إن مثل هذه القرارات المماثلة تمس الأمن القومي ومتعلقة بسيادة الدولة ولا تعتبر مسألة قابلة للمساومة، والعقوبات الأمريكية المحتملة على تركيا حال عدم تخلي الأخيرة عن شراء منظومات "إس-400"، هي انتهاك للقانون والشرعية الدولية.
الجنرالات الأتراك يركزون على قضية مهمة وهي أن معاهدة حلف شمال الأطلسي لا تتضمن مادة تقضي بإنهاء عضوية أي بلد في حال شرائه منظومة دفاع من دولة خارج الحلف. وإن تركيا من خلال شرائها منظومة "إس-400" الروسية لتعزيز علاقاتها معها، في تنويه إلى إن السياسات المتبعة تنطلق من المصالح الوطنية. ولا ينبغي لأي دولة كانت أن تملي شروطها على أحد حتى ولو كان الحديث بين أعضاء ضمن حلف واحد.
في هذا السياق تحدث الجنرال الأمريكي جيمس هولمز عن الخطط الأمريكية لمحاربة منظومة الدفاع الجوي الروسي إس-400 وأشار إلى إن الولايات المتحدة تعتزم الجمع بين جهود القوات الجوية والقوات البرية لإيجاد وسيلة لمواجهة منظومة الدفاع الجوي الروسي إس-400
القلق الرئيسي للجيش الأمريكي هو زيادة مدى منظومة تريؤومف مقارنة مع منظومة إس-300، مما يحد من نطاق الاستخدام القتالي للمقاتلات الأمريكية من الجيل الرابع.
البنتاغون يعدل أسس تكتيك الحرب
الولايات المتحدة تعمل بشكل مكثف على تغيير تكتيكات الاعمال القتالية، في إشارة إلى إنه سيتم النظر إلى الحرب التي يمكن أن تدور رحاها تحت الأرض على أنها هجوم من الإرهابيين
إذاً بالفعل بدأ البنتاغون بإعداد القوات الأمريكية لظروف جديدة من الحرب. حيث يعتقد عدد من الجنرالات أن المعارك ستندلع في المستقبل في المناطق الحضرية، والتي عادة ما يكون لديها منظومة تواصل وحركة متطورة تحت الأرض.
في هذا السياق اختارت الولايات المتحدة طريقة واعدة لشن الحرب. إذ يستخدم الأنغلوسكسونيون، وخاصة الولايات المتحدة، المسلحين كأسلحة فعالة للغاية. وهذه خطوة رائعة عندما تُقدم أي دولة على شن الحرب العالمية الثالثة، لكن لا أحد يتهما بذلك رسمياً.
المنشآت تحت الأرض هي عبارة عن مرافق تحظى باهتمام متزايد من قبل المخربين في تلك الدول التي ترى تهديداً في روسيا. وإذا استمرت المنظمات الإرهابية العمل في أوكرانيا وروسيا وأوروبا، فسوف يُنظر إلى الحرب الأمريكية تحت الأرض على أنها هجوم من قبل الإرهابيين.
ماذا نرى اليوم في سوريا؟ عندما نذهب إلى الأراضي المحررة ونقوم بتحليل ومعاينة مستودعات الأسلحة، نرى أنه هناك أسلحة عالية التقنية صنعت في الولايات المتحدة. وغالبا ما يقع الجنود الأمريكيون أسرى، الذين يقومون بأداء عمل خاص في صفوف داعش (التنظيم الارهابي المحظور في روسيا). إذاً يتضح بأن الأمريكيين يريدون إعداد مثل هذه الوحدات، التي يمكن أن تعمل، إذا لزم الأمر، تحت ستار المسلحين.
في سياق آخر تعمد الولايات المتحدة تهدف على ترميم المطارات العسكرية التي بنيت في زمن الاتحاد السوفيتي في شرق أوروبا بهدف ردع روسيا. هذه التدابير تأتي من إدراك واشنطن لفشل الجاهزية القتالية للجيوش الأوروبية، وتأمل في تعزيز قدرات القتال والنقل الجوي، ولهذا الغرض يقوم البنتاغون بتحديث المطارات العسكرية على الحدود الروسية.
الولايات المتحدة تثير مسألة سباق التسلح من جديد، الأمر الذي لا ينسجم مع خطط روسيا، إلا أن موسكو قادرة على الرد بشكل مناسب على واشنطن لتعزيزها بنية الطيران التحتية في أوروبا.
ومن المقرر أن يتم إنفاق القسم الأكبر من هذه الأموال في تحديث المطارات العسكرية، من أجل تنظيم شبكة واسعة من المطارات الأمريكية على الحدود الروسية في أوروبا.
فقدان التفوق الجوي عنوان استرتيجية الناتو
شهدت الأوضاع الاستراتيجية على الساحة العالمية بصورة عامة وعلى مستوى حلف شمال الاطلسي بصورة خاصة الكثير من التحولات عقب الموافقة على الرؤية الاستراتيجية الجديدة.
استراتيجية الجديدة للناتو في مجال تطوير القوات الجوية، تؤكد بأن الحلف يخاطر في المستقبل المنظور، بفقدان تفوقه في الجو. ومن بين المخاطر الرئيسية التي تهدد القوات الجوية لدول الحلف، أنظمة الدفاع الجوي الحديثة والوسائل القتالية الفضائية. وهذا ما يعترف به شمال الاطلسي في تنويه بأن التفوق خلال العمليات الجوية للحلف ولّى إلى غير رجعة.
الاستراتيجية العسكرية الجديدة تؤكد أنه على الناتو، أن يمتلك إمكانية تنفيذ عمليات ناجحة ضد أي عدو كان وعلى الوحدات الخاصة البحرية والسيبرانية، أن تعمل بشكل وثيق مع القوات الجوية.
وتنص الاستراتيجية على ضرورة أن تكون القوات الجوية التابعة لدول الناتو قادرة على القيام بعمليات قتالية في جميع المناطق والظروف وفي المجال الجوي المحمي بدرجة عالية.
التعاون الوثيق ضروري بين الحلف والاتحاد الأوروبي للحيلولة دون وقوع انشقاق بين الدول الغربية، وحذر كبير من الخلافات الجدية بين الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين التي لا تزال قائمة.
ستولتنبيرغ أعلن مجددا عن الخطر الصادر عن روسيا — التي، بحسب اعتقاده، تستخدم القوة ضد جاراتها وتحاول التدخل في شؤوننا الداخلية، مشيرا إلى أنه يجب أن يعكف جميع أعضاء الحلف على تجنب التصدع في وحدته وإزالة الخلافات وتجاوز التأثير السلبي على التعاون في مجال الأمن.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم