إعداد وتقديم نزار بوش
وصل الحوار السوري السوري إلى الجولة السادسة من محادثات أستانا في ظل تقدم الجيش السوري على كافة جبهات القتال في سوريا، ولا سيما جبهة دير الزور حيث استطاع فك الحصار عن المدينة والمطار وتحرير جزء كبير من المساحات التي كان يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، ولكن لا زال الطرف الروسي يعمل وبتنسيق مع القيادة السورية في اتجاه الحل السياسي مع الاستمرار في محاربة الإرهاب ولا سيما محاربة تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة"، والمسار الذي يعمل عليه الطرف الروسي هو تثبيت وقف إطلاق النار في مناطق تخفيف التوتر واستحداث منطقة جديدة لتخفيف التصعيد ألا وهي إدلب من أجل وقف سفك الدماء والدخول في مصالحات تؤدي إلى عودة هذه المناطق إلى سيطرة الدولة السورية والجيش السوري.
طبعا يشارك في محادثات أستانا مندوبون عن فصائل مسلحة انضمت حديثا إلى هذه الجولة، وخاصة بعد انتصار الجيش السوري والحلفاء في دير الزور، وهنا لا بد من السؤال ما الذي تريده المعارضة السورية الداخلية من اجتماعات أستانا،وما هي الرسائل التي توجهها إلى منصات الخارج؟
قالت المعارضة السيدة ميس كريدي: المعارضة الوطنية السورية كونها جزء من الشعب السوري في داخل سوريا عانت كثيرا من الإرهاب أولا، وثانيا عانت من الضغط السياسي نتيجة الدعم الخارجي لأجندات خاصة، وبالتالي نحن ندعو إلى الحل السياسي، ونعتقد أن الحوار مع الفصائل العسكرية رغم أنه أمر صعب علينا، لأننا لا نعتبر أن المعارضة يجب أن تكون مسلحة، إنما هي مشروع سياسي، ولكن يجب أن نعترف أن هذا الجرح يحتاج إلى أن نشد عليه ونقبل بالأمر الواقع، ونتمنى أن نتقدم بخطوات وطيدة وثابتة لإنجاز حالة من الاستقرار ووقف إطلاق النار وحالة من حقن الدم السوري، وبالتالي نتطلع لأن تقدم اجتماعات أستانا خيارا مناسبا للسوريين.
فيما علق الدكتور محمد عكام حول المبادرة الروسية بإنشاء منطقة تخفيف توتر جديدة في إدلب: "نحن نعرف أن مدينة إدلب وما حولها تسيطر عليها الجماعات المسلحة من "جبهة النصرة" وغيرها من الجماعات المسلحة، وجزء من هذه الجماعات المسلحة تجتمع في إطار جولة أستانا، لذلك الجانب التركي استبق هذه الجولة بخطوة تسمى تشكيل مجلس عسكري لكل هذه الكيانات المسلحة من أجل فصلهم عن جبهة النصرة، لأنه هناك جهد روسي بالتنسيق مع السوري والايراني والضامن التركي لكي ننفذ ما تم التشاور حوله في الجولة السابقة فيما يتعلق بمنطقة تخفيف التوتر في إدلب، ويبدو أن هناك تصميم سوري روسي على إنجاز هذه الخطوة.
وعن سؤال هل تستطيع المعارضات الخارجية وخاصة المشاركة في اجتماعات أستانا أن تشارك في العمل السياسي مستقبلا؟
أجابت المعارضة ميس كريدي: يحتاج هذا الموضوع إلى عملية تأهيل سياسي كبيرة، كما يحتاج إلى توافقات معينة، ولكن الأمر صعب لأن جزء من هذه المعارضات مسلح ومدرج على لائحة الإرهاب الدولي، وهناك أيضا جزء غير مسلح ولكن يحتاج إلى كثير من رحابة الصدر يمكن تحويلها إلى فعالية سياسية، ونحتاج إلى تضافر الجهود وحوارات وإلى عملية سياسية متكاملة.
وأضافت كريديي: نحن سعينا بالمصالحات لاسترجاع أبنائنا السوريين الذين تم تضليلهم سياسيا، لكن نحن لا نجرؤ حتى على التواجد مقابلهم جول طاولة مفاوضات، لانهم يمكن أن يقتلونا، وعندما كنا في جنيف كنا نخاف هذه الشخصيات، وشهدنا على الأرض السورية حالات كثيرة من القتل والإجرام وقطع رؤوس قام بها هؤلاء، ولكن نحتاج لخطوات كثيرة كي نستطيع أن نصلح ما أفسده هؤلاء.
فيما قال الدكتور محمد عكام حول أسباب تغير لهجة كثير من الدول وبعض المعارضات إيجابيا تجاه الأزمة السورية: هذه الأطراف تصرح فوق الطاولة بطريقة، وتتعامل مع الواقع بطريقة أخرى، فاليوم هناك تقارير تقول إن الولايات المتحدة ما زالت تسلح ما يسمى المعارضات السورية والمجاميع المسلحة بمبالغ طائلة تقدر بالمليارات وتموه عن هذا الأمر، إذا نحن لا نصدق لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا اللذين يصرحون تصريحات إيجابية، ولكن هذه التصريحات الإيجابية فرضتها انتصارات الجيش السوري والمحور الذي يقاتل على الأرض مع سوريا وسيما الايراني والروسي والمقاومة.
وأضاف الدكتور محمد العكام حول هل إمكانية التحاور مع من تلوثت أيديهم بالدم السوري من المسلحين: "فكرة محاولة الحوار مع المسلحين هي فكرة روسية الهدف منها هو أخذ هؤلاء، وهم أدوات يستخدمهم المحور الغربي لاستمرار هذه المعركة في سوريا واستمرار حالة الإرهاب، فإذا اقتنع جزء من هؤلاء بالعمل السياسي، هذا يعني عدم الاحتكام للسلاح وتركه، لتأتي المرحلة الثانية للاشتراك مع الجيش السوري والحلفاء الذين يقاتلون "داعش" و"النصرة" ومن ثم تسليم السلاح، كل ذلك مؤهل لكي نبدأ بقبولهم في أي عمل سياسي في المستقبل، وهذه وجهة نظر لتجفيف الإرهاب في سوريا تدريجيا وأخذ هؤلاء من حضن اللذين يخدموهم ضد الدولة في سوريا والمؤسسات والشعب، لكي يكونوا جزء من العمل السياسي، واليوم يوجد جزء منهم في أستانا يقبل بمخرجات أستانا والتي أصبحت واقعا على الجميع، بينما الولايات المتحدة تريد استخدام هؤلاء المسلحين من أجل استمرار الحرب والضغط على الحكومة السورية، ولكن الآن هناك تعامل سوري روسي واقعي في هذا الأمر للوصول إلى مخرجات سواء كانت ميدانية تفصيلية هنا وهناك، للانتقال إلى تأسيس عمل سياسي إذا نجحت هذه الجولة في لإنهاء حالة الحرب في سوريا.
وحول رأي المعارضة الداخلية السورية بالتعامل مع المعارضات والمنصات خارج سورية قالت السيدة ميس كريدي: دعنا نكون إيجابيين وأن ندعو إلى علاقة سياسية مع الجميع ضمن ثوابت وطنية، وفي النهاية هناك عمل مطلوب في الداخل السوري، ونحن ملتزمون بقرار 2254 رغم أنه تم إقصاء المعارضة الداخلية عنه، نحن مع الشرعية الدولية ومع القرارت الدولية، ولكن الحديث المناسب هو حديث الأرض داخل سوريا، ودائما نكرر من يريد أن يعارض يجب أن يكون في الداخل السوري وليس على أبواب السفارات في الخارج، ويجب أن يكون المعارض بين الشعب السوري ويرى بأم عينه الماساة ولا يهرب إلى الخارج ويتحدث بعنتريات من خلال الفضائيات، والكل يجب أن يكون جزء من الدولة التي هي دولة الجميع، وعلى الجميع أن يكونوا معنيين بحمايتها اجتماعيا واقتصاديا، وكل من يملك الجنسية السورية له الحق المشاركة في العمل السياسي بدون سلاح، ولا بد أن أقول إن المعارضين الموجودين خارج سوريا ليس لديهم أي شرعية شعبية على أرض الواقع في الداخل السوري.
وأضافت كريدي "وعلى هذه المعارضات والمنصات والشخصيات المعارضة خارج سوريا أن يوجهوا رسائلهم إلى الشعب السوري وليس إلى السفارات والجهات الدولية، وعليهم أن يستمدوا شرعيتهم من الشعب السوري وليس من الدول الداعمة لهم، وندعوهم أن يكون جادين تجاه القضية السورية وإلى العمل في الداخل، وهذا رأيي الشعب السوري وليس رأيي فقط كوني معارضة موجودة في الداخل".
وحول التوقعات بنجاح محادثات أستانا في حل الأزمة السورية قال الدكتور محمد خير عكام: إن اجتماع منصة أستانا هام جدا، لأنه كان الأمريكي يخطط أن تستمر المحادثات لاستغلال الوقت والاستفادة من الزمن لكي يحققق نتائج على الأرض من أجل الضغط على الشعب السوري، ولكن أتت منصة أستانا بعد التعاون الروسي السوري الإيراني في تحرير حلب، وأمام هذا التحرير تم اختراع هذه المنصة لنجفف هذه الذريعة التي كانت تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية ونتعامل مع الأمر بواقعية جديدة، وأخذ الكثير من الموضوعات التي استخدمت في جنيف عام 2016 ذريعة لكي لا نستمر في الحوار السوري السوري السياسي لإيجاد مخارج سياسية، أما الآن فمحادثات أستانا أوجدت الكثير من الحلول التي تمهد الطريق إلى نجاح حوار سوري سوري، والوصول إلى مخارج سياسية، وإنهاء هذه الحالة التي كان يريد أن يستخدمها الأمريكي والمحور الغربي بشكل عام، كما استخدم الوسائل والكيانات الإرهابية لاستمرار هذه الحرب إلى ما لا نهاية، كما كان يريد استخدام معارضات مشرذمة لكي يبتعد بالوصول إلى المخارج السياسية.
وأضاف الدكتور محمد خير عكام: " الجهد الروسي ومحادثات أستانا سوف تقلل الزمن للوصول إلى مخارج سياسية في أستانا وفي جنيف".
