وما نراه هنا هو نتيجة مباشرة لنجاح تدريبات المستشارين الروس الذين تمكنوا من تحويل قوات الدفاع الوطني الجدد إلى وحدات حقيقية من القوات الخاصة المظلية.
الأرقام تتحدث عن نفسها. فالقوات المسلحة السورية أصبحت تسيطر على 74.2 ألف كم مربع، في حين أنه مع بدء عملية القوات الجوية الفضائية الروسية في سوريا كان يسيطر على نحو 19 ألف كم مربع من مساحة البلاد. بينما فقد ذوو الرايات السوداء نحو 4336 كم مربعا في الشهرين الأخيرين، كما فقد المسلحون المعتدلون 2784 كم مربعا وبشكل أساس تخلوا عنها طوعا
سيرغي شويغو وزير الدفاع الروسي، أكد بأن مدينة دير الزور المحاصرة، تشكل نقطة محورية على الخريطة السورية، وإن تحريرها سيتحول إلى عامل حاسم في مجمل عملية الحرب ضد داعش.
إذاً دمشق تدرس بعناية فائقة حالياً، بالطبع على خلفية تحرير السخنة، الخريطة العسكرية والطريق الأقصر من هناك نحو الشمال، للتواصل مع وحدات الجيش العربي السوري جنوب الرقة.
القوات الروسية قادرة لخوض معارك على جبهتين
هذا التقييم يؤكد قدرة قيام الوحدات الروسية بعملية عسكرية واسعة النطاق بمشاركة 100-150 ألف عسكري. وهذا يتوافق مع مناورات "الشرق"، "وتدريبات المركز" و"القوقاز" الاستراتيجية، التي أُجريت في عام 2014.
روسيا باعتبارها تتمتع بمساحة الكبيرة، فإن المهمة الرئيسية تصبح عملية نقل القوات. وعن آفاق تطور القوات الروسية فهذا يعتمد على حجم الميزانية المخصصة للدفاع، وكيفية اجتذاب الخبراء والمختصين إلى الخدمة وبقائهم فيها، وإمكانات المجمع الصناعي-الحربي في إنتاج ما تحتاج إليه القوات المسلحة وغير ذلك.
التحديات الرئيسية التي تواجه روسيا، هناك تحديين أساسيين، يتمثل أحدهما بالدرجة الأولى في اختيار الكادر للوحدات الجديدة في القوات البرية. وهذا يتطلب إما زيادة عديد القوات إلى أكثر من مليون، أو تشكيل قوات التحرك السريع التي لم تنته عملية هيكلتها حتى الآن.
التحدي الثاني هو قدرة المجمع الصناعي-الحربي على إنتاج أجيال جديدة من الأسلحة كدبابات "أرماتا" ومقاتلات "تي-50" وقاذفات القنابل الاستراتيجية والسفن الحربية الأكبر من الفرقاطات.
اتفاق عسكري بين تركيا وإيران
الواضح إن أردوغان استخلص من خلال تجربته الغنية في سوريا بأن من الأفضل التفاهم مع إيران، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بتلك القضية التي تشكل أكبر صداع لأنقرة، وهي قضية الكرد في سوريا. وهذه مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لتركيا خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بتسليم أسلحة ثقيلة للأكراد السوريين. لهذا، فإن الولايات المتحدة لم تعد حليفا لأردوغان في القضية التركية.
إذاً مصالح أنقره تتطابق مع مصالح طهران بشأن القضية الكردية، والسبب واضح وهو رغبة عدد كبير من المواطنين الكرد في إنشاء دولة كردستان الكبرى على حساب أجزاء من أراضي إيران وتركيا وسوريا والعراق. وذلك ما لا تريد السماح به في أي حال من الأحوال أي من هذه الدول بما فيها تركيا وإيران. لذا، فإن موضوع الاستفتاء في كردستان العراق، والإجراءات المشتركة لإعاقة ذلك، شكلت إحدى القضايا الرئيسة على جدول أعمال لقاء القادة العسكريين في تركيا وإيران.
إذاً يحاول أردوغان إدارة لعبة جيوسياسية معقدة، ولا سيما أن تركيا بحاجة إلى إيران: أولا، لمواجهة خطر الكرد الانفصالي، وثانيا، لتحويل تركيا تدريجيا من الاعتماد على الغاز الطبيعي الروسي إلى الإيراني.
ولكن، مهما بدت الآفاق واعدة للنفوذ التركي المتنامي، فإن من غير المرجح أن توافق موسكو على خطط أردوغان لإزاحة شركة "غازبروم" الروسية تدريجيا من السوق الأوروبية.
روسيا أم أوكرانيا وراء تسليح كوريا الشمالية نوويا
القيادة الروسية تقول بأن السلطات الأوكرانية تحاول اتهام روسيا بجميع المشكلات، التي تواجهها والخطايا التي اقترفتها، الحقيقية منها والخيالية. وهذا برهان على تفكك الدولة الأوكرانية. مع إنه تم إثبات مشاركة أوكرانيا عدة مرات في عمليات سرية في "السوق السوداء" للأسلحة.
أولا، الحديث يدور عن فضيحة توريد صواريخ "إكس-55" الاستراتيجية المجنحة إلى إيران والصين. وحينها لم تجرِ عملية تحقيق شاملة، لأن المدير العام لشركة "أوكر سبيتس إكسبورت" لقي مصرعه في حادث سير.
ثانيا، فضيحة توريد محطات رادار إلى الجيش العراقي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وهذه أيضا لم يتم التحقيق فيها بصورة كاملة.
وثالثا، توريد محركات الصواريخ إلى كوريا الشمالية؟ أوكرانيا أصبحت منذ عام 2014 مثل الفناء المفتوح لكل من هب ودب. إن عدد الفاسدين على مختلف المستويات، والذين يمكنهم الحصول على عشرات ملايين الدولارات من كوريا الشمالية، كبير جدا. نعم، إن مسؤولين أوكرانيين مثل بيترو بوروشينكو أو أمين مجلس الأمن القومي ألكسندر تورتشينوف لم يوقعوا مثل هذه الصفقات. ولكن ذلك على مستوى صفقات "السوق السوداء" تحت ستار معدات لقطاع الزراعة أو مساعدات إنسانية لدولة ثالثة ممكن جدا.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم