وقد تحدث الخبير الاستراتيجي الدكتور كمال جفا عن عملية الجيش السوري في فك الحصار عن دير الزور قائلا:
مضى على محاصرة دير الزور ثلاث سنوات من قبل "داعش" الذي يسيطر على 90% من مساحة المدينة البلغ 39 كم مربع، بينما كان يعيش في دير الزور حوالي 450 ألف نسمة، وما فعله الجيش السوري عمل إعجازي لفك الحصار علن المدينة التي تبعد عن العاصمة دمشق مركز الإمداد 450 كيلومترا، ومع ذلك استطاعت القوات السورية أن تدخل إلى مركز مدينة دير الزور حيث تم فتح طريق إليها وليس تحريرها بالكاملن وهناك عمل عسكري ضخم ينتظر القوات الجوية الروسية والقوات البرية السورية والحلفاء لإتمام فك الحصار عن المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم وقد بدأت عشرات الشاحنات تعبر إلى مدينة دير الزور، ولكن بقي المطار الذي يحتاج إلى عمل عسكري ضخم لتوسيع نطاق الحماية له، وقد بدأت القوات السورية والرديفة العمل على المحور الشمالي وصولا إلى منطقة الأتستراد، ولم يبق ل"داعش" خيار على الإطلاق إلا القتال حتى الموت، وتكون عملية تحرير دير الزور هي إسقاط للمشروع الأمريكي الذي قامت على أساسه كل هذه الحرب على سوريا والتي مضى عليها سبع سنوات.
وأضاف الدكتور كمال جفا بعد فك الحصار عن المدنيين في دير الزور نفذ "داعش" هجوما عكسيا على القوات السورية ولكنه فشل، حيث أن الجيش السوري دعم خط الدخول الرئيسي والمعارك مستمرة، وقد قام الطيران الروسي بتدمير منظومة الاتصالات لدى "داعش".
بينما قال المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف:
أريد أن اشير إلى أن داعش لا يزال يسيطر على كثير من المواقع، وخاصة على الجنوب الشرقي لمدينة دير الزور، لذلك سنرى تقدم للجيش السوري والقوات الجوية الفضائية الروسية بهذا الاتجاه، ولكن روسيا في نفس الوقت تعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في مناطق خفض التوتر، ونعمل من أجل إنشاء منطقة خفض توتر رابعة في إدلب، ولا بد من التنويه إلى أنه ربما تخلت الولايات المتحدة عن مشروعها "داعش" ولكنها انتقلت إلى مشروع آخر وهو مشروع إنشاء الدولة الكردية المستقلة، وسنشاهد في وقت قريب الاستفتاء في كردستان العراق، كما سنشاهد الانتخابات المحلية في سوريا وتحديدا في ما يسمى المنطقة الفيدرالية الكردية، وكل هذه الخطوات الكردية لا شك أنها مدعومة من قبل الولايات المتحدة، وفي ضوء النجاحات السورية والروسية فيما يخص مكافحة الإرهاب في سوريا، تعمل روسيا على أيضا على وقف المشروع الأمريكي لتفكيك الدولة السورية، وظاهرة "داعش" أقل خطرا من إنشاء الدولة الكردية التي ستنعكس نتائجها السلبية على كل المنطقة.
كما أضاف أونتيكوف أنه منذ البداية أصرت على مشاركة الأكراد في عملية سياسية في حل الأزمة السورية وضم الأكراد إلى محادثات أستانا وجنيف، ونحتاج إلى حوار مع الأكراد، وروسيا ستصر على هذا الحوار وضم الأكراد إلى العملية السياسية السورية.
ما هي الخطة الروسية في إدلب؟
عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن أمله في الإعلان قريبا عن اتفاق نهائي بشأن منطقة تخفيف التصعيد في إدلب السورية، مشيدا بالتقدم في هذا المجال.
وقال لافروف خلال مشاركته في منتدى الشرق الاقتصادي بمدينة فلاديفوستوك الروسية: "آمل في أننا سنسمع في القريب العاجل أخبارا أكثر تفصيلا بهذا الشأن".
ووصف الوزير الروسي التقدم في سياق الاتصالات بين الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) بشأن إقامة منطقة تخفيف التوتر في إدلب بأنه كبير، موضحا أن الحديث يدور عن تنسيق مواصفات وشكل المنطقة، وكذلك عن أساليب ضمان الأمن في ريف إدلب.
وقد علق الدكتور كمال جفا حول الخطة الروسية في إدلب قائلا: من المعروف أن هناك اتفاق روسي سوري على عدم الدخول في معركة عسكرية مدمرة لمدينة إدلب، وهناك قسم كبير من المقا تلين الأجانب يقدر عددهم حوالي 50 ألف مقاتل مع عائلاتهم، والآن يتم التفاهم ما بين القيادة الروسية والأتراك على تجنيب هذه المدينة حربا عسكرية وإدراجها في مناطق التهدئة، ولكن هناك تحفظات من الجانب السوري حول بعض التفاصيل، ونحن نعلم أن للتركي مصالح استراتيجة في إدلب.
وعن معركة دير الزور وخطة الجيش السوري لاحقا قال اللواء سليم حربا:
دعني أقول إن هذا الانتصار العسكري الاستراتيجي يعطي دائما مفاعيل استراتيجية ببعدها العسكري الميداني الاستراتيجي وببعدها الشعبي والإنساني، وببعدها الاقتصادي وببعدها السياسين هو انتصار نوعي، وما قبل هذا اليوم الذي فكينا فيه الطوق عن دير الزور غير ما بعده لسوريا والمنطقة، لأنه إعلان رسمي ميداني من الجيش السوري والقوات الحليفة والرديفة على وحدة سوريا ترابا وشعبا، كما أنه إعلان رسمي أيضا بتصدع وانهيار وهزيمة المشروع الإرهابي الصهيوني الأمريكي الوهابي، لذلك يمكن القول أن أهم مفاعيل هذا الإنجاز على المستوى العسكري أنه أثبت أن الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والرديفة هي القادرة على هزيمة الإرهاب وتوجيه ضربة قاصمة للإرهاب الداعشي وما تبقى لمسميات الإرهاب، وهذا الإنجاز في دير الزور وفك الطوق عن المدينة من قبل الجيش السوري يؤكد أيضا قوة وبراعة وعبقرية المقاتل السوري ونوعيته أيضا حيث شق الطريق وقطع أكثر من 250 كلم وفك الطوق، كما يؤسس هذا الإنجاز موضوعيا وعسكريا لتطهير ما تبقى من ريف دير الزور ووصوله إلى الحدود العراقية، والخطة القادمة هو فك الطوق عن مطار دير الزور وتطهير مدينة الميادين والبوكمال ووصولا إلى الحدود العراقيةن ويتوازى أيضا مع انهيار وانحسار داعش في العراق وتطهير الموصل وتلعفر.
طبعا كان أحد اهداف فك الطوق عن دير الزور هو إنقاذ أكثر من 75 ألف مواطن كانوا محاصرين لأكثر من ثلاث سنوات، وهذا بعد إنساني للعملية العسكرية للجيش السوري في دير الزور، وقد بدأت الحكومة السورية بإرسال عشرات الأطنان من المساعدات إلى الأهالي في دير الزور، والآن ينتظر المواطنون في مناطق كثيرة الجيش السوري ليفك عنهم الحصار، ويعودون إلى بلداتهم.
وتابع اللواء سليم حربا: " بعد العملية العسكرية في دير الزور ازدات الحالة الشعبية ثقة بقدرة الجيش السوري على تحرير باقي المناطق من سيطرة الجماعات الإرهابية"
وهذه العملية العسكرية وفك الحصار عن دير الزور أعطت رسالة سياسية لكل من يهمه الأمر وعلى رأسهم منظومة الإرهاب الداعمة للجماعات الإرهابية، وتقول هذه الرسالة: إنه كل من يراهن على "داعش" أو "جبهة النصرة" انتهى رهانه، والإرهاب يسير إلى انهيار استراتيجي ولا يمكن لعاقل أن يعود ويراهن عليه، وانجازات الجيش السوري غير الموازين والمواقع على المستوى الاقليمي والدولي، والانجاز في دير الزور يرسخ هذه المواقف ويجبر كل هذه الدول لأن تتعامل مع واقع ميداني وعسكري وشعبي جديد.
وأضاف اللواء سليم حربا أن وجهة الجيش السوري هي الاستمرار بتطهير ماتبقى من دير الزور أولا والتعاون بين سوريا والعراق عسكريا من أجل القضاء على ما تبقى من داعش، بالإضافة إلى فك الطوق عن مدينة دير الزور والتوجه باتجاه الشرق والجنوب الشرقي لتطهير ما تبقى من ريف دير الزور وخاصة باتجاه مدينة الميادين والبوكمال والالتقاء مع القوات العراقية، وستكون وجهة الجيش السوري إلى كامل الجغرافية السورية حيث يتواجد الإرهاب، أي أن هذا الإنجاز هو ضرب على رأس "داعش" وعلى رأس جبهة النصرة التي تهيمن على مدينة إدلب، ولا شك أن مصير جبهة النصرة هو كمصير داعش تماما، والجيش السوري سيتحرك وفق أولويات ووفق استراتيجيات ووفق منظومة حرب عسكرية وأمنية وشعبية وإنسانية إلى كل المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية، وهذا قرار لا رجعة عنه على الاطلاق بتطهير كل الجغرافية السورية وهزيمة الإرهاب بكل مسمياته وتجلياته.
إعداد وتقديم: نزار بوش