نقدم لكم اليوم عرضاً شاملاً لمجريات الأحداث على الساحتين الميدانية والسياسية، في ظل التطورات الراهنة وخاصة بعد الهجوم الكثيف وعلى محاور عدة من قبل "جبهة النصرة" والمجموعات الإرهابية المسلحة الأخرى، بما فيها الفصائل المسلحة التي شاركت في محادثات أستانا، حتى وصلت هذه العمليات إلى مشارف دمشق وماحولها، حيث تم إشعال جبهات متعددة في مناطق مختلفة من الجغرافيا السورية، أهمها في ريف حماه وما حوله، وتقريبا جميع الجبهات التي تحيط بالعاصمة دمشق، مع الحديث عن دخول ما يزيد عن ألف إرهابي جديد إلى الأراضي السورية عبر الحدود التركية من جهة محافظة اللاذقية.
بهذا الصدد يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد معتز عثمانلي:
الذي يقاتل حالياً على الخط الأول من جبهة قمحانة في ريف حماة أن المسلحين يحاولون الهجوم منذ خمسة أيام ، حيث بدأوا اليوم في الساعة الخامسة فجراً بالهجوم على بلدة قمحانة بالمفخخات التي تم التعامل معها فورا ،
ويتابع عثمانلي قائلاً:
منعنا الإرهابيين من الوصول إلى نقاط حماية البلدة، وهذا الهجوم الكاسح جاء من عدة محاور، من المحور الغربي، ومن المحور الشمالي، والمحور الجنوبي، واستمرت المواجهات لمدة خمس ساعات دارت فيها أشرس المعارك ولم يستطع الإرهابيون اختراق البلدة، الهجوم كان بأعداد هائلة جداً منذ خمسة أيام لكن اليوم كان الهجوم الأكثر عنفاً، وكبدنا الإرهابيين عددا كبيرا في القتلى هم بالعشرات ويمكن بالمئات من خلال كثرة السيارات التي تأتي لنقل الجثث، معظم هؤلاء الإرهابيين هم من الأجانب بينهم أفغان وتونسيين وقوقازيين، ومعظمهم من الانغماسيين، وهم من يسمونهم بقوات النخبة، جبهتنا هامة لأنها مفتوحة على طيبة الأمام وحلفايا وصولاً إلى الريف الإدلبي نحو الحدود التركية، الأهالي بخير جميعا وقد تم قبل يومين نقل الأطفال والنساء إلى مكان آمن في حماة.
وأردف عثمانلي يقول:
هم أرادوا السيطرة على بلدة قمحانة لموقعها الاستراتيجي الهام، فهي بجانب جبل زين العابدين وهو منطقة استراتيجية هامة بالنسبة لحماة، ونحن في قمحانة نشكل خزان وطني لن نسمح بدخولهم البلدة، ولو حصل لا سمح الله اقتحام أو اختراق لبلدة قمحانة، فإن الوضع سيكون صعبا، وستحدث مشكلة كبيرة، لأن قمحانة تعتبر خط الدفاع الأول في حماة ومسار حماة، ويصبح الوضع أصعب ، لكن الحمد لله حتى اللحظة الأمور جيدة والمدافعون عن البلدة سطروا ملاحم بطولة سيذكرها التاريخ والأمور جيدة.
وختم عثمانلي قائلاً:
كل ما يشاع غير ذلك من أخبار فهي كاذبة وغير صحيحة هدفها الإساءة إلى الجيش العربي السوري والحلفاء وإضعاف المعنويات، نحن من أرض المعركة ننقل لكم الحقيقة، وماعدا ذلك فهو كذب ومحض افتراء، والهجوم الكاسح الأول انتهى ولم يفلحوا، ولن يفلحوا في تحقيق أي تقدم، أهل قمحانة صامدون والجيش العربي السوري والحلفاء صامدون.
من جانبه الباحث والمحلل السياسي عمار فاضل يقول:
اليوم التركي يتخادم مع السعودي والقطري سواء من خلال التحالف في جوبر عبر تحالف "الإخوان المسلمين" مع هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى تحالف الفصائل في ريف حماه الشمالي والشمالي الغربي ، هذا يؤكد أن جنيف "5" في عداد الموتى كما كان جنيف "4" ، لتضع سلة ديمستورا ومكافحة الإرهاب ومسار أستانة وصولاً الى إجتماع طهران على المحك، خاصة مع وجود تصريح لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو حول أنه في حال فشلت الولايات المتحدة في تحديد من هو إرهابي ومن هو معتدل فإن روسيا ستتعامل مع المجاميع الإرهابية المسلحة.
وأشار الدكتور فاضل إلى أن الوضع يشير بشكل واضح الى إنقلاب في الموقف التركي ، الذي لم يشارك بشكل جدي وفاعل وإنما كان يناور على الساحة السياسية ، مايعني إنقلاب على تفاهمات أستانة وبالتالي هو فقط يناور من أجل تموضع إقليمي جديد ، وجاء الإنقلاب على تفاهمات أستانة من خلال مجموعة من الفصائل التي كانت مشاركة في أستانة سابقاً إلى جانب هيئة تحرير الشام يعني جبهة النصرة سابقاً وهي المصنفة إرهابياً في السياق الدولي.
خلال أستانة "1" و في ظل خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الساحة الدولية في فترة إنشغالها بالإنتخابات الداخلية ، إستطاعت روسيا أن تحقق تموضع إقليمي أو إستعياب أمني على مستوى الإقليم ، أما اليوم نرى أنه وبعد وصول ترامب الى سدة الحكم حدث إنقلاب أستانة "2" مروراص بأستانة "3" ، وكان التركي عراب هذا الإنقلاب ، والإعلان عن مشاركة تركيا مع الأمريكي في معركة الرقة يحيل إلى أن الأتراك يعيدون التموضع الإقليمي ، كما ويعاني التركي اليوم من خلافات إقليمية ودولية ، فهو على خلاف مع الإيراني ، وهو على خلاف مع دول الإتحاد الأوروبي.
وأردف الدكتور فاضل يقول: ما يجري الآن هي محاولة التفاف تركية سعودية قطرية على التفاهمات التي ستحصل في طهران بتغيير القاعدة الجغرافية لهذه الفصائل، وما يجري على الأرض السورية هو تضامن سعودي تركي قطري، هدفه إنهاء مسار أستانة بالمطلق والعودة بالوضع السوري إلى عام 2013، وهذا ما لن يسمح به، والواضح أن الروس وجهوا رسائل قوية وواضحة من خلال مشاركتهم الفعالة في ريف حماه الشمالي وفي غير مناطق.
وبالمجمل وبالعودة الى جنيف قال الدكتور فاضل: ديمستورا قسم سلته إلى قسمين، مناقشة موضوع الإرهاب ومناقشة الحكم في سورية، ولكن كما تابعنا فإن نصر الحريري قد تحدث بشكل واضح عندما قال أنه لن يتم الحديث عن مكافحة الإرهاب قبل أن يتم الحديث عن مسألة أو تنفيذ الحكم الانتقالي ما يعني أن الإرهاب سوف يستمر.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم