إعداد وتقديم نواف إبراهيم
نناقش في حلقة اليوم التصعيد الأمريكي الأخير تجاه روسيا ،حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أنّ بروز روسيا الأخير على الساحة الدولية يشكل تهديداً فاعلاً للمصالح الأميركية وأضاف "توجُّهنا لتعديل العلاقات الثنائية مع روسيا أثبت أنه ضرب من الخيال" ، تصريحات تيلرسون جاءت خلال كلمة له في معهد ويلسون، حيث قال "ليس بوسع إيران أو روسيا تقديم دعم إقتصادي وسياسي للشعب التركي أفضل مما يقدمه لها المجتمع الغربي ، تأي هذه الإستفزازات في الوقت الذي حذر فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من مغبة إنهيار الاتفاق النووي الإيراني وتحول دائرة الخطر لتشمل دول الخليج نفسها ، ولاننسى هنا التصريحات الروسية المتواصلة بخصوص ملفات الشرق الأوسط الساخنة وتعليقاتها على السياسات الأمريكية غير المفهومة في هذه المنطقة.
إنطلاقاً من هذه التطورات:
هل تستطيع موسكو تحمل إستفزازات أكثر من قبل الولايات المتحدة ومن معها من الحلفاء الإقليميين والدوليين وخاصة لجهة مكافحة الإرهاب الذي تدعمه بالأصل هذه الدول وخاصة في سورية ؟
ماهومصير الملفات العالقة في منطقة الشرق الأوسط في ظل هذا التصعيد الأمريكي تجاه روسيا وحلفاءها والذي لايعتبر بجديد ولكنه الأكثر استفزازاً خلال العقد الأخير ؟
هل نفهم من تصريحات لافروف أن روسيا بصدد رسم إستراتيجية جديدة تفهم من خلالها الولايات المتحدة بأن هذا التساهل الروسي ماهو إلا لمصلحة السلام والأمن الدوليين وليس بضعف ، ما يجبر روسيا مراجعة كل الحسابات التي تريد الولايات المتحدة من خلالها إجبار روسيا على تقديم تنازلات في كثير من الملفات ؟
كيف تفسر التنقاضات في مواقف المؤسسات السياسية والعسكرية الأمريكية حيث أن البيت الأبيض أعلن أن إيران ملتزمة بالإتفاق النووي والحديث عن التقارب الروسي الأمريكي في الملف السوري على لسان تيلرسون، زد على ذلك تصريح البنتاغون بأن هناك مصالح مشتركة بين إيران وروسيا وأمريكا في أفغانستان ؟
ماهي القراءة الصحيحة لحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط تجاه روسيا خاصة في الخليخ الذي تؤكد معظم دوله أهمية تطور العلاقة مع روسيا لتكون في أفضل حالاتها ؟
ماهو مدى إستعداد روسيا لدخول مواجهة مع الولايات المتحدة سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة على سبيل المثال لا الحصر في سورية أو أوكرانيا كما يقول بعض الخبراء ؟
يقول الخبير بالشأن السياسي تميور دويدار:
أعتقد أن تصريحات السيد تيلرسون أو الإدارة الأمريكية عموما في الفترة الأخيرة منها شعبوية عموماً ومنها سياسية، فالشعبوية هي متعلقة بالداخل الأمريكي والمشاكل الداخلية التي يعاني منها الرئيس الأمريكي في سياسته الداخلية ومعاركه مع خصومه ، وسياسياً هذا ليس جديد في تاريخ العلاقة الروسية مع الغرب فبعد الثورة البلشفية كان هناك شيء شبيه بذلك ، وبعد الحرب العالمية الثانية عقوبات وعدم التوافق من قبل الغرب مع السياسة الدولية لروسيا وبحث روسيا عن مصالحها ليس لصالح الغرب ، كل هذا تتفهمه شعوب العالم ، وأيضا هناك نوع من الغيرة لأن روسيا بنت قطب أو عدة أقطاب لإتخاذ السياسات العالمية ، ورأينا مؤخراً الرؤساء الإيراني والتركي جاؤا الى سوتشي ، والولايات المتحدة متضايقة من التحركات الروسية وخاصة الرئيس بوتين حيال قضية الأمن في الشرق الأوسط لجهة حماية سورية من التقسيم ومنع تطور الأوضاع أونشوب حروب جديدة بدون إشراك الولايات المتحدة، في حين أن موسكو تصر دائما وتقدم عروضاً للولايات المتحدة لتقديم حلول مشتركة لهذه المسائل.
وأضاف دويدار:
الولايات المتحدة بإستطاعتها أن تتخذ مسار حرب سريعة تنتصر فيها على روسيا ، ومن الممكن أن تكون منطقة الحرب التي تشعلها الولايات المتحدة في منطقة بريدنستروفية وهي جمهورية تقع بين أوكرانيا ورومانيا ، ومن الممكن أن تشعل حرب على الأرض السورية التي يجري عليها التصعيد ضد القوات الفضائية الجوية الروسية من قبل قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ، ولكن إن حدث ذلك الله أعلم بالعواقب التي يمكن أن تنتج عن ذلك ، ولكن بنفس الوقت لا أعتقد أن الحرب في حال وقعت يمكن أن تتطور إلى إستخدام الأسلحة النووية ، وبنفس الوقت روسيا لاتستبعد ذلك من قبل الولايات المتحدة ، وفي الحقيقة الرأي العام الروسي مستعد لمثل هذا التصعيد وكذلك الأمر الجيش الروسي مستعد لذلك ، لكن الكريملين كرر عدة مرات أن روسيا لاتريد التصعيد إلى هذه الدرجة ولكن يعطي مواقف وتصريحات بمثابة تحذيرات.
يقول الباحث في العلاقات الدولية الدكتور باسل الحاج جاسم:
في الحقيقة من الصعب التوقع أو الإعتقاد أن الولايات المحدوة قد تذهب إلى مواجهة مباشرة مع روسيا لعدة أسباب لعل أبرزها أنه لايخفى على أحد اليوم أن هناك تراجعاً أمريكياً في الكثير من المناطق أو ساحات الصراع الدولي والتي كانت تعتبر مناطق نفوذ أمريكية ، في المقابل نجد أن موسكو تتقدم في أكثر من منطقة ، وصحيح لايمكن لروسيا أن تملىء كل الفراغ الذي يتركه الأمريكي المتعب اليوم بالمشاكل الإقتصادية والهموم الداخلية، لكن روسيا تستطيع قضم بعض هذه المناطق وخاصة في منطقة الشرق الأويسط ، وأيضا الولايات المتحدة لم تستطع أن تفرض سيطرتها ونفوذها في المناطق التي تعتبر حدائق خلفية لروسيا وخاصة في فضاء دول الإتحاد السوفييتي السابق كما شهدنا في أسيا الوسطى ، أوكرانيا ، وماقاله ضيفك الكريم بخصوص بريدنستروفية لا أعتقد أن الولايات المتحدة يمكن لها أن تنجح فيه أو ترجح الكفة للولايات الأمريكية المتحدة ، وعلى الأغلب ربما يكون هناك سيناريو يشابه سيناريو القرم ، وهذا ليس على المدى القريب ولا حتى المتوسط ، كذلك نلاحظ في القوقاز هناك ساحة للتعاون الروسي التركي كل هذا يخفف أو يضعف من النفوذ الأمريكي ويجعل فرضية إستمرار الحروب بالوكالة هي السائدة أكثر.
وأضاف الدكتور جاسم:
اليوم لايمكننا تقييم سياسة الولايات المتحدة وخصوصاً في عهد ترامب فنحن نرى هناك أمريكا ترامب وهناك أمريكا في البنتاغون وأمريكا في وزارة الخارجية ، وربما ليس هذا فقط بما يتعلق بالملف النووي الإيراني ، ففي الأيام الماضية القريبة إستمعنا إلى تصريحات من الرئيس ترامب حول وقف تسليح قوات قسد الموالية له في سورية ،لمنع الإمتداد الكردي على الساحة السورية من أجل طمئنة الرئيس أردوغان. حتى الآن لم تنجح واشنطن بأي عرقلة في الحل السوري كما تريد ، وربما هي أرادت التشويش على مؤتمر سوتشي ، ولحظنا بعض التصريحات من واشنطن بأنها لم تغير في علاقتها مع من تتعاون معهم في سورية مع حزب العمال الكردستاني ، كان هذتا للتشويش على نتائج سوتشي ، وهناك مؤسسات أخرى تعرقل هذا الأمر، والأتراك بخصوص سوتشي طالبوا بضمانات ، ولكنهم كرروا ما تحدث به الروس في وقت لاحق، ومن هنا لم تنجح الولايات المتحدة فض التقارب بين الروسي والتركي في سورية والذي لا يمكن أن أقول عنه وصل إلى درجة الحلف.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق.