القاهرة — مروان عبدالعزيز
علاقات وتفاهمات تبدأ من خلالها روسيا إعادة تشكيل موازين جديدة للقوى العالمية، ورسم خريطة جديدة للعلاقات تستند إلى الندية وتضمحل فيها الزعامة التي ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعيها عبر سنوات عدة.
في الذكرى الـ70 لعيد النصر في 9 مايو/ أيار، عرضت روسيا مجموعة من أحدث أسلحتها البرية والبحرية والجوية، وشاهد العرض العسكري المهيب الذي قالت عنه وكالة الأنباء الفرنسية آنذاك "إنه استعراض عسكري تظهر روسيا من خلاله أمام العالم قوة جيشها الذي حصل على أحدث الأسلحة". هذا العرض لم يقتصر وقتها على الأسلحة الروسية فقط، بل شاركت فيه مجموعات عسكرية من الصين والهند وعدد من الدول الحليفة والصديقة.
لم يمر وقت طويل حتى بدأت روسيا مجموعة من المناورات، منها المناورات العسكرية المشتركة مع الصين، وعدة مناورات في البحر الأسود، وصولا إلى المناورات المشتركة التي تجري حاليا مع جمهورية مصر العربية في عرض البحر المتوسط.
في هذا الصدد، علق المحلل السياسي السوري عصام حوج، قائلا: "إن التحركات العسكرية التي تقودها روسيا بينها وبين الصين والهند ومصر مؤخرا هي تحركات تأتي في سياق التوازن الدولي الجديد الذي يتشكل ويتبلور منذ سنوات، والذي بدأ يتطور نتيجة التراجع الأمريكي على المستوى العالمي، هذا التراجع الذي بدأ بالتدهور الاقتصادي والسياسي، وأصبح يتجلى الآن في تراجع عسكري واضح، وظهرت له عدة مؤشرات أصبحنا نشهدها في مناطق مختلفة من العالم.
ووصف السياسي السوري هذه العلاقات العسكرية الجديدة التي بدأت تتطور باضطراد "على حد قوله" بين روسيا وحلفائها سواء كانت الصين أو الهند أو غيرهما، بأنها علاقات تقض مضاجع الإدارة الأمريكية لأنها تأتي تتويجا لذلك التوازن الجديد الذي يتشكل حاليا على يد روسيا.
وأكد الحوج أن التكامل بين روسيا كعملاق عسكري كبير والصين كعملاق اقتصادي سيؤدى إلى قوة دولية تستطيع أن تكون مواجهة للهيمنة الأمريكية وستقف أمام محاولة انفرادها بالقرار العالمي.
وأشار الحوج إلى أن هذه الترتيبات والتنسيق العسكري المشترك بين روسيا وحلفائها إنما يعبر عن ميل واضح تجاه تثبيت التوازن الدولي الجديد بشكله العسكري، والذي ظهر في مناسبات عدة سواء كان من خلال الاستعراض العسكري في الساحة الحمراء في ذكرى النصر، والدلالات التي حملها هذا الاستعراض، أو من خلال المناورات المشتركة الصينية الروسية أو المصرية الروسية، هذا إلى جانب ما تشهده أمريكا من تراجع لدورها ودور حلفائها ووكلائها الإقليميين في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، موضحا أن هذا يتوضح بشكل أكثر من خلال الميل الواضح والنزوح الصريح الذي تتحدث به أمريكا وحلفاؤها المقربون عن ضرورة إطفاء بؤر التوتر والحرائق التي تشتعل في مناطق العالم والتوجه نحو الحلول السياسية.
وحول السؤال عن أثر هذه التحالفات على الشرق الأوسط بشكل عام والمناطق الملتهبة مثل سوريا بشكل خاص
واستدرك الحوج "الحروب التي تديرها أمريكا في عدة مناطق من العالم ما هي إلا تعبير عن التراجع الأميركي على المستوى العالمي، مما يدفعها إلى الاستعاضة عن هذا التراجع بما تمتلكه من قوى عسكرية، حيث أن التراجع على المستويين الاقتصادي والسياسي هو ما جعلها تتجه نحو الحروب لتعويض ما تخسره على هذين المستويين.
وحول اللاعب الجديد في المنطقة والذي بدأ يظهر بقوة بعد اتفاق لوزان، قال الحوج إن ايران أصبحت لاعبا رئيسيا على الساحة الدولية بعد الاتفاق النووي الذي أنجزته في مدينة لوزان، حيث أشار الحوج إلى أن الصراع بين القوى الفاعلة على المستوى الدولي هو من فعل أدوار المراكز الإقليمية المختلفة في المنطقة وعلى رأسهم إيران، حيث أن إيران الآن، "والحديث على لسان الحوج"، واضح أنها تقف مع المحور الروسي الصيني، وبالتالي من الممكن أن تلعب دورا محوريا على المستوى الإقليمي في هذه الملفات، بما يتجه نحو تثبيت التوازن الدولي القائم.