الأوضاع حول سوريا قد تشهد تصعيدا لا نهاية له إذا تبين أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة أودت بأرواح من القوات أو المستشارين الإيرانيين، هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن تحطم المقاتلة الإسرائيلية من طراز "إف-16" في الجولان المحتل جراء استهدافها من قبل سلاح الجو السوري يعتبر أول حادث من نوعه خلال العقود الثلاثة الماضية.
السلطات السورية حذرت مراراً في الآونة الأخيرة من الرد على أي اعتداء من قبل إسرائيل. لكن الملفت للنظر هو أن القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة السورية الرئيس بشار الأسد انتقل من التهديد إلى التنفيذ، مشيرا إلى أن استهداف المقاتلة الإسرائيلية اليوم يمثل تعبيرا عن اليقين والثقة الذي تشعر به القيادة في دمشق بعد بسط سيطرتها على نحو 80% من أراضي البلاد.
على كل حال لا يمكن اعتبار هذه التطورات شأنا إقليميا فحسب بل تمس القوى الكبرى، في إشارة إلى أن دمشق وطهران حليفين لموسكو في التسوية السورية، بينما اتخذت واشنطن بعد تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم موقفاً أكثر صرامة من إيران، وأكثر ولاءً لإسرائيل.
أفغانستان: ثلاث دول بحجر واحد
ترى الأوساط العسكرية بأن إعلان دونالد ترامب عن استراتيجية جديدة حول أفغانستان، في إشارة إلى إن القوات الأمريكية باقية هناك في الأفق المنظور، هي دلالة تشير إلى إن سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان موجهة ضد روسيا والصين وإيران.
لقد تم تقليص العدد الأقصى للقوات الأمريكية الذي بلغ حوالي 140 ألفا في عام 2010 إلى 10 آلاف. وعلى الرغم من ازدياد عدد الجنود الأمريكيين هناك إلى 15 ألف حالياً إلا أن التدخل والحرب الدائرة هناك منذ 17 عاما لم يستطع تحقيق الأهداف المرجوة.
إذا كانت قوات الاحتلال الأجنبية، إلى جانب حكومة كابل الموالية لهم، لم تستطع على مدى 17 عاماً من الحرب فعل شيء، فعلى أي أساس يمكن القول إن القوات الأقل بعشر مرات تقريباً عن سابقتها ستحقق نجاحاً؟
الاهتمام بأفغانستان، يعود بالدرجة الأولى إلى الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، حيث التقاطع الأوراسي، ضروري لخلق مشاكل للخصوم الجيوسياسيين- روسيا والصين وإيران. والفكرة في التالي. طالما أن الولايات المتحدة عاجزة عن القضاء على طالبان وغيرها من المنظمات الإرهابية الناشطة في أفغانستان، فيجدر خلق ظروف في هذا البلد لا تسمح لأي من منافسي واشنطن بتعزيز نفوذه فيه. إضافة إلى أن وجود قوة أمريكية محدودة يعطي عذرا لعدم مواجهة طالبان، إنما التأثير في الحركة وتوجيهها إلى حيث ينبغي. من الواضح أن هذا السيناريو معقد، ولكنه جذاب جدا. ناهيكم بأن هناك أحاديث عن مساعدة الولايات المتحدة لمقاتلي "تنظيم الدولة" في إعادة الانتشار.
إذاً من هي الجهة المتضررة من عدم استقرار أفغانستان بالدرجة الأولى؟
بعد وصول شي جين بينغ إلى سدة الحكم، يجري في بكين تطوير المشروع الاستراتيجي "حزام واحد، طريق واحد" بنشاط. وبالتالي، فعدم استقرار أفغانستان يهدف، في الحد الأدنى، إلى إعاقة تحقيق هذا المشروع.
وأما بالنسبة لروسيا، فإن الوجود الأمريكي في أفغانستان يشكل تهديدا من زاوية انتشار الاتجار بالمخدرات وكذلك تحفيز النشاط الإرهابي في آسيا الوسطى. ومن المهم أن ندرك أن التدخل المباشر للتخلص من الآثار السلبية للوجود الأمريكي في أفغانستان، وكذلك آثار زعزعة الاستقرار في مجمل الإقليم، أمر غير جائز، لأنه سيعطي نتائج عكسية.
العرض العسكري الأمريكي
غيرة من روسيا أم رغبة في استعادة الهيبة
ترامب باعتباره القائد الأعلى للجيش الأمريكي يطالب بعرض عسكري في بلاده بمناسبة عيد استقلال الولايات المتحدة في الرابع من تموز/يوليو، فهل هذا استعراض قوة أم غيرة؟
لكن السؤال هنا، ما الفائدة العملية لمثل هذه الفعالية بالنسبة لواشنطن، ولماذا يحتاج رجل الأعمال ترامب إلى عرض عسكري؟
إن كل ما يقوم به زعيم البيت الأبيض يهدف إلى التماس الدعم داخل المجتمع الأمريكي… وبهذا المعنى، ترامب، من خلال تنظيم هذا العرض، يمكن أن يحل العديد من المهام التكتيكية في آن واحد.
أولا، يريد أن يظهر أنه ليس مجرد زعيم لأمة عظيمة، بل وقائد عسكري، قادر على أضخم جيش في العالم. وهذا الأمر يذكرنا ما جرى في عهد الرئيسين لينكولن وواشنطن.
ثانيا، العرض العسكري هو استعراض، أولا وقبل كل شيء، لأحدث الأسلحة. وهنا، ربما يقوم ترامب أيضا بحملة دعائية إعلانية.
فترامب يريد عرض "المنتجات"، بما في ذلك أمام أعضاء الكونغرس الذين لا يعرفون حقا ما هي الأسلحة الحديثة، ولماذا تنفق أموال ضخمة عليها.
وأما ثالثا، فمن المهم أن ندرك بأن هيبة الجيش هبطت بشدة، خلال رئاسة أوباما، بسبب الحملة الفاشلة في أفغانستان والعراق. والمجتمع الأمريكي، تعب من الحروب، وهذا بدوره ينعكس على هيبة الجيش الأمريكي الحديث. وهنا يحاول ترامب استعادتها من خلال العروض العسكرية.
تقنية صاروخية إيرانية لا توجد لدى أمريكا وروسيا
طهران يمكنها اليوم إطلاق صاروخ يستهدف القطع المتحركة بدقة تامة، والحديث يدور عن صاروخ باليستي وليس صاروخ كروز، وبسرعة تعادل ثماني مرات سرعة الصوت، هذا في الوقت الذي كانت فيه جميع أبواب العلم والتقنية مغلقة أمام إيران.
هذه التقنية لا توجد في أميركا أو في روسيا، وهي بحسب الجنرال الايراني موجودة فقط في بلاده، لأن روسيا لديها صاروخ باسم إسكندر وهو صاروخ دقيق إلا أنه خاص بالنسبة للأهداف الثابتة.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم