التغيرات والتطورات الحالية التي تلف الحالة السورية انعكست بشكل كبير وواضح على الساحتين الميدانية والسياسية. أما على الساحة الميدانية فقد أعطى الرئيس بوتين إيعازاً للقوات البحرية والجوية الروسية المتواجدة في سوريا لبدء هجوم واسع النطاق وقابل للاتساع أكثر في كل من حمص وإدلب وحلب، حيث استهدفت مقرات ومراكز ومستودعات تنظيم "داعش" الإرهابي و"جبهة النصرة" وغيرها من المجموعات الإرهابية الأخرى، التي استنفذت معها كل الفرص للوصول إلى حل، أو اتفاق أو هدنة من شأنها على أقل تقدير إخراج المدنيين من المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية. بالطبع هذه العمليات سيكون لها تطورات وتبعات جديدة ذات أهمية كبيرة خلال المرحلة القادمة. أما من الناحية السياسية فتجري في موسكو وفي سورية لقاءات متعددة بين ممثلي المعارضة السورية الخارجية والداخلية بكل أطيافها وتوجهاتها، ومنها ما هو معلن ومنها ما هو طي الكتمان حتى اللحظة، وبطبيعة الحال لم تأت من فراغ الدعوات إلى البدء بتحريك عجلة العملية السياسية في سورية في أسرع وقت بالتوازي مع مكافحة الإرهاب. وهذه الدعوات تدعمها معظم أطراف المعارضة السورية ماعدا التي تسير في إطار محددة لتحقيق أجندة إقليمية ودولية باتت معلومة لدى الجميع من خلال أذرعها المسلحة التي مازالت حتى اللحظة ترفض أي تسوية، وهذا ما دفع الطرفين السوري والروسي وحلفائهما إلى البدء بعملية عسكرية ضخمة في المناطق التي تتواجد فيها هذه المجموعات الإرهابية المسلحة.
أما من الناحية السياسية، فالعملية السياسية بشكل عام كانت إلى حد ما شبه متوقفة بسب الأعمال الميدانية المستمرة جراء التعنت الأمريكي للمبادرة الحالية، والاستمرار بدعم المجموعات الإرهابية المسلحة، التي رفضت كل الهدن التي اقترحتها روسيا ووافقت عليها الحكومة السورية، لأجل إيجاد مخرج نحو الحل السياسي وإيقاف العمليات القتالية على كافة الجغرافيا السورية. لكن دون نتيجة وهذا ما دفع بالدولة السورية والحليف الروسي، ومن معهما من شركاء في الحرب على الإرهاب، التوجه نحو عملية مشتركة واسعة النطاق، بعدما استنفذت كل فرص التوصل إلى إيقاف الأعمال القتالية من طرف المجموعات الإرهابية المسلحة. وظهرت بالتوازي دعوات لعقد مؤتمر سوري سوري، ولكن دون توافق عام على زمان ومكان هذا المؤتمر. كما لم تتكشف أي معلومات دقيقة حول صحة الأنباء الواردة حوله وحول من دعا إليه أو من رفضه، وانتشرت العديد من التصريحات بهذا الشأن من أطراف مختلفة للمعارضة السورية في الداخل والخارج.
اليوم في هذه الحلقة ومن خلال حوارنا مع رئيس وفد معارضة الداخل إلى محادثات جنيف، نستطلع رأي معارضة الداخل السوري حول هذه التطورات وماهية أو حقيقة هذا المؤتمر، وإلى أي حد يمكن بالفعل السير بهذا الاتجاه في ظل الظروف الحالية سواء على مستوى المعارضات أو على المستوى العام والشامل للقضية السورية.
التفاصيل في حوارنا مع الدكتور إليان مسعد الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني من أجل سوريا علمانية ورئيس هيئة العمل الوطني في سوريا ورئيس وفد معارضة الداخل إلى محادثات جنيف.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم