أكد المفكر و الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور طارق حجي، في حديث لوكالة "سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، أن وتيرة الأحداث وقرار بلغاريا كشفا بوضوح دوافع الموقف الحقيقي للولايات المتحدة، وهو تحقيق هدفين.
وأوضح حجي أن الهدف الأول هو تفتيت دول الشرق الأوسط إلي كيانات صغيرة، أما الهدف الثاني، و هو الأخطر، الضغط على الاقتصاد الروسي، عن طريق أن توجد بديل للغاز الروسي، الذي تعتمد عليه أوروبا بشكل كبير، مشيراً إلى أن الدولة الوحيدة، التي يمكن أن تقدم بشكل كبير هذه الكمية من الغاز عوضاً عن روسيا هي قطر، خاصة وأن قطر تعتبر واحدة من الدول، التي تمتلك احتياطات كبيرة من الغاز إلى جانب روسيا وإيران.
و أستطرد قائلاً "إن الولايات المتحدة الأمريكية مسيطرة سياسياً علي دولة قطر، وتريد أن تكون قطر هي البديل لروسيا في توريد الغاز إلي أوروبا بهدف الحاق ضرر جسيم بالاقتصاد الروسي. هذا ليس تخميناً، حيث أن المراجع الأمريكية تقول إن إسقاط الاتحاد السوفييتي كان له عدة أسباب، منها أن أمريكا قد طلبت حينذاك من السعودية أن تعمل علي انهيار أسعار البترول لفترة معينة، فانخفضت الأسعار إلى 7-8 دولار للبرميل في الثمانينات مما أسرع بانهيار الاتحاد السوفييتي، والذي مشكلته كانت تتمثل في انه كان لديه نفقات في المجال العسكري و الفضاء واسعة، عندما ضرب في ايراداته البترولية والغازية أصبح غير قادر علي مواصلة دور الدولة العظمي".
ولفت المفكر المصري إلى أن "ما ترغبه أمريكا الأن هو توصيل أنبوب غاز يخرج من قطر متجهاً إلي سوريا لتسييله في طرطوس، و منها إلي أوروبا، و بالتالي التأثير سلبياً علي اقتصاد روسيا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب أن تكون سوريا مقسمة و مفتتة".
وأضاف أن دولة مثل بلغاريا تنفذ التوجيهات الأمريكية، حيث أن أمريكا تُتقن التعامل مع دول ما يسمي "أوروبا الشرقية"، و تربطها بالمعونات، و عن طريق تلك المعونات تتحكم في سياساتها الخارجية. ولذلك فالوضع الأن أوشك أن يكون بدون أقنعة، أي أن روسيا تعرف ماذا تريد الولايات المتحدة، و أمريكا تريد أن تكمل إلي أخر الطريق. ولكن روسيا ستفعل ما تريد، حيث أن الوصول بالمساعدات إلي سوريا ليس بالمستحيل.
وأشار المحلل السياسي إلى أن الولايات المتحدة تتحدث عن حقوق الانسان في الصين، و نحن نري الصين لا تبالي بهذا الموضوع علي الاطلاق، لأن بكين تعرف تماماً أن أمريكا ليست معنية بحقوق الانسان، خاصة وأن الوضع الاقتصادي الصيني قوي و ميزانها التجاري مع أمريكا في صالحها بفارق كبير.
وأوضح أن الأمثلة كثيرة على عدم اهتمام الولايات المتحدة بحقوق الانسان وأنها ذريعة للتدخل في شؤون الدول، مشيراً إلى أن واشنطن لم توجه اتهامات إلي المملكة العربية السعودية بخصوص حقوق الانسان، فيما يتعلق بوضع المرأة أو الأقليات الدينية أو العقوبات البدنية.
ويرى الباحث والمفكر المصري "نحن الأن في ما يشبه أجواء الحرب الباردة، فالصراع علي أشده و أمريكا تحاول جاهدة افقار خصومها".