وقد تحدث لإذاعتنا "سبوتنيك" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبو عبد الله عن هذا الموضوع.
قال بسام أبو عبد الله: تثبت الأحداث أن تنظيم "داعش" هو صناعة استخباراتية غربية خليجية، ويتبن من العمل على الأرض بأن تنظيم داعش يعمل وفقا لما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، والأكثر من ذلك أن ما يسمى قوات التحالف والولايات المتحدة قدمت دعما جويا لتنظيم داعش، كما تتذكرون في جبل الثردة وفي أكثر من هجوم قامت به الولايات المتحدة على الجيش السوري الذي يقاتل داعش، والآن تريد الولايات المتحدة تفريغ المنطقة الشمالية وتركيز هجوم داعش على مدينة دير الزور وأيضا ونقل عناصر داعش باتجاه المنطقة الصحراوية أو الحدودية الممتدة بين سوريا والعراق لإبقائها قلقة، وهذا الأمر بدا واضحا من خلال نواطؤ ما يسمى قوات الحماية الكردية وفتح كوريدور من مناطق الرقة لخروج إرهابيي داعش باتجاه دير الزور وصحراء تدمر من أجل عرقلة تقدم الجيش السوري والحلفاء في تلك المنطقة حتى لا يصل الجيش إلى الحدود مع العراق بعد وصول الحشد الشعبي، وما يؤكد ذلك أيضا هو قيام الطيران الروسي بتدمير عدد كبير من سيارات تنظيم داعش بناء على معلومات استخباراتية، بينما عاودت القوات البحرية الروسية من جديد ضرب مواقع وتحصينات داعش بصواريخ كاليبر في ريف تدمر.
وأضاف الدكتور بسام أبو عبد الله أن "المعركة أصبحت واضحة، وتريد الولايات المتحدة نقل عناصر داعش باتجاه الحدود السورية العراقية من أجل إيقاف تقدم الجيش السوري وإبقاء هذه المنطقة في حالة اضطراب واستنزاف القوات السورية وقوات الحلفاء.
لا بد من التذكير بما صرح به وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف حول شعور الجماعات المتطرفة بأن واشنطن حليف لها، حيث قال: "إن استخدام المتطرفين واشنطن كحليف لهم في أفغانستان له عواقب وخيمة" "وأن القوات الروسية في سوريا رصدت المسلحين من تنظيم "داعش" الخارجين من الرقة وقامت بمهاجمتهم وأن هذا سيتم دائما".
وقد قال المحلل السياسي أندريه أونتيكوف: إن ما نشاهده اليوم هو توافق بين الأكراد والأمريكان وتنظيم داعش وكل ذلك من أجل محاربة الجيش السوري، وهناك هدف وحيد وهو منع تقدم الجيش السوري إلى المناطق الشرقية وإلى دير الزور والرقة، والأميريكان يعولون على الأكراد، وفي المستقبل هذا قد يؤدي إلى تقسيم سوريا والعراق إلى دويلات وتشكيل منطقة تركية أو حتى دولة كردية مستقلة، والولايات المتحدة تعول على الأكراد من أجل تقسيم سوريا إلى دولتين على الأقل، لذلك نرى مثل هكذا اتفاقيات بين الأكراد وداعش.
وتابع أونتيكوف "الموقف الروسي هو الحفاظ على الوحدة الوطنية السورية وسيادة الدولة السورية، فلذلك قامت بضربات جوية ضد الإرهابيين الذين كانوا يتسللون من الرقة إلى ريف تدمر.
إذا كان العالم كله يحارب تنظيم "داعش" الذي يتجاوز عدد عناصره 70 ألف إرهابيا فمن أين يحصل هذا التظيم الإرهابي على المال والسلاح رغم أن البنوك وخطوط تهريب النفط المسروق ومناطق تواجد داعش أيضا مراقبة بواسطة الطائرات ومن الأرض والفضاء، ومن أين يحصل على الأموال والسلاح والسيارات والدعم؟
بينما أضاف الدكتور بسام أبو عبد الله قائلا يمكن أن نضيف أن هناك تحولا في الموقف التركي، حيث قال وزير الخارجية التركية أن التسليح الأمريكي للانفصاليين الأكراد هو تطور خطير، وسيكون له انعكاس كبير جدا، وبالتالي فتركيا لن تقف مكتوفة الأيدي، وهذا سيؤدي إلى تغير قريب في الموقف التركي، ربما نشهده في المرحلة القادمة واضطرار تركيا بالتنسيق مع الدولة السورية ومع الايرانيين لأن هذا المشروع يشكل بداية من أجل تقسيم تركيا، وكما نرى فالولايات المتحدة تسعى لفصل الشمال السوري ونقل الدواعش إلى دير الزور من أجل منع تقدم الجيش السوري الذي بالتعاون مع الحشد سيمنع تقسيم سوريا.
كل المعطيات على الأرض تقول إن الولايات المتحدة لا تريد التخلص من "داعش" الذي صنعته ورعته ودعمته، بل تسعى لتصديره إلى مناطق أخرى في سوريا وأيضا إلى دول أخرى وربما تحت تسمية أخرى، كما فعلت بتنظيم "القاعدة" الذي صنعته واستخدمته في محاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ومن ثم استخدمت عناصره في مناطق أخرى من العالم لتحقيق أهدافها السياسية وايجاد مبررا للهيمنة على مقدرات الشعوب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت عنوان "محاربة الإرهاب"، وهذا ما أشار إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابل' مع المخرج الأمريكي أوليفر ستون حيث قال: "إن القاعدة ليست نتاج أفعالنا.. إنها نتيجة لتصرفات وأفعال أصدقائنا الأميركيين.. حيث بدأ الامر كله خلال الحرب السوفييتية في أفغانستان عندما دعمت الأجهزة الخاصة الاميركية مختلف التيارات المتطرفة لمحاربة القوات السوفييتية ورعت واحتضنت تنظيم القاعدة واسامة بن لادن"
ويبقى السؤال هل ستنجح الولايات المتحدة من جديد في تطبيق نفس السيناريو، في حين تحارب روسيا وبقوة الإرهاب في سوريا، وتدعم الجيش السوري بقوة في وجه الإرهاب؟
إعداد وتقديم نزار بوش