استطاعت روسيا، يوم أمس، بعد خمسة أيام من النقاش والجدال الحاد مع الأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة أن تدخل التعديلات اللازمة على قرار مجلس الأمن رقم 2401 بخصوص تطبيق هدنة إنسانية لمدة 30 يوماً في سورية لا تشمل تنظيمي جبهة النصرة و"داعش" الإرهابيين، لقد فشلت هذه الدول مرة أخرى في استخدام العامل الإنساني في سبيل تحقيق أي تقدم يحقق أهدافها في الحفاظ على مصالحها وعلى أذرعها الإرهابية التي تشكل الذراع العسكري لها في الميدان، تذرعت هذه الدول بسعيها للحفاظ على حياة الشعب السوري متلحفة بغطاء الإنسانية التي لاتملك منها شيئاً والتي هي في واقع الأمر لاتساوي عندها حياة الشعب السوري كله برميل نفط أو حتى إسطوانة غاز متبجحة بالديمقراطية والإنسانية وحقوق الإنسانية التي دمرت تحت شعاراتها عدد كبير من دول المنطقة وقتلت وشردت الملايين من الأبرياء ومازالت سوريا تقاوم هذه الاعتداءات الغاشمة بدعم من حلفائها وعلى رأسهم الروسي وتحقق الإنتصارات والتقدم في الميدان وعلى الساحة الدبلوماسية حد السواء.
كيف يفسر السوريون القرار 2401 وهل يمكن أن نعتبر هذه الهدنة صك لإنهاء الحرب على سورية أم أنه محاولة أمريكية جديدة لتدوير الإرهاب وإستثماره من جديد ؟
كيف نقرأ الهدوء الذي إتسم به مندوبا روسيا وسورية بالرغم عن عدم الرضا على هذه الهدنة التي حاولت بعض الدول تجييرها لصالح حماية الإرهاب والإرهابيين ؟
كيف ستطبق سوريا هذا القرار إذا ما ركزنا على تحذير الجعفري من أن سوريا سوف ترد كما يجب وبحزم على سقوط قذيفة واحدة على المدنيين ؟
هل يشمل القرار كل الأراضي السورية، وكيف يمكن التعامل معه خاصة أن جبهة النصرة وتنظيم "داعش" الإرهابيين تتواجد عناصرهما في كل مكان تتواجد فيه مجموعات إرهابية مسلحة بغض النظر عن مسمياتها ؟
إلى أي حد بالفعل تم إفشال ماكانت ترنو إليه وكيف يمكن لسورية وحلفائها أن يحولوه إلى فرصة حقيقية لمتابعة تنضيف سورية من الإرهابيين ؟
بالمجمل لصالح من رجحة الكفة في نهاية المطاف في التصويت على القرار بعد تعديله ؟
أمين سر مجلس الشعب السوري الأستاذ خالد العبود يرى أنه
" من المستحيل أن تقول الدولة السورية وحلفائها وشركائها أن تقول لا لمثل هذا القرار إذا كان فعلاً في جوهره قراراً إنسانياً ، والدولة السورية إلى جانب شركائها وحلفائها لم تعترض على أي عنوان إنساني يخص السوريين حتى تلك الجماعات التي جاءت من خارج أراضي الجمهورية العربية السورية ورفعوا السلاح في وجه الدولة ، سبع سنوات والدولة تعطي الفرص المتتالية والدولة السورية لاتنطلق من عدم قدرتها على الحسم وإنما من منطلق الحفاظ على حياة الشعب ومنع إتساع مساحة سفك الدم السوري".
وأشار النائب العبود إلى أن
"البعد لهذها القرار هو الضغط المعنوي لكي يتم إستفزاز المندوب السوري والصديق الروسي وهذا القرار كيده كان واضحاً لأنه أراد إرباك الرأي الروسي العام على أبواب الإنتخابات الرئاسية في روسيا لكي يرفض الروسي هذا القرار وعلى أساس ذلك يتهموا الرئيس بوتين بأنه ضد العناوين الإنسانية ، ومن هنا شهدنا الضغط الإعلامي من قبل الطرف الآخر حيث أنهم قبل بعدة أيام ركزوا على الغوطة بالمعنى الإنساني ، والجميل في المشهد أن روسيا وسوريا لم تتعاملا بهدوء وروية ودبلوماسية فحسب بل بعلمية وحرفية وقيمة عليا لجهة أننا ملتزمون بأي قرار إنساني ، ولكن إنتبهوا عندما يتم الإعتداء على الدولة من قبل المجموعات الإرهابية فإننا سنرد على هذا العدوان ، هذا ما ورط الأمريكي الذي بدا مستفزاً من خلال مندوبته ، المندوب الروسي أدار العملية بدبلوماسية عالية وضبط أعصاب وعقل بارد كبير جداً شاركه المندوب السوري لجهة ذلك العنوان، وإستطعنا أن نخرج من فخ نصبه لنا الأمريكي بكفاءة عالية ".
وأردف النائب عبود
"حاولت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الحفاظ على حالة الفوضى في الغوطة ، وحاولت إستعمال جبهة النصرة من جديد في العدوان على العاصمة وأن تبقيها في خاصرتها الرخوة وتستفيد منها في صرف بعض هذه المواقف مستقبلا ، خاصة أنها رأت أن الدولة السورية متعافية وقادرة على حسم موضوع جبهة النصرة في الغوطة ، الأمريكي لعب هذه اللعبة ،والروسي أضاف تعديلات هامة على مسودة القرار قبل التصويت ، موضحاً أنه إذا كنا نتحدث عن حالة إنسانية في الغوطة فهناك حالة إنسانية عامة في سورية وليست خاصة ، وفتح المندوب الروسي فرجار التعميم وذهب إلى مفاصل هامة وفرق بين مجموعات حملت السلاح في صفوف معينة ، وبين داعش والنصرة ومايلحق بهما ، وأعطى الحق للدولة السورية في مواجهة النصرة وداعش ، لأن الولايات المتحدة قبل التصويت على القرار لم تكن قد أتت على ذكر تنظيمي داعش والنصرة ".
وأضاف النائب العبود
"نجحت الدبلوماسية السورية والروسية في توريط الأمريكي بدلاً من أن يورطنا ، وهذا ما لاحظناه بشكل واضح على سلوك مندوبة الولايات المتحدة وهي ترتجف وتحاول أن تصدر مقولات إستفزازية ضد المندوب الروسي وضد مندوب سورية ، ومايؤكد كلامنا مايحصل الآن على أطراف الغوطة ويؤكد أيضا القدرة الدبلوماسية السياسية على توريط الأمريكي وكشفه بأنه لم يكن يرمي إلى عنوان إنساني وإنما كان يرمي إلى مكيدة كي يورط الروسي من جهة ويحافظ على إرهابييه الموجودين في الغوطة الشرقية ، لكن فشل ".
التفاصيل في التسجيل الصوتي…
إعداد وتقديم نواف إبراهيم
