وعلى الرغم من تأكيده على أن إشكالية الرياض مع إيران هي "تصرفاتها السلبية"، فقد قال الأمير محمد خلال مقابلة بُثت في وقت متأخر الثلاثاء إن السعودية تريد علاقات طيبة مع إيران.
ويتناقض هذا مع تصريحات للأمير محمد في 2017، بعدما أصبح وليا للعهد، وصف خلالها الزعيم الإيراني الأعلى بأنه "هتلر الشرق الأوسط الجديد".
وأجرى مسؤولون سعوديون وإيرانيون محادثات مباشرة هذا الشهر، بعد ستة أعوام من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بشأن اليمن والاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى العالمية في 2015 والذي عارضته الرياض لأنه لم يتطرق إلى برنامج إيران الصاروخي ووكلاء إيران في المنطقة.
كما خفف ولي عهد السعودية نبرة خطابه تجاه حركة الحوثي التي تشن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة، مع أنه كان قد تعهد بالقضاء على الحوثيين عندما تدخلت الرياض في اليمن في 2015.
وقال الأمير محمد عن الحوثي أنه "لم يزل له علاقة قوية بالنظام الإيراني، وعليه الرجوع إلى تغليب مصلحة اليمن، والاستجابة للشرعية في بلاده، والحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة عروبية نتمنى أن تظهر فيه بشكل أكبر". وحث الجماعة على قبول اتفاق وقف إطلاق النار.
من جانبه قال د.طلال الحربي، الكاتب والمحلل السياسي السعودي من الرياض إن:
"لهجة سمو الأمير محمد بن سلمان الأخيرة تجاه إيران تأتي في إطار نهج المملكة التصالحي مع الدول الصديقة والجارة، وإيران دولة جارة ولها أهميتها، لافتًا إلى أن السعودية لم تعاد إيران، وإنما إيران هي التي تملك أجندة مذهبية وسياسية غير مرضية للرياض".
وأشار الحربي إلى أن "هذا الموقف لا يرتبط بأجندات أمريكية أو غير أمريكية تجاه إيران، فللرياض استقلاليتها الوطنية واستقلالية قراراتها النابعة من مصلحتها الوطنية".
وأضاف الحربي أن "الأمر لا علاقة له أيضًا بالحرب في اليمن، فمنذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب هناك أعلنت الرياض أنها لا مصلحة لها في اليمن وأنها تحمي حدودها فقط، مؤكدا أن إيران لها علاقة غير مفهومة مع الحوثيين الذين نطمع ان يغلبوا المصلحة العربية كما قال الأمير محمد بن سلمان.
أما د.حسين ريوران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران فأكد أن:
"إيران لا يسعها إلا أن ترحب بأي بادرة حسن نية من المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن الرياض تعيد بذلك تموضعها في المنطقة بعد جملة تغيرات طالت المنطقة، مشيرًا إلى أن الحرب في اليمن كادت تضع أوزارها، فضلًا عن الاتفاق النووي الذي كاد يعود لمساره السابق، كل ذلك دفع الرياض لأن تتخذ موقفًا مختلفاً عما سبق".
وأشار ريوران إلى أن "إيران لم تضع شروطا لعودة العلاقات مع السعودية لكن السعودية هي التي تضع شروطا من قبيل الحديث عن برنامج إيران الصاروخي أو سياسات طهران الخارجية، لافتًا إلى ان من حق إيران في هذه الحالة أن تتحدث عن تسليح السعودية الذي يصل إلى سبعين مليار دولار، وهو ما لم يحدث".
من جانبه أشار الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى أن:
"الموقف السعودي الأخير يرتبط بالتغييرات التي جرت في مجرى العلاقات السعودية الإقليمية، وما جدَّ على الملف النووي الإيراني لافتًا إلى أنه خطاب سياسي جيد ومتوافق مع توجهات المملكة في المرحلة القادمة
وأشار فهمي إلى أن هناك مقايضات إقليمية متوقعة في المرحلة المقبلة تنطوي على تنازلات من كل طرف، لافتًا إلى أن المقاربة الأمريكية في المنطقة ستدور حول هذه النقطة، مؤكدا أن إسرائيل ليست بعيدة عن هذه الترتيبات".
وأضاف فهمي أن "خيار التهدئة هو الذي سيسود في المرحلة القادمة، كما أن التقارب السعودي مع طهران سيكون في البداية ثنائيًا ومن الوارد أن يكون في إطار أوسع خليجي أو عربي".
المزيد من التفاصيل في حلقة الليلة من برنامج "بوضوح"...