الرئيس التركي يسعى للاستفادة من 3 ملايين لاجئ سوري بتشجيعهم للتقدم للحصول على الجنسية، من خلال تصريحاته التي تروج الى طول أمد الأزمة ولا حل او تسوية تلوح في الأفق، وبالتالي فإن بلاده تظل الخيار الأفضل، مدركاً أن أغلب اللاجئين داخل المدن او في المخيمات، من المناطق السورية القريبة من بلاده، وبالتالي يمكنهم — حال اكتساب الجنسية التركية — لعب دور مؤثر في مستقبل المنطقة، بل تعزيز النفوذ التركي سياسيا وثقافيا.
فشلت محاولات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم على مدار المرحلة السابقة وخلال انتخابات برلمانية عادية وأخرى مبكرة خلال عام واحد، في الحصول على النسبة المطلوبة داخل البرلمان لتغيير الدستور والتحول الى النظام الرئاسي الذي يمنح أردوغان صلاحيات تنفيذية على عكس النظام الحالي. الحصول على الجنسية يمنح الحق في المشاركة والتصويت في الانتخابات، وبالتالي تجاوز العقبة البرلمانية المتمثّلة في حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي، لصياغة وتمرير الدستور الجديد من داخل البرلمان بعيدا عن الاستفتاء الشعبي العام.
استطاع أردوغان من خلال ملف اللاجئين السوريين الحصول من الاتحاد الأوروبي على بعض المكاسب السياسية رغم تعثر التنفيذ الكامل للاتفاق، وها هو يعيد الفكرة من جديد ولكن هذه المرة مستهدفا الداخل في ظل التحديات التي تواجه البلاد، ومحاولات ترميم الصدع الذي شهدته العلاقات مع دول الجوار.
يبدو أن تركيا في اتجاه تغيير سياستها لأسباب مختلفة تدفعها إلى تبني نهج مختلف للتعاطي مع مشاكل المنطقة بما في ذلك الأزمة السورية، بينما يظل الرهان على دور مهم في المعادلة السياسية الإقليمية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال العلاقات المتوازنة مع دول الجوار والتنسيق والتشاور في تسوية الأزمات ومواجهة التحديات.
تحسين العلاقات مع دول الجوار التركي، بدأت بإسرائيل ثم روسيا، مع جهود تبذل من أجل تجاوز الأزمة مع مصر والعراق، بينما يظل كل ذلك مرهون بتطبيق التوجهات الجديدة للحكومة التركية على أرض الواقع، وتعكس رغبة حقيقية لدى النخبة الحاكمة في تحسين العلاقات، لا مناورة سياسية تستهدف احتواء غضب الدول الكبرى المؤثرة في الحراك الذي تشهده المنطقة.
ويعتبر المشهد السياسي الداخلي بما يحمله من توترات وخلافات بين الأحزاب المختلفة، تحديا جديدا ربما يسعى أردوغان إلى التغلب عليه من خلال الحكومة الجديدة، بينما يظل ملف السوريين الأتراك مثيرا للجدل في الداخل التركي الذي يخشى التغيير الديمغرافي وما لذلك من تداعيات على المجتمع التركي بأكمله.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)