بداية دعونا نتطرق إلى تاريخ إبرام هذه الاتفاقية، أثناء مؤتمر جنيڤ وفي لقاء مع رئيس الوزراء السوڤيتي نيكولاي بولگانين عام 1955، اقترح الرئيس أيزنهاور أن تقوم الولايات المتحدة والاتحاد السوڤيتي بطلعات جوية على أراضي بعضهما البعض لطمأنة كل بلد أن الآخر لم يكن في حالة الإعداد للهجوم. هذا الاختراح لقي رفض أمين عام الحزب الشيوعي السوڤيتي.
بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً، أعاد الرئيس جورج بوش إدارة مفهوم السماء المفتوحة كوسيلة لبناء الثقة والأمن بين جميع البلدان الأعضاء في منظمة معاهدة شمال الأطلسي وحلف وارسو. وبالفعل ففي شهر شباط/فبراير 1990، أفتتح مؤتمراً دولياً عن السماء المفتوحة يضم جميع دول حلف الناتو ووارسو في أوتاوا، وعقدت جولات لاحقة من المفاوضات في بوداپشت وڤيينا وهلسنكي.
في 24 آذار/مارس 1992، تم التوقيع على معاهدة السماء المفتوحة في هلسنكي من قبل وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر ووزراء خارجية 23 بلداً. ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 2 كانون الثاني/يناير 2002، بعد انتهاء روسيا وبيلاروسيا إجراءات التصديق عليها.
مع دخول المعاهدة حيز التنفيذ، بدأت طلعات المراقبة الرسمية في آب/أغسطس 2002. أثناء السنة الأولى للمعاهدة، قامت الدول الأعضاء بـ 67 طلعة مراقبة. في 2004، نفذت الدول الأعضاء 74 مهمة، وكان هناك 110 طلعة جوية للعام 2005. وفي 8 من آذار/مارس 2007، قامت روسيا بموجب المعاهدة بطلعات على الأراضي الكندية.
منذ 2002 تم تنفيذ 40 مهمة في أجواء المملكة المتحدة. كان هناك 24 مهمة قامت بها كل من روسيا وأوكرانيا والسويد. وكانت هناك 16 طلعة تدريبية قامت بها دول بنلوكس بالإشتراك مع إستونيا وجورجيا وواحدة بالاشتراك مع السويد والولايات المتحدة ولاتڤيا ولتوانيا ورومانيا وسلوڤنيا ويوغسلاڤيا.
في 4 من شباط/فبراير 2016 أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن تركيا رفضت مهمة السماء المفتوحة الروسية، حيث كان من المقرر تنفيذها في 1-5 شباط/فبراير ذاك العام، للتحليق فوق الأراضي المتاخمة لسوريا، فضلاً عن التحليق فوق قواعد طيران تابعة للناتو. تركيا لم تقدم تبريراً فيما يتعلق بالقيود. ومع ذلك بحلول عام 2016، كانت الطائرات الروسية تستخدم معدات متطورة تمكنت من خلالها كشف الأجواء التركية من الأراضي الروسية
على الرغم من أهمية مثل هذه الاتفاقيات إلا أن إدارة دونالد ترامب تواصل نشاطها في إطار الانسحاب من المعاهدات الدولية وهاي هي تعلن عن استعدادها الانسحاب عن معاهدة السماء المفتوحة واتفاقية باريس للمناخ.
حتى الآن، لم يوقع ترامب أي أوراق رسمية لبدء فترة الأشهر الستة من مغادرة معاهدة السماء المفتوحة. وربما لديه من العقل ما يكفي لأن لا يوقع. وإذا لم يكفه، فعلى الأرجح سوف تنسحب روسيا وبيلاروسيا وغيرهما، بعد الولايات المتحدة، من المعاهدة.
جيوش العالم تطلب المقاتلة سو-57
المجرم – هكذا أطلق حلف شمال الأطلسي على أحدث مقاتلة روسية سو-57 من الجيل الخامس وهذا هو الاسم الثاني بعد أن أطلق الناتو اسم فريزر على هذه الطائرة الحربية الحديثة
المقاتلة الروسية الفريدة التي نفذت أول تجربة طيران في عام 2010، تتمتع بتفوق منقطع النظير على منافساتها من المقاتلات الغربية وعلى وجه الخصوص الأمريكية بفضل المزاوجة بين القدرة على المناورة
المصادر العسكرية في الولايات المتحدة أكدت أن هناك حتى الآن خمس دول يمكن أن تشتري تلك الطائرة الواعدة في المستقبل، في حال وافقت القيادة الروسية على بيع مثل هذا النوع من الأسلحة الفتاكة.
اللافت للاهتمام هي أن ميانمار التي بدأت تهتم بـ سو-57، كانت قد وقعت مع مؤسسة روس أوبورون أكسبورت الروسية اتفاقية استبدال ميغ – 29 السوفيتية بسو-30 إس إم الروسية، ومن غير المستبعد أن تقرر شراء سو-57 أيضاً.
هناك الجزائر التي تعتبر أحد الأسواق المهمة بالنسبة لروسيا منذ زمن بعيد. وقد أبدت اهتماما بشراء مقاتلة سو-35 ونوهت عن رغبتها في شراء سو-57 في حال عُرضت هذه المقاتلة الروسية الحديثة بأسعار مقبولة.
ويمكن أن تدخل تركيا هذه القائمة، خاصة على خلفية فشل صفقة شراء المقاتلات الأمريكية إف-35 وهذا يمكن أن يدفع بأنقرة إلى اقتناء سو-57 الروسية. لكن بحسب الأوساط العسكرية فإن البلد الرئيسي الذي يمكن أن يشتري المقاتلة "سو-57 إي" لتستخدمها لأغراض التدريب والبحوث العلمية والتقنية.
أما الدولة الخامسة فهي الهند التي رفضت أولا شراء سو-57" حتى يستخدمها الجيش الروسي. لكنها انتقلت مؤخرا من موقف الرفض إلى موقف الانتظار. خاصة بعد أن أعلن الجنرال أليكسي كريفوروتشكو النائب الأول لوزير الدفاع الروسي، أن مقاتلة "سو-57" جاهزة عملياً. وسيتم تسليمها للقوات الجوية والفضائية الروسية نهاية العام الجاري.
وأعاد، كريفوروتشكو، إلى الأذهان أن عملية الإنتاج الصناعي لـ سو-57 انطلقت عام 2018. وشهد منتدى آرميا-2019 التقني العسكري توقيع اتفاقية إنتاج 76 مقاتلة للجيل الخامس بين وزارة الدفاع وشركة سوخوي.
الناتو في دول البلطيق يعتمد على الدبابات الطائرة
يتدرب حلف شمال الأطلسي بالقرب من الحدود الروسية على إيجاد عناصر قتالية جديدة تتعلق بالانتشار السريع للقوات في الاتجاهات التي يعتبرها أكثر خطورة. ويتم إنجاز هذه المهام من خلال إجراء المناورات المنتظمة. والحجة للقيام بهذه التدريبات هي الرد على الأعمال العدوانية لروسيا، التي تسعى جاهدة لغزو دول البلطيق مرة أخرى.
مؤخراً بدأت مناورات المجموعة الأولى الدائمة لمكافحة الألغام لحلف شمال الأطلسي في مضيق إيربين. ويزعم أن مهمة التدريبات هي تطوير التعاون بين مجموعة مكافحة الألغام مع سرب بالترون لبلدان البلطيق
لاتفيا، كما هو الحال في دول الناتو الأخرى، تعتبر روسيا وأسطولها الخصم الرئيسي. وعلى ما يبدو، هذا هو السبب في أن سفن الحلف تقدم الدعم قبالة سواحل لاتفيا في إستونيا من قبل أيضاً المظليين البريطانيين الذين وصلوا من المملكة المتحدة خلال هذه تدريبات. وفي ليتوانيا ، بدأت التدريبات الواسعة النطاق تحت شعار الذئب الحديدي 2019 فكما هو معروف فإن إستونيا هي دولة جارة لروسيا وليتوانيا لها حدود مشتركة مع بيلاروسيا ومنطقة كالينينغراد.
خصوصية هذه المناورات هي أن طائرات الهليكوبتر الهجومية AW159 Wildcat و AH-64 Apache وصلت إلى إستونيا للمشاركة في هذه التدريبات. وهذا يعني أن استخدامها يتيح القيام بعمليات الانزال السريع لقوات المحمولة جوا في أي مكان في البلاد. إنهم يمتلكون صواريخ موجهة مضادة للدبابات، ويمكنهم العمل كمركبات مصفحة، كالدبابات الطائرة.
الخبير العسكري الجنرال يوري نتكاشيف أشار إلى إن هذه الأهداف، إذا كانت على بعد أمتار قليلة من الأرض، يصعب إسقاطها. وبالتالي فإن نشاط مثل هذه المجموعة بالقرب من العاصمة الشمالية لروسيا تشكل تهديداً لأمنها.
خطر مماثل يهدد أراضي منطقة كالينينغراد وبيلاروسيا من خلال مناورات الأيرون وولف 2019 - II ، التي تجري في ليتوانيا في ميدان الجنرال سيلفستراس تشوكوسكاس للتدريب العسكري. وفي المناطق المدنية حول ميدان التدريب هذا، سيتم استخدام مبدأ "القوات ضد القوات" أثناء المناورات، عندما تشتبك الوحدات بعضها ضد بعض في ساحة المعركة. هذا يتيح لأن تكون العمليات أقرب ما يمكن للظروف الحقيقية للمعركة.
شارك في هذه المناورات واسعة النطاق حوالي 4 آلاف جندي من 11 دولة من حلف الناتو وأكثر من ألف قطعة من المعدات العسكرية، بما في ذلك طائرات الهليكوبتر القتالية والمقاتلات. وبحسب الجيش
في هذه الظروف ، سوف ترد روسيا وبيلاروسيا باتخاذ الإجراءات المناسبة. وبحسب رأي وزير دفاع بيلاروسيا أندريه رافكوف، فإن بلاده تعتزم زيادة عدد القوات البرية في الاتجاه الليتواني، وبطبيعة الحال، سوف تعزز التعاون مع روسيا الاتحادية. في إشارة إلى إنه في إطار التعاون العسكري مع موسكو العام المقبل، يعتزم الطرفان لمراجعة خطة استخدام المجموعة الإقليمية للقوات، وذلك بحيث تتماشى مع الوضع السائد.
الجنرال جيش سيرغي شويغو وزير الدفاع الروسي يعتقد أن أولويات روسيا وبيلاروسيا يجب أن تكون في إطار التعاون في مجال تطوير القوات المسلحة، وسياسة الدفاع المتفق عليها والاستخدام المتبادل للبنية التحتية العسكرية.
على ما يبدو، لهذا السبب بالذات كما ذكرت وزارة الدفاع الروسية، بدأ في منطقة كالينينغراد العمل على تشكيل الفرقة الجوية الهجينة رقم 132، والتي ستشمل فوج الطيران البحري الرابع مع قاذفات القنابل Su-24 والمقاتلات Su-30SM. وسيشمل أيضاً فوج الطيران 689، الذي سيستقبل قريباً المقاتلات Su-27SM و Su-35S المحدثتين. وستضم الفرقة أيضاً سرب طائرات الهليكوبتر البحرية 396 المستقل والمضاد للغواصات، وفوج المروحيات 125 المستقل وفوج النقل 398 المستقل.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم