نقدم لكم اليوم تحليلاً مختصراً، يمكننا من أن نصل من خلاله إلى الرؤية المستجدة في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً
جرت المحادثات مع الرئيس بوتين في ظل تداخل القوى الإقليمية والدولية الحالي في أزمات وملفات المنطقة، والتي تمثل سورية حالياً مركزها، من هذا المنطلق نحاول أن نقدم صورة عن تعقيدات المرحلة الراهنة في إطار محاولات إسرائيل للحصول على دور ما في هذه الملفات، واستغلال الأحداث لتحقيق بعض أهدافها، وأهمها تحييد كل من إيران وحزب الله من المعادلة الإقليمية، عبر إخراجهم من سورية بقوة الرهان والمساومة. كما ونتطرق أيضاً الى موقع قضية الجولان السوري المحتل من هذه التطورات والموقف الروسي منها.
فهل يمكن لنا أن نقول إن زيارة بنيامين نتنياهو فاشلة، ولم تحقق أدنى حد من أهدافها بناء على طريقة وأسلوب تعاطي الرئيس فلاديمير بوتين مع القضايا المطروحة؟
هل كانت ردود القيادة الروسية على طلبات نتنياهو كافية لتهدئة الأطراف الإقليمية بعد التهديات الإسرائيلية بقصف حزب الله من سورية وفي لبنان، وصولاً الى قصف إيران واتهامها بمحاولة إبادة اليهود كما جاء على لسان نتنياهو؟
دقة وحساسية الموقف الروسي تجاه قضية الجولان السوري المحتل والذي حاول نتنياهو البت فيها من طرفه قبل القدوم الى موسكو للقاء الرئيس بوتين؟
ما مدى ثقة الأطراف المعنية بالمواجهة مع إسرائيل بروسيا وبالمواقف الروسية تجاه قضاياها في ظل المتغيرات الحالية؟
يقول مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية الدكتور محمد صالح صديقيان:
يجب علينا أن نتفهم العلاقة بين روسيا وإسرائيل، روسيا دولة كبيرة وهي إحدى دول مجلس الأمن الدولي وهي لديها علاقة جيدة مع إسرائيل، ومع إيران إيضاً، ونتفهم المصالح الروسية، سواء كان مع إيران، أو مع إسرائيل، لكن أعتقد أن رد الرئيس بوتين على ما قاله نتنياهو غير كاف، خصوصاً أن إيران دولة حليفة ، ولديها علاقات إستراتيجية مع روسيا وخصوصاً في سورية ، ونعلم أن إيران وقفت كثيرا مع روسيا من أجل إنجاح الدور الروسي في سورية ، وإسرائيل تعتبر إيران وحليفها حزب الله عدواً رئيسياً لها في المنطقة ، لذلك أرادت إسرائيل تحجيم إيران وحصر الدور الإيراني داخل حدوده.
وتابع الدكتور صديقيان قائلاً:
هناك تعاون كبير بين روسيا وإيران وحزب الله في سورية ، وهذه الإنجازات التي تحققت في حلب وما بعد حلب ، وكل الجهود الدبلوماسية التي تنتهجها روسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا في أستانة وفي جنيف، ساهمت فيها إيران وكانت إيران صديقا وفياً لروسيا ، وبالتالي كان الإيرانيون يتوقعون أكثر مما تحدث به الرئيس بوتين مع نتنياهو.
ثم أضاف الدكتور صديقيان:
وختم صديقيان حديثه قائلاً: إسرائيل تريد شرق أوسط مفتت مجزء إلى دول متناحرة ، ونرى تدخلات إسرائيل أيضا في العراق ودعم الأكراد في شمال العراق وغيرها.
وبهذا الصدد قال الدكتور جورج جبور :
تعرف روسيا كيف تتعامل مع الجميع في المنطقة ، والدبلوماسية الروسية ذكية وحريصة على أن يكون لها وجودها مع كافة الأطراف الفاعلة في المنطقة .
روسيا تعرف أيضاً ما ينبغي أن يكون عليه الأمر بالنسبة لسورية في علاقاتها مع بلدان المنطقة ، وروسيا تعلم أن الوضع في سورية إنما يقرره السوريون بأنفسهم ، ولا يمكن أن تقبل روسيا أي تدخل خارجي في الإرادة السورية ، الإرادة السورية يصونها السوريون ويصونها أصدقاء سورية ، وفي مقدمتهم روسيا وإيران ، وفي طليعتهم كذلك الأمر أولئك الذين يتفهمون ويقدرون إرادة السوريين من العرب ، وفي طليعتهم العراق والجزائر ولبنان ، وهناك دول عربية تدعو الى عودة سورية الى الجامعة العربية ، ويدعون الى حضور سورية لقاء القمة العربية القادم ، وبالتاكيد هذا المطلب هو في صالح القضايا العربية ككل وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، يأتي هذا العام لتكون الذكرى المئة لصدور وعد بلفور المشؤوم.
وبخصوص قضية الجولان السوري المحتل يقول الدكتور جبور:
الجولان أراضي محتلة ، وهذه الأراضي المحتلة بمقتضى القانون الدولي ومقتضى قرارات الأمم المتحدة ، بما فيه ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومحكمة العدل الدولية وكل من هو على ارتباط بالأمم المتحدة وبفلسفة الأمم المتحدة.
الجولان أرض سورية محتلة وينبغي أن تعاد الى سورية بالكامل ، والموقف الذي اتخذه الرئيس حافظ الأسد خلال لقائه مع الرئيس كلينتون في عام 2000 هو أن هذه الأراضي المحتلة يجب أن تعود كاملة غير منقوصة ، هذا هو الموقف السوري ، الموقف الذي يدعمه القانون الدولي ، والقانون الدولي واجب التنفيذ وما نعلمه أنه لم ينفذ ، وما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي إنما هو مخالف للقانون الدولي ومناقض لسياسة الأمم المتحدة ، ومناقض لسياسية الاتحاد الروسي ، حين قال نتنياهو هذا الكلام قبل أن يذهب الى روسيا ، كأنه كان يمهد لموقف جديد من قبل روسيا تجاه الجولان ، وبالطبع روسيا لن تغير موقفها من قضية الجولان.
وختم الدكتور جبور حديثه قائلاً:
أنا لا أشكك في سياسة روسيا وموقفها ، وأنا متابع ومعجب بسياسة الرئيس بوتين وبما يفعل ويقول ، معجب بتصرفاته الهادئة والمتزنة ، وبدبلوماسياته التي تضع خير العالم كله في حسبانها ، وبالطبع مصلحة الاتحاد الروسي أيضاً ، لكن فلنقل إن الذين يشوشون على سياسة الرئيس الروسي كثر وأن الرئيس بوتين بسياسته المستنيرة العاقلة والمنسجمة مع القانون الدولي تكتسب مزيدا من المؤيدين في العالم.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم