سياسة وإجراءات الرئيس ترامب تطرح الكثير من التساؤلات إذ تأتي في ظرف ملغوم في هذه المنطقة بالذات والتي تشكل جزءاً جدلياً هاماً للدولة السورية على أبواب إنطلاق الحل السياسي والإتفاق على اللجنة الدستورية بعد الإنتصارات الميدانية التي حققها الجيش العربي السوري على الإرهاب وهوعلى أبواب تحرير مدينة إدلب أخر معاقل الإرهاب ومناطق خفض التصعيد وكذلك بالنسبة للتركي الذي بدأت أحلامه التوسعية بالأفول بعد إنشاء المنطقة الآمنة.
الأسباب الحقيقية التي تقف خلف قرار الرئيس ترامب بتنفيذ وعده بالإنسحاب لم يتم توضيحها بشكل دقيق حتى اللحظة ، مالذي تخفيه وراءها؟
من يقصد الرئيس ترامب من أدخل الولايات المتحدة إلى رمال الشرق الأوسط المتحركة ومن هم من وصفهم بالحمقى؟
من هي الجهات أو القوى التي نسق معها ترامب إنسحابه من سوريا وماهو الثمن لقاء ذلك ...هل حدث أن سحبت واشنطن قواتها من بلد ما دون أن تحقق أهدافاً بعينها ...ماهي هذه الأهداف؟
ماهو الدور الذي تسعى الولايات المتحدة للعبه في الأزمة السورية ومنطقة الشرق الأوسط ككل بعد هذه الخطوة؟
هل يساعد خروج الإحتلال الأمريكي على إحداث متغيرات إيجابية في حل الأزمة السورية سياسياً وجر سبحة خروج الدول المحتلة الأخرى منها، أم أنه سيعقد الوضع أكثر؟
حول الأسباب الحقيقية التي تقف خلف قرار الرئيس ترامب بالإنسحاب من سورية قال أستاذ علم الإجتماع السياسي الدكتور مهند الضاهر
"أظن أنه لانستطيع أن نقول أو نسأل عن الأسباب الحقيقية، لأن كل ما صرح به ترامب هو حقيقي، وهناك أهداف كثيرة حول إجراءاته التي إتخذها تجاه سورية، فهو قال أنه يتجه نحوة الداخل الأمريكي وأن تكلفة التواجد في المنطقة باهظة الثمن، الأمريكي خسر أموالاً هائلة وترامب يحاول تعويض هذه الخسارة.
نحن نعلم أن الولايات المتحدة تعيش أزمة إقتصادية إذ وصلت ديونها إلى 19 تريلون دولار والبعض يقول أنها وصلت إلى 23 تريليون دولار، وبالتالي هناك مواجهة إقتصادية عالمية وهي نشوء الكتلة الأوراسيوية وعودة طريق الحرير إلى الحياة ومايسمى الحزام والطريق والذي يمكن أن يجعل من الصين قوة إقتصادية عالمية. ترامب رجل تجارة وصفقات ويفكر بالربح ، وبالتالي برأي ترامب من أجل مواجهة هذا المشروع كان لابد له من أن يبطل المصاريف لأنه لا طائل منها، وترامب يعتقد أن الضغط أيضا يأتي من مجمع الصناعات الحربية والدولة العميقة وإلخ، وكل هذا يجعله يتخذ هذا القرار".
حول القوى التي نسق معها ترامب هذه الخطوات والثمن مقابل ذلك قال الضاهر:
"عندما نسمع تصريح لافروف بأن الحرب السورية قد إنتهت، وعندما يقول ترامب للدولة العميقة ونقصد بالدولة العميقة، البنتاغون و19 جهاز أمني في الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تضغط إلى جانب مجمع الصناعات الحربية والديمقراطيين لمنع ترامب من إتخاذ هذا القرار، ونحن جميعاً نعلم أن الإقتصاد الأمريكي هو إقتصاد يعيش ويقتات على الحروب في العالم، وبالتالي أنا أطن بأن تصريح لافروف يدل على أن هناك تفاهمات دولية، وحتى المحللين الإستراتيجيين يقولون بأن هناك تفاهماً روسياً أمريكياً على الإنسحاب بدعم من الرئيس بوتين أو من الإدارة الروسية بشكل عام، وبالتالي أعتقد أن هذا هو سر قوة موقف الرئيس ترامب خاصة أنه عزل حتى بعض الصقور من إدارته، وأعتقد أن كل مايقوم به ترامب مدعوم من قوى بعينها في الولايات المتحدة وحتى اللحظة لم تظهر هذه القوى لكن أعتقد أن هناك دعم روسي، وأن التفاهمات ستتابع ليرتب ترامب خروجه من سورية. قصد ترامب بالحمقى، أولاً هو يقصد الديمقراطيين الذين إتهموه بالتعامل مع الروس ومافعلته هيلاري كلنتون إبان الحملة الإنتخابيه لمنع وصوله إلى سدة الحكم في الإدارة الأمريكية".
وعن وجهة القوات الأمريكية المنسحبة من سورية وخطط واشنطن الإستراتيجية المتوقعة في المنطقة قال الضاهر
"ترامب يحاول تدعيم تواجده في منطقة أخرى خارج سورية نحن نعلم مايحصل في الجزيرة السورية هو ناتج ما فعله الأمريكي وبالتالي هو ترك الفوضى للتركي، نعم الأمريكي لن يترك المنطقة دون حصص ولن ينسحب دون ثمن كبير وهذا الثمن هو إدخال التركي إلى شمال سورية وإشعال حرب ثلاثية أي صدام سوري تركي كردي،وبالتالي ترك المنطقة لصراع مستدام بالمعنى الفلسفي للكلمة. نوايا ترامب خبيثة، ولذلك هو يدعم وجوده في العراق وما قام به الأمريكي من إحداث خلخلة في الإستقرار في العراق بعد فتح معبر القائم ومحاولاته للضغط على العراق لأجل إغلاقه معبر القائم وإعادة 6000 جندي أمريكي إلى العراق، ومن هنا نرى أن الأمريكي يواجه مشروعان أساسيان، الأول هو المشروع الأوراسي بضم سورية وتركيا والعراق وإيران إلى هذا الحلف لتشكيل قطب جديد أو على الأقل قوة جديدة تواجه الغطرسة والإمتداد الأمريكي، والمشروع الآخر هو مشروع الحزام والطريق ومشروع طريق الحرير الذي تشكل إيران والعراق وتركيا وسورية جزءاً منه، فكيف للأمريكي أن يقطع الطريق من خلال إدخال المنطقة في تعقيدات ومنها إعادة تواجده في العراق بعد فشله في سورية ".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق...
إعداد وتقديم نواف إبراهيم