل لم أتلق أي دعوة للعرض في سوريا وفي حال تمت الدعوة سأكون حتما سعيدا بها".
الهندسة التشكيلية
وعن الأسلوب الخاص الذي يتبعه في الرسم والتداخل اللوني يقول نضال: اللون هو الفكرة، وطريقة عرض اللون والانتقال من الضربات العشوائية للريشة إلى خطوط منظمة واضحة وصريحة و قوية، ربما كان للاستقراري المكاني والشخصي دور بارز فيه، لدي أسلوب خاص، وصلت إليه بعد العديد من التجارب والمحاولات والعمل بشكل يومي".
ويضيف: أستطيع أن أرى العديد من التجارب التشكيلية السورية المهمة، اليوم، وربما كان لوسائل التواصل الاجتماعي القدرة الفذة على تحرير التشكيلي السوري الشاب من سيطرة العجائز والتقوقع في مكان واحد، هذه الوسائل التي لم تكن موجودة أيامي في سوريا.
ويختم مع "سبوتنيك": مسيرة الفنان التشكيلي متعبة وجميلة قاسية وصعبة، وما وصلت إليه اليوم هو نتيجة لسنوات من السعي والعمل ومازلت في أول الطريق.. وكما أخبرتكم، أترك للنقاد الكلام عن أعمالي وأسلوبي، و أرفق لكم نصا من الدكتور طلال معلا أعتبره من النصوص الهامة جدا في مسيرتي الفنية، حصريا لـ"سبوتنيك"، كتبه قبل أيام في رسالة خاصة لي. حيث قال "باقتباس":
"في أعمال الفنان نضال خضور يظهر مقدار المثابرة والجهد والسعي لتوليد عوالم فكرية على هيئة جيومترية بتسليط الضوء على أمرين هما الحيز والفراغ، وبهذا تحويل المادة اللونية إلى تعبيرات عن جانب استثنائي يبني أكبر قدر من التعاطف الإنساني مع البنية الجمالية التجريدية.. وللحصول على قراءة تحليلية لهذه الأعمال لابد من فك الارتباط بينها وبين الطبيعة التي تتمظهر في المسميات اللغوية.. التموضعات اللونية لايمكن فصلها عن بعضها البعض أو تجزئتها أو تغيير مواقعها كونها تخضع لضرورات العمل البنيوية الداخلية والتي لايمكن فهمها أو تلقيها إلا ككل موحد".