في ظل التطورات الحالية بكافة جوانبها هنا لابد من إضاءة المستجدات الحاصلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
مدى تأثير كل هذه التطورات على إمكانية نجاح لقاءات استانة القادمة ونجاحها من عدمه؟
تركيا تحشد قوات كبيرة من جيشها في مارع السورية، فما هي الخطط التركية وماهو انعكاسها على لقاءات أستانة القادمة؟
النقطة الأخرى ترتبط بجبهة الجنوب حيث كان هناك تحذير من روسيا للتحالف الدولي حول إمكانية قيام فصيل تابع للتحالف الدولي باستخدام السلاح الكيميائي في درعا، والجبهة الجنوبية أحد أركان أستانة، وأستانة تعقد اجتماعاتها بعد أيام قليلة إذا ماهو مصير أستانة؟
النقطة الثالثة حول قيام الولايات المتحدة بنقل قوات محسوبة عليها من التنف إلى منطقة الشدادة، فهل تريد أمريكا حصار دير الزور قبل أن يصل إليها الجيش السوري؟
يقول الخبير العسكري الاستراتيجي العميد علي مقصود بهذا الصدد مايلي: لا شك بأن التطورات التي شهدها الميدان السوري وخاصة على الاتجاه العملياتي الاستراتيجي الشرقي في البادية السورية وكذلك في الجنوب السوري، هو الذي حدد هذه النبرة وهذه الهجمة الأمريكية التي شعرت بأن مشروع وسيناريو سيطرتها على هذا الشريط الممتد من الرقة إلى الحدود السورية الأردنية في الجنوب السوري قد أسقطت وأتلفت كل الأوراق التي كانت أمريكا قد استثمرتها واستخدمتها لإنجاز هذا الهدف.
واستطرد العميد مقصود بحديثه قائلاً: الأمر الثاني أن الهدف الآخر المرتبط بهذا الهدف هو الهدف الإسرائيلي أن يبقى هذا الإطار الممتد من حدود سورية مع فلسطين المحتلة أي من الجولان السوري المحتل إلى المثلث السوري الأردني العراقي أن يبقى تحت سيطرة الأدوات الإرهابية المرتبطة بهذا الكيان الصهيوني وإعلان إسرائيل تحقيق هدفها التوراتي وهو حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل، فسقوط كل هذه الأهداف ووصول القوة العراقية مع الحشد الشعبي لتلتقي على الحدود السورية العراقية مع الجيش السوري والحلفاء هذا يعني بأن المحور المقاوم تكامل بناءه بإقامة الطريق المتدد من طهران بغداد دمشق إلى بيروت، وبهذه اللحظة قطع الطريق أمام السيناريو الأمريكي ولم تتمكن من الدخول في أي معركة مع الدواعش لذلك خسروا أي مقدرة على إملاء فراغ أي منطقة يخليها الدواعش.
أما عضو المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية الأستاذ سومر صالح فيقول: المتغيرات الميدانية والمخططات العدائية ضد الدولة السورية من قبل تركيا والولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي قبيل أستنانا "5" لا تنبىء بأن الجولة الخامسة من أستانا ستنتتج الكثير، هذه الجولة هي حاسمة لمجمل هذا السياق فالفشل في تبني خرائط واضحة لمناطق خفض التوتر يعني عمليا انتهاء مفاعيل هذا السياق برمته.
وأضاف الخبير صالح قائلاً: الولايات المتحدة كانت جادة في توجيه ضربة عدائية ضد الدولة السورية، ولكن الرد الروسي بالتوعد بالرد المناسب، والتهديد الإيراني والاستعداد السوري أجهض الضربة الأمريكية، وهذا يدل على أن النوايا الأمريكية هي تقوبض سياق أستانا، وتأكيدا على ذلك أصدرت ما تسمى "فصائل الجنوب" بيانا أعلنت مسبقا عدم ذهابها إلى جولة أستانا "5".
واستطرد الخبير صالح قائلاً: تركيا من جهتها بدأت بالتحشيد في مارع ودارة عزة السورية وضمن مخططاتها احتلال مناطق تسيطر عليها القوات السورية في نبل وهذا يعني أن النوايا التركية وهي بطبيعة الحال ضامن في سياق أستانا هي تقويض هذا السياق وليس الدفع باتجاه إنجاح الجولة الخامسة تماهياً مع العدوان الأمريكي المحتمل ضد الدولة السورية.
وختم الخبير صالح بالقول: مع تغير المعطيات بالتراجع الأمريكي عن الضربة العدائية أصبحت تركيا والأردن في موقف صعب أمام روسيا في سياق أستانا، وأنا أعتقد أن كل شيء بما يخص الكباش الإقليمي والدولي في الأزمة السورية بات معلقا بانتظار لقاء (ترامب-بوتين) في 7-8 تموز 2017 على هامش قمة مجموعة الـ20 في ألمانيا، التي ستحسم الكثير من القضايا المعلقة حول تسويات مرتبطة بالملف السوري، وسيعقب هذا اللقاء المهم جولة سابعة من جنيف لمسار الحل السياسي في سورية، وإلى ذلك الوقت تتسارع الخطوات من قبل كل الأطراف لتسجيل نقاط يمكن الاستفادة منها في جولات التسويات المترابطة في الملفات المتأزمة ولكن يجب الحذر من النظام التركي الذي قد يعمل على خلط الأوراق مجددا في الشمال السوري لإعادة التفاهمات مع روسيا إلى نقطة الصفر مستغلا إمكانية التقارب بين الولايات المتحدة وروسيا في هامبورغ بعد قمة العشرين.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم