إعداد وتقديم نواف إبراهيم
نقدم لكم اليوم تصوراً واقعياً آنياً لمجريات الأحداث في سوريا ونحاول استشراق الحالة السورية انطلاقا من المتغيرات الجارية في ظل التطورات الأخيرة على الصعيدين الميداني والسياسي، حول ماهية هذه المتغيرات وأبعادها، وإلى أي مدى الأوضاع تتجه نحو الأفضل بفضل الانتصارات والاتفاقات التي يتم التوافق عليها بأشكال مختلفة بهدف تجميع الإرهابيين في إدلب، عدا عن السياسات الأمريكية وتحركات حلفاء أمريكا في الساحتين الميدانية والسياسية ومدى تقبلها أو رفضها من الجانب السوري والروسي وباقي الحلفاء.
حول هذه المحاور نستضيف في حلقة اليوم كل من الخبير العسكري الإستراتيجي العميد علي مقصود
والكاتب والمحلل السياسي أحمد صوان
يقول الخبير العسكري الاستراتيجي العميد على مقصود:
في الحقيقة إذا كان هناك ضباية في الصورة على سلوك الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في سورية وبشكل خاص في السلوك على الأرض فعلاً يمكن أن يثير هذا الأمر الريبة والغموض، لكن دعني أتحدث بموضوعية، السلوك الأمريكي هو انعكاس وتجلي للمعادلة الميدانية وموازين القوى التي تم إنتاجها في المعركة الأخيرة التي يمكن أن تعتبر المعركة الفاصلة باعتبار أن في هذه المعركة كان لابد من أن يكون هناك طرفا منتصرا وأن يتم قطع الطريق على تكامل المحور المقاوم والممتدد من طهران بغداد الى دمشق إلى بيروت، لم تنجح الولايات المتحدة فعلياً في السيطرة على هذا الكوريدور وأن يكون هناك فعلاً نفوذاً أو دوراً لحلفائها ومايسمى بجيش سورية الجديد في ملىء الفراغ في المفاصل التي يتواجد فيها الدواعش فتكون أمريكا حققت أهدأفها، حيث أنه استطاع المحور المقاوم من الطرف الآخر أن ينسف ويمزق كل هذه الخرائط ويهزم كل هذه السيناريوهات.
وأردف العميد مقصود:
استطاع المحور المقاوم أن يحول حلفاء الولايات المتحدة وقواتها إلى قوات مشلولة وتمكن من إزالة السواتر من الحدود العراقية السورية، وإقامة رأس الجسر على هذا الرصيف الإقليمي ليكمله في المعركة الأخيرة في عرسال وجرودها، حيث كان هناك تنسيقاً كاملاً بين الجيش السوري والمقاومة والذي فرض تلقائياً أن يكون هناك تنسيقاً وتعاوناً مع الجيش اللبناني وأيضاً مع الحكومة اللبنانية ما أدى إلى إخراج جبهة النصرة التي كان هناك تعويلاً على تعويمها بدلاً من الدواعش ولكن هذه الهزيمة الأخيرة أسقطت هذا المشروع.
وأضاف العميد مقصود:
مانشاهده الآن من سلوك أمريكي ما هو إلا لحفظ ماء الوجه وترميم هذه المشاريع والخرائط التي وضعها هذا التحالف كي لايسقط بشكل دراماتيكي ويبقي على دور أمريكي فيها، وفي الحقيقة لأجل الانطلاق من النموذج والمشهد السوري ليبنى عليه مشهداً دولياً وعلاقات دولية يمكن من خلاله حفظ أمن واستقرار العالم، لأن خسارة أمريكا في سوريا سيكون لها عواقب على العلاقات الدولية والأمن والاستقرار العالميين.
ومن الجانب السياسي فقد علق الكاتب والمحلل السياسي أحمد صوان قائلاً:
باعتقادي أن الأزمة في سوريا فعلاً تشهد متغيرات وتحولات نوعية وإيجابية فيما يتعلق بإنهاء الأزمة وبالتالي الدخول بشكل حقيقي في حل سياسي وطني حقيقي أيضا، من خلال مناطق التهدئة التي التي تم التوصل إليها بفضل الجهد المبذول من قبل روسيا الاتحادية وبهذه الحذاقة الدبلوماسية وهذه الجدية والمصداقية السياسية لروسيا الاتحادية، ومع هذا باعتقادي أن القضية الأساسية الأولى هي الانتصارات التي تحققت فعلاً مابين هذا التحالف المقاوم والمكافح للإرهاب المتمثل بإيران وروسيا وسوريا وقوى المقاومة حزب الله والقوى الأخرى الرديفة للجيش العربي السوري، ونحن الآن فعلاً نحصد نتائج هذا المبدأ بالصيغة السورية عندما بدأت معارك الحسم في كثير من المناطق، ونفذ قول الجيش العربي السوري أنه سيكون في المكان الذي يجب أن يكون فيه، وها هو فعلا كان ويكون في المكان الذي يجب أن يتواجد فيه.
وأردف صوان قائلاً:
الانتصارات التي تحققت في سوريا وفي جبال عرسال اللبنانية تؤكد تماماً على أن البوصلة مازالت باتجاه القضاء على المجموعات الإرهابية وفصل هذه التنظيمات الإرهابية عن الميلشيات التي يسمونها بالمعارضة المعتدلة إذا كانت فعلا ملتزمة بميثاق وبنود وتفاهمات مناطق خفض التوتر، وهذا يدلل بالتأكيد على المرحلة الموضوعة في ستة أشهر لهذه المناطق ثم يترتب على ذلك ليس فقط فصل الميليشيات التي كانت تناصب العداء للشعب السوري والجيش السوري والدولة السورية بل أيضاً من من أجل التحالف مع الجيش السوري لمواجهة الإرهاب وإنهاء هذه الأزمة أو الدخول في مرحلة إنهاء الأزمة.
وأضاف صوان:
لقد بدأت هذه المتغيرات تأخذ مرتسماتها على الأرض وفي الفضاء السياسي أيضا، فعندما تقوم الولايات المتحدة بوقف برنامج دعم وتسليح مايسمى بالمعارضة المسلحة المعتدلة، وعندما نرى أن الأمريكيين ينسحبوا من مقرهم في مايسمونه بقاعدة التنف على الحدود السورية العراقية، وأيضا سقوط معادلة الخطوط الحمراء التي كانت وضعتها الولايات المتحدة أمام الجبيش العربي السوري، يقابله إصرار المحور المقاوم على السير معاً في هذه المواجهة، هذا يعني أن الاتجاه الحالي نحو مسار آخر مختلف عن مسار التعقيدات والتشابكات أمام انهيار المجموعات الإرهابية المسلحة
نحن فعلاً أمام تحركات هامة على الأرض ستنعكس وترتسم إيجابياً على الفضاء السياسي وخاصة في إطار الثوابت الوطنية السورية فيما يتعلق بالحل السياسي بين السوريين وبإدارة السوريين.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق.
