نناقش اليوم التطورات الراهنة من جهة أوروبا على المستويين الشعبي والرسمي تجاه القضية السورية، وخاصة بعد قيام عدة وفود أوروبية خاصة في الفترة الأخيرة بزيارات الى سورية والمناطق الساخنة فيها، ولقاءات هذه الوفود مع عامة الشعب ، ومع الجهات الرسمية السورية ، وعلى رأسها مع الرئيس السوري بشار الأسد ، والتي نتج عنها كما ورد وعود بالعمل على تصويب الرأي العام الأوروبي بما يخص الأحداث الدائرة في سورية ، كما وعدت بعض هذه الوفود بالعمل على رفع الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية من خلال التوجه إلى حكوماتها ومنظماتها الفاعلة في هذا الشأن.
والى أي حد يخفف هذا الوعي من عبء الآلام التي يعانيها الشعب السوري في هذه الازمة ويصوب الموقف الأوروبي إذا ما تم استثماره بشكل إيجابي بالإرتكاز على الإدارك الأوربي لأخطائه في التعامل مع الأحداث في سورية؟
وبالتالي ماهي منعكسات هذه المتغيرات التي تعتبر في صالح الدولة السورية الى حد معقول على الوضع السوري بشكل عام وكيفية إستثماره لصالح سورية؟
وكم تساعد هذه التحولات الجزئية على دفع عملية الحل السياسي وإيقاف النزاع والحرب على سورية مع الأخذ بعين الإعتبار توافق وتضارب مصالح هذ الدول التي نشهدها إقليميا ودولياً ما أدى الى تأخير الحل السياسي؟
يقول الباحث السياسي والخبير بالشأن السوري الدكتور محمد سيد أحمد:
أعتقد أن التحولات القائمة حالياً في الموقف الأوروبي جاءت كنتيجة للإنتصارات الميدانية التي يحققها الجيش العربي السوري ،وفشل المؤامرة ، والجميع بات يعلم أن المؤامرة على سورية فشلت بالفعل ، ونحن نعلم أن لأروبا مصالح في المنطقة ، ولديها مصالح في سورية ، وكذلك الأمر لها مصالح مع روسيا ،وكان هناك مشروع تمرير أنبوب الغاز القطري وهذا المشروع فشل مع فشل المؤامرة ، ومن هنا فنرى أن دول الإتحاد الأوروبي تسعى وبناء على مصالحها الى الحفاظ على علاقتها م روسيا ، فهي بحاجة الى الغاز الروسي ، والى الطاقة. لم تعد المسألة غامضة أمام الرأي العام الأوروبي ، وهناك أصوات كثيرة في أوروبا أدركت ماحدث ، عدا عن ملف اللاجئين السوريين في بلدان الإتحاد الأوروبي ، الذين باتوا يشكلون عبئاً كبيراً على بعض دول الأإتحاد ، ويتسببون لهم بالمشاكل. ومن هنا شعرت بعض الدول أنه لابد من عودتهم إلى الوطن الأم ،وهنا رأينا أن ضغط الرأي العام الأوروبي له دوره أيضاً.
وأردف الدكتور أحمد : أنا أعتقد أن هذا الرأي العام المتشكل حالياً وضحت بالنسبة له الأمور ، وأنا برأي المجتمع الأوروبي يمكنه أن يضغط على حكوماته ، كونه المتضرر الأول من سياساتها،والمشكلات التي تقع فيها خاصة أنهم دعاة حرية وإستقلال وحقوق إنسان فلا يمكن أن يكونوا من المشاركين في تدمير مجتمعاتهم ، وتدمير دول وشعوب دول أخرى تتمتع بحريتها وإستقلالها وبحقوقها الأساسية في الحياة ، وأعتقد أن هذه الأمور يمكن أن تلعب دوراً هاماً من خلال الضغط الشعبي خلال الفترة القادمة ، لتغيير الحكومات الأوروبية مواقفها في الفترة القريبة القادمة .
ولابد لهذه الحكومات أن تعترف بفشل المؤامرة ، وأن تعترف إعترافاً حقيقياً بإنتهاء هذه المؤامرة بفضل صلابة الشعب السوري و ، وصلابة الموقف الرسمي ، وصلابة الجبيش في مكافحة الإرهاب ومواجهة المؤامرة.
رئيس تحرير موقع "ميدلاين نيوز" الفرنسي طارق عجيب قال:
نعم لفرنسا دوراً فيما يجري في سورية ، لكن المشكلة ليست فقط في أن هناك سعياً لتوضيح الصورة الحقيقية ، أو يكون هناك مجال لوسيط أو بداية لنقل الصورة الحقيقية ، وإظهار الأسباب الصحيحة لما يجري على الأرض إلى الشارع الأوربي ، ومن ثم إلى المسؤولين والسياسيين.
ويتابع السيد عجيب قائلاً:
الحقيقة أن بعض القادة ، أو الدول الأوروبية هي شريكة فيما يجري في سورية ، وهنا يجب التعاطي في الإستفادة من الفرص التي بدأت تتضح ، وهذه النقاط التي يجب أن نبني عليها من خلال الشارع للضغط على الحكومات. يجب أن يعرف الشارع الأوروبي أن ماقامت به حكوماته ينعكس عليه سلباً ، وينطلق من منطلق أوروبي إنساني ، على محمل أن أوروبا هي صاحبة نظريات حقوق الإنسان ، والحريات والدفاع عن الضعفاء ، وكل هذه الشعارات الكبيرة ، التي ترفعها الحكومات الأوروبية.
وأردف عجيب: أوروبا يجب أن تكون صادقة في تطبيق هذه الشعارات ، ومن هنا فمن المهم جداً العمل لدعم هذه الإجراءات ، والحقوق البسيطة ، والبدايات التي بدأها الرأي الأوروبي في الوصول إلى سورية ، للإطلاع على مجريات الأحداث على أرض الواقع ، وهذا يساعد الشارع الأوروبي في الضغط على حكوماته الشريكة فيما يجري في سورية ، لأجل أن تتوقف عن دعم المجموعات المسلحة بحجة أنها معارضة معتدلة ، والتوجه نحو رفض الإرهاب ومكافحته ، وبالتالي التوجه نحو الحل السياسي والخروج من الأزمة.
ويستطرد عجيب قائلاً:
هذا يدل على وعي حقيقي ووجود الرغبة في الإطلاع على مجريات الأحداث ، وهذه ليست مجرد وفود ولو أن بعض الوفود فيها شخصيات لديها مصالح معينة ، وهذا أمر طبيعي في الوفود السياسية، والغالبية العظمى في هذه الوفود هي شخصيات وازنة في المجتمع الأوروبي، وهي شخصيات إعتبارية لها حضورها الإجتماعي والثقافي ، وبطبيعة الحال السياسي ، وفي مجال حقوق الإنسان ،ولك هناك عوامل سياسية ، وممارسات إستخبارية في إدارة لعبة الدول ، ولعبة الأمم ، التي تجري في كل الأمم وأهم ساحاتها حالياً في سورية ، وهذه الإجراءات أكيد سيكون لها دور ، ومجرد القبول بها وعدم إعتراضها ، والتعامل الإيجابي معها وعدم التعاطي السلبي نحوها ، يدل عل تغير ولو بشكل بسيط في سياسات الحكومات الأوروبية ، وسيكون له تأثير على المدى المتوسط حتى لا أقول القريب.
وحول أهمية إستثمار هذه التطورات لصالح الحل السياسي في سورية يقول السيد عجيب:
يمكن لسورية أن تستثمر هذه التحولات الإيجابية من خلال إدارة ال‘لام بشكل أكثر كفاءة ، بحيث يكون هناك توارد كبير للوفود ، وإفساح المجال لمثل هذه الوفود ووفود أخرى لدخول سورية ، والتي بدورها ستنقل الحقيقة كما هي من أرض الواقع.
رفع الكفاءة ليس فقط كدور لوسائل الإعلام السورية بقدر الوصول إلى وسائل الإعلام غير السورية ، ونشر الصور الحقيقية لما يجري من أحداث ، ونشر الحقائق ، وتفنيد ماتنشره وسائل الإعلام الغربي ، بحيث تدفع بإتجاه رفع هذا التقييم من خلال إفساح المجال إمام ادارة دول هذه المجموعات والتيارات والأحزاب الراغبة في الوصول الى سورية ، وهذا ماتدعو اليه سورية و مايقوم به الرئيس بشار الأسد ، الذي أعطى الكثير من اللقاءات لوسائل إعلامية كثيرة ليوضح الموقف السوري ، وحقيقة مايجري في سورية ، وحقيقة دور الجيش السوري في مكافحة الإرهاب والدفاع عن العالم كله.
إعداد وتقديم: نواف ابراهيم
