قال الخبير الأمني الدكتور أحمد الشريفي:
من الضروري جدا ألا نجعل مسعود البرزاني شاخصا للأحداث التي تجري، فهو بالحقيقة لا يعدو كونه أداة في مشروع أكثر سعة، وربما أوسع آفاقا في مجريات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، فلو لاحظنا ظهور تنظيم القاعدة الذي حقق بشكل أو بآخر ما يطلق عليه الأحادية القطبية، ولين كثيرا من الأهداف للوصول إلى ما يطلق عليه "الربيع العربي" الذي كان يتجه لجعل كثير من الدول عبارة عن دويلات صغيرة، ولطن بعد فشل "الربيع العربي" وصمود دول في المنطقة ظهر "داعش" بديلا عن تنظيم القاعدة، ومع انحسار ونهاية "داعش" ظهر مشروع الاستفتاء، واستفتاء كردستان هو مشروع يعد للمنطقة عموما، والإجراءات التي يتخذها مشروع البرزاني هي جزء لا يتجزأ من محور ظهر فيه تنظيم "داعش" وثمة ملامح خطى جديدة، نظهر فيها أبعاد لحدود ولطنها ليست حدود جغرافية، وإنما حدود طاقة، وما أقدم عليه مسعود البرزاني متحديا الدول الإقليمية والأمم المتحدة إنما يدل على أن هناك أزرع تحرك هذا الشخص وتعطيه هذه القوة في الصمود والمواجهة، وربما مرحلة بعد الاستفتاء هو الذهاب في باتجاه النظام الفيدرالي في العراق وفي سوريا، وهي فيدرالية الولايات، التي تكون فيها الولايات أقرب إلى الدويلات الصغيرة، أي أننا لا نذهب في الإطار العام إلى تقسيم كل من سوريا والعراق، ولكن ستظهر ولايات عبر مفهوم الفيدرالية.
فيما قال الدكتور أسامة دنورة حول دور "قوات سوريا الديمقراطية" في سوريا
إن دور المجموعات كأداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية، هو دور واضح ولا لبس فيه، حيث يتم توظيفه في المنطقة الشرقية في سوريا كبديل عن تنظيم "داعش" الإرهابي، ونحن نجد أن هناك اتجاها أمريكيا متسارعا بدأ منذ موجة "الربيع العربي" لتوظيف أوراق مدخرة استراتيجيا منذ زمن بعيد، ونحن نعلم أن الأمريكيين بدأوا بلعب الورقة التركية وورقة الاخوان المسلمين الإرهابيين، ولكن الآن اتجه الأمريكان لاستخدام الورقة العرقية بديلا عن الورقة الطائفية، والغرض نفسه وهو شد الأطراف ومن ثم بترها، وقد وجدنا هذا السلوك واضحا في العلاقة الاسرائيلية مع جنوب السودان، والهدف من كل ذلك إضعاف الإرادة القومية للدول التي لا تتماشى مع السياسة الأمريكية والاسرائيلية.
وأضاف الدكتور أسامة دنورة: بعد أن أصبح تنظيم "داعش" الإرهابي مستهلكا ومنتهيا، بدأ الأمريكان اللعب على الورقة العرقية، ليكون هناك بديلا والتعويض عن انهيار "داعش".
الطرف السوري مدعوما بالحلفاء والأصدقاء الايرانيين والروس مستمر بالعمل لاستعادة السيادة السورية على كل الأراضي السورية، ودحر ظاهرة الإرهاب، واستعادة قوة سوريا وموقعها الجيوبوليتيكي على مستوى المنطقة، ومن يعترض على هذا سيضع نفسه على خط الصدام، ولكن بنفس الوقت وجدنا تصريحات لوزير الخارجية السوري وليد المعلم تمد يدا باتجاه التفاهم مع هذه البنى السياسية على موضوع الإدارة المحلية في الشمال الشرقي لسوريا.
وأضاف الشريفي: أن ظهور "داعش" يدخل في مفهوم حروب الجيل الرابع التي هدفها الاستراتيجي ليس احتلال أرض، أوكسر إدارة جيوش، وإنما هي التأثير في القرار السياسي أو انتزاع قرار سياسي، فلذلك يتم الضغط على سوريا وعلى العراق من خلال إضعاف الدولتين وسلب القرار السياسي منهما، والقبول بالفيدرالية بديلا عن التقسيم وهذا مطلب أمريكي.
من جهته قال الدكتور أسامة دنورة: إن الطرف التركي لديه نزوع خفي نحو نفضيل ما هو تكتيكي على ما هو استراتيجي، أي أن هناك رغبة تركية ألا تكون المواقف التركية بنفس مستوى الجدية التي تقوم بها دولة العراق المركزية والطرف الايراني، وقد لاحظنا أن الإجراءات الايرانية كانت حازمة ومباشرة وعميلة أكثر من التصريحات التركية فيما يخص الاستفتاء، وهذا يشير على أن الطرف التركي لا يزال يلعب لعبة تفضيل المصلحة السياسة على المصلحة القومية والأمة التركية، وهذا ينسجم مع كون الطرف التركي هو الرئة والحبل السري الذي أمد كردستان والبرزاني بمقومات الاستمرار وبهذه النزعة التي عبر بها مسعود البرزاني مؤخر، اي الاستفتاء، لذلك التخلي التركي عن هذه الورقة قد لا يكون بوضوح الإجراءات الايرانية والعراقية تجاه المشروع الانفصالي في شمال العراق.
وأضاف أسامة دنورة: أن الولايات المتحدة توظف هذا الكيان الانفصالي الكردي ضد دول المنطقة وخاصة ضد العراق وايران وسوريا، وأن هناك كلمة سر أمريكية تحاول الطلب من القوى المستجدة على ساحة المنطقة أن تستحوذ على الطاقة، بطبيعة الحال على الحقول النفطية في كركوك، كما هناك سباق نحو حقول النفط في منطقة الجزيرة السورية وفي شرق نهر الفرات، ومن المؤكد أن الطرف الاسرائيلي صاحب مصلحة أساسية في ما يحدث في العراق، ونحن نعرف أن علاقة مصطفى البرزاني الذي نوع في ولاءاته، وكانت إحدى هذه الولاءات لاسرائيل حيث احتفل في شمال كردستان مع الاسرائيليين باحتلال القدس، ويقال أن مصطفى البرزاني ذبح ذبيحة لوفد اسرائيلي وعلق هذه الذبيحة اللونين الأبيض والأزرق، رمزا للذبائح اليهودية، والآن عبر عن هذه العلاقة الاسرائليون بشكل صريح وواضح لا ريب فيه خلال الاستفتاء في شمال العراق،والبرزاني يعول على هذه العلاقة من أجل استهداف سوريا والعراق وايران.
وقال أحمد الشريفي: لا شك أن "داعش" هي صناعة اسرائيلية، ولكن أيضا يجب ألا ننسى الدور التركي بقيادة أردوغان الذي ساهم بتصدع الدولة العراقية والدولة السورية التي كانت متماسكة، فلذلك لا يمكن أن يعول على ما يقوله أردوغان، الذي يرغب بالسيطرة على حوض البحر المتوسط.
إعداد وتقديم: نزار بوش