على الرغم من أن لقاء مجموعة دعم سوريا في فيينا مؤخراً لم يفض الى النتائج المرجوة من أجل البدء بعملية الحل السياسي في سوريا في شكله العام. إلا أن المؤتمر الصحفي الذي عقده كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
كان النقطة الأهم في هذا اللقاء انطلاقا من التقارب، والتناغم الإيجابي الذي جاء في إطار تصريحات كلا الوزيرين. ولم يكن هذا اللقاء كغيره من اللقاءات التي عمدت خلالها الولايات المتحدة الى تقطيع الوقت، أو اللعب على رهانات تخدم مصالحها وتجعل النتائج عبثية. فعلائم الرضى على وجهي الوزيرين تحدثت كثيراً عن أن الطرفين توصلا بالفعل الى اتفاق ضمني لحل القضية السورية، وما يؤكد ذلك هو أن الوزير كيري لم يكن حاداً أو مكيلاً للاتهامات لهذا الطرف أو ذاك على غير عادته، وخاصة تجاه سوريا والقيادة السورية.
فلم يتطرق الى رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، لا بل دعا كيري الرئيس الأسد الى الإسراع في الإصلاحات السياسية. وهذا أمر طبعاً غير متوقع من الولايات المتحدة التي لم توفر جهداً لإسقاط الحكومة السورية وعلى رأسها الرئيس الأسد. ومن هنا اذا نفهم أن تصريحات المبعوث الدولي الى سورية استيفان ديمستورا، حول أنه من المؤمل جداً أن يتم إعادة إطلاق المحادثات السورية السورية في جنيف في نهاية شهر رمضان المبارك. وبالمقابل نرى أن جميع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وعلى رأسهم تركيا والسعودية في حالة يرثى لها من التخبط السياسي الداخلي، ويمكن أكثر من ذلك فالوضع الأمني والاجتماعي في تركيا في تدهور دائم في ظل الأحداث التي تجري داخل البلاد والحديث عنها يطول.
أما السعودية فبعد إعلان أكثر من ستين فصيلاً مسلحاً ولائه لما يسمى بالدولة الإسلامية، وقرب هروب هذا التنظيم من العراق وسورية الى ليبيا او السعودية، يدل بالفعل مع الأخذ بعين الاعتبار كل ماتحدثنا عنه آنفاً، يدل على أن العد العكسي لحل الأزمة في سورية قد بدأ بالفعل. بدء الحل بالطبع مرهون بمدى استمرار التوافق الروسي الأمريكي، والقدرة على إنجاح لقاء جنيف القادم على الرغم من عدم توفر أحد العناصر الأساسية لعقد هذا اللقاء.
وأول هذه العناصر التوافق النهائي على لائحة المنظمات الإرهابية التي يجب محاربتها ومنعها من المشاركة في المحادثات السلمية في جنيف، وهذ ما سيقض مضجع تركيا والسعودية اللتين بالأساس تدعمان هذه المجموعات بموافقة وإشراف أمريكي لا حدود له في السابق. لكن في ظل التحول الأمريكي الذي نشهده حالياً، قد نرى حلقة جديدة من حلقات تنصل الولايات المتحدة من تعهداتها لحلفائها، الذين خذلوها في تحقيق أو تنفيذ ما جرى التخطيط له على مستوى المنطقة وفي سورية تحديداً لحماية المصالح الأمريكية.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم