يتضح من التطورات الحالية فيما يخص القضية السورية أن الجميع سلم بأن التموضع السياسي لا مفر منه ونقصد هنا بالجميع المعارضات السورية ومن يساندها من دول إقليمية ودولية عجزت على مرّ سبع سنوات من تطويع سورية وحلفائها للسير فيما يخدم مشاريعهم ، حيث أنه وحسب الأنباء الواردة فقد أعلنت المعارضة السورية عن مشاركتها بشكل مبدئي في محادثات "أستانا " بدورتها السادسة والتي تعقد في الأيام القريبة القادمة ، ومن هنا تتبادر إلى الذهن الكثير من التساؤلات المنطقية والتي بات بعضها لا يحتاج إلى النقاش أو الجدال لمعرفة ماهيته ، أهمها:
هل الإنتصارات الميدانية الحالية هي من أجبر المعارضة السورية وطوعتها من أجل المشاركة دون أي تصريحات عن شروط مسبقة للمشاركة كما سبق وكان ؟
هل التصريحات الأمريكية والغربية لعبت دوراً في أن تزعن المعارضات السورية لعملية البدء بالحل السياسي وأنها فقدت أي أمل في تحقيق أي تقدم على الأرض أو الحصول على دعم إقليمي ودولي كما كان في السابق ؟
ما هو المنتظر من محادثات "أستانا" القادمة بناء على ماتقدم وبناء على المتغيرات الحالية إقليمياً ودولياً؟
ما لذي ينتظر بالفعل من محادثات أستانا القادمة في ظل هذه الظروف والمتغيرات التي يمكن بالفعل البناء عليها لمصلحة الدول السورية من قبل الحكومة السورية وحلفائها من باب القوة في الموقف وليس من باب إستثمار الظرف الراهن ؟
هل يصبح لقاء أستانة "6" الجولة الأولى نحو الحل السياسي في سورية؟
يقول الخبير في إدارة الأزمات والحروب الإستباقية وأستاذ محاضر في علم الإجتماع السياسي الدكتور أكرم الشلّي بهذا الشأن ما يلي:
بكل تأكيد لابل وأجزم بأن الإنتصارات الميدانية الساحقة على المعارضة المسلحة على كل الجبهات في كل الجغرافيا السورية هي التي عمدت هذه الإستدارة ، ليس على مستوى المعارضات ، المعارضات بالنهاية أدوات صغيرة بيد مشغليها من القوى الإقليمية والدولية ، وبالتالي هناك إستدارة واضحة وكبيرة ومتسارعة بالقراءة للمشهد الدولي في ظل الحرب الكونية غير المسبوقة على سورية ، كل المعارضات السورية كانت معقودة الأمل على قائد الاوركسترا الأكبر وهو الولايات المتحدة وحلفائها والدول الإقليمية التابعة لها ، من هنا أدركت الولايات المتحدة أن هناك إفلاساً وأنه لامحالة من تحرير الجغرافيا السورية وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الأزمة ، وبالتالي أفهمت بتصريحاتها المعلنة وغير المعلنة للدول ولقيادات ما يسمى بالمعارضات بأن تزعن بالجلوس إلى طاولة المفاوضات سواء في أستانا أو جنيف أو في غيرهما وأن تسارع في أن يكون لها موطئ قدم في الحكومة السورية.
وأردف الدكتور الشلّي:
أعتقد أنه ليس هناك أي حسن نوايا لا من قبل الولايات المتحدة ولا من قبل الدول الإقليمية الراعية بشكل مباشر للمعارضة سواء تركيا أو السعودية أوفي الأردن ، وبالتالي هناك عملية تسليم بالواقع الراهن بما يحققه الجيش العربي السوري والقوات المساعدة سواء روسيا وإيران والقوات الرديفة في الداخل السوري ، لذلك إجتماعات أستانا وغيرها أساساً هي عملية كشف للأطراف عن مايجول في خاطر كل طرف منها ، سواء أكانت المعارضة تريد أن تعرف من الجانب السوري فيما إذا كانت هناك تنازلات بشروطها السابقة أم لا ، والجانب السوري أيضاً صاحب النفس الطويل يريد أن يعرف عن هؤلاء إذا هم بقوا على جهلهم في أن يحصلوا أو يكسبوا بعض الشروط التي وضعوها سابقاً ، وانا أجزم أنه من لم يستطع أن يأخذ شيئاً في الميدان لن يستطيع أن يأخذه في المفاوضات ، لكن بالمقابل من يريد أن يتفاوض تحت سقف الوطن السوري فأكيد هناك إمكانية للحوار والتفاوض مع هؤلاء ، وإمكانية الحل ستكون على أيدي هؤلاء إذا ما أرادو ا أن يكون التفاوض تحت سقف الوطن السوري وفي مصلحة الدولة السورية.
وأضاف الدكتور الشلّي:
لم يكن يوماً التفاوض مع معارضات منفصلة عن بعضها ، وعندما تجتمع هذه المعارضات بوفد موحد تقوم الجهة السورية بالتنسيق مع مفوض الأمم المتحدة ديمستورا ومع والرعاة لهذه المفاوضات والحوارات ، وهم روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية يتم الجلوس على طاولة المفاوضات، أما فيما يخص موقف المعارضة لا أظن أن المعارضة كان لها يوماً موقفا منفرداً يخصها وإنما كانوا كالببغاء يرددون مايقال لهم من خلف الستار أو من بعيد ،وبالتالي هذه الشروط كانت تطرح ويتم التمسك بها بناء على مواقف هذه الدول المتقاتلة في الموقف والرأي ،
بإعتقادي الموقف الأمريكي لايتطابق مع أي من هذه الدول الإقليمية وعلى رأسها تركيا وإسرائيل والسعودية.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم