في إطار ترحيب واشنطن بإعلان الجيش السوري عن وقف العمليات القتالية في مدينة درعا لمدة 48 ساعة، ودعوتها الفصائل المعارضة إلى وقف هجماتها لدعم الهدنة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، والموقف الأمريكي الضبابي في الجنوب السوري، دارت محاور حلقة "بوضوح"، التي قال فيها الخبير الاستراتيجي والعسكري السوري، د. حسن حسن، "إن المتحكم في القرار الأمريكي، هي الدولة العميقة أو حكومة الظل التي تعمد إلى تحريك الأمور وفق مصالحها تصعيداً، وتهدئة"
وأضاف حسن حسن، أن ماحدث في سوريا على مدار ست سنوات، أدى إلى بزوغ ظاهرتين مهمتين، أولاهما، هو انحسار الدور الأمريكي في المنطقة، وثانيهما، هو صعود روسيا كقطب مكافئ للطرف الأمريكي، والذي منح أمريكا، فرصة ماسية لتغيير نظرة التاريخ لها كمحارب فعلي للإرهاب، متى ما تعاونت مع الطرف الروسي، والتزمت فعليا بمناطق تخفيف التوتر والتصعيد.
وأوضح، أنه يجب التفريق بين الحدود الجنوبية السورية الأردنية باتجاه "درعا"، والتي أعلن الجيش السوري، بدخولها ضمن مناطق تخفيف التصعيد، وإعلانه الهدنة فيها، وبين الحدود الجنوبية الشرقية (السورية العراقية) وتحديدا في "التنف"، والتي تشهد تصعيدا أمريكيا بادخال منظومة الصواريخ —الأخيرة- في منطقة لم يعد لـ"داعش"، وجود فيها دون تنسيق مع الجيش السوري، في إطار الاعتداء على سيادة الدولة السورية.
وأردف،"هي بذلك ترسل رسالة إلى دول العالم وإلى "روسيا" بشكل خاص، مضمونها أن القانون الدولي، هو ماتقوله أمريكا، وماتقوله أمريكا هو القانون الدولي، في محاولة لمنع انتشار الجيش السوري على كامل الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، بغرض قطع التواصل بين أقطاب المقاومة مرورا بـ(طهران — بغداد- دمشق- الضاحية الجنوبية- القدس- اليمن)".
وأوضح الخبير، أن ما حققه الجيش السوري من تقدم نحو الحدود العراقية، وملاقاته لقوات الحشد الشعبي، يمنع من تحقيق الهدف الاستراتيجي الأمريكي، بإقامة حزام عازل مابين شرق سوريا، ووسطها وغربها، لكن التحركات الأمريكية تخفي الكثير من المخاطر التي قد تتحول إلى تهديدات جدّية قد تذهب بالمنطقة برمتها نحو الهاوية.
وعن الموقف الأردني من الأزمة السورية قال الخبير، "إن الدور الأردني تجاه الأزمة السورية كان سلبيا جدا، وهو دور تابع يدور في فلك المشروع "الصهيوأميريكي"- حسب قوله — وأن أولى اهتمامات "الأردن"، هو تنفيذ الرغبة الإسرائيلية، بإقامة "جدار طيب" الذي يمتد من "جبل الشيخ" إلى "القنيطرة" حتى "درعا" بامتداد الحدود الأردنية، وصولا إلى المثلث السوري العراقي الأردني المشترك".
وحمّل الخبير الأردن المسؤولية عن دخول جحافل المسلحين التي دخلت إلى سوريا عبر الحدود الأردنية السورية في بداية الأزمة" بتواطئ بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية"-حسب تعبيره-.
وعن التزام المعارضة المسلحة بالهدنة المعلنة من قبل الجيش السوري قال د. حسن، "إن هذه المجاميع المسلحة تلتزم بما يملى عليها من مموليها بتنفيذ أجنداتهم الخارجية الخاصة بسوريا".
أما عن أهمية "معبر الوليد" الحدودي بين سوريا والعراق، قال الخبير العسكري،" إن هذا المعبر يمثل عمقا استراتيجيا لكلا الدولتين، ولهذا استهدفته واشنطن بزرع عناصر" داعش" على طول الشريط الحدودي، مما يمثل ورقة ضغط على العراق، وسوريا، بوجود العناصر الإرهابية في هذه المناطق، ولكن بوصول قوى "الحشد الشعبي"، وتطهير مناطق واسعة من الشريط الحدودي، مثل ذلك ضربة قاصمة لـ"داعش" و"جبهة النصرة"، ولكن هذا لن يكتمل إلا إذا ما قوبل بقوات الجيش السوري والقوى الرديفة، من الجهة المقابلة على الحدود السورية، وهو مايثبت أن واشنطن لا تحارب "داعش"، وإنما تحارب بـ"داعش" ولا تحارب الإرهاب، بل تستثمر بالإرهاب".
وفي إطارانتقاد الخارجية الألمانية للسياسة الأمريكية، والإشادة بالدور الروسي في المنطقة، عبر الخبير، أن هذا الأمر من اهم الخطوات المتخذة على صعيد العلاقات الدولية، فلطالما حرصت المفاصل المتحكمة بصنع القرار الدولي على منع التقاء الروس بالألمان بشكل أساسي، وكون "ألمانيا" تعد القاطرة رقم واحد في رأس قطار الاتحاد الأوروبي، فيمكن البناء على مواقفها، التي تتوافق ونهج السياسة الروسية التي تحتكم إلى لغة العقل والمنطق وتبتعد عن الاصطدام الذي لن يتحمله أحد متى ماخرجت الأمور عن السيطرة.
واضاف، أن لهجة الخطاب الألماني الأخيرة تنبئ عن بداية التصدع في التحالفات القائمة سابقاً، وتهيئة البيئة الاستراتيجية لانهيار مايسمى الأحادية القطبية برعاية أمريكية، وأردف، "ولكن للأسف فمعالم النظام العالمي الجديد لم تتبلور حتى الآن من حيث كونه متعدد الأقطاب، أو أنه يتبنى اللاقطبية".
وعن هذا الشأن قال الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، الدكتور أحمد الشريفي، "إن هناك تصدعا في العلاقات بين "روسيا"، والاتحاد الأوروبي، عموما وبينها وبين "ألمانيا"، بشكل خاص والحاضرة بشكل مباشر في "العراق"، و"سوريا"، ولكن الهيمنة الأمريكية وفرض السيطرة المطلقة على منطقة الشرق الأوسط، تستفز من كانوا شركاء وحلفاء الولايات المتحدة ،التي لن تستطيع فرض هيمنتها في المستقبل في ظل تواجد الدور الروسي الذي قلب معادلة التوازن في المنطقة ورسم ملامح جديدة لها، لذا فنحن بصدد تكوين تحالفات جديدة تضع مصدا للطموحات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط".
وعن أهمية "معبر الوليد الحدودي" قال الخبير العراقي، "إنه يشكل رابطا يصل بين(سوريا والعراق والأردن والسعودية)، وهذه العقدة الاستراتيجية، هي التي دعت النظام العراقي السابق إلى إنشاء قاعدة جوية في هذه المنطقة"قاعدة الوليد الجوية"، للسيطرة على هذا المعبر الحدودي ، وهو ماتفعله الولايات المتحدة —الآن- بإنشائها قاعدة "التنف" في الجانب السوري، باستغلال هذا المنفذ الحدودي الهام ذا الموقع الحيوي الحساس".
