من الطبيعي أن القروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي لابد من أن تحمل شروطا، فهو لا يعتبر منظمة خيرية، وإنما يعطي أموالا بالآجل مقابل فوائد، بالإضافة هناك شروط يفرضها على الدولة المقترضة حفاظا على هذه الأموال. ومن ضمن شروط صندوق النقد الدولي على العراق هو أن يكون هناك مصالحة وطنية وتسويات سياسية، والسبب في ذلك هو الخشية على الأموال من أن تتعرض إلى السرقات والاختلاسات أو أن تبتعد عن الأهداف أو أن تعالج قضايا تخص أطراف معينة دون الأطراف الأخرى، وهو قليلا ما يحدث أن يقوم صندوق النقد الدولي بالبحث في قراراته عن الجنبة السياسية، لكن نلاحظ ذلك في العراق والصومال والدول التي تعاني الصراعات الداخلية خشية على هذه الأموال، خصوصا وأن هذه الأموال مرتفعة جدا ولابد من وضع الضمانات التي بها يمكن أن تسترجع الأموال.
ولدى صندوق النقد الدولي إجراءات معينة في حال عدم استرجاع الأموال، كطلب المساعدة من الأمم المتحدة وحتى فرض عقوبات من خلال مجلس الأمن، وكذلك يمكن اقتطاعها من عائدات النفط، ولهذا يشترط صندوق النقد الدولي في أن يكون توزيع الأموال عادلا وفق تسويات ومصالحات بحيث يضمن الأرضية المناسبة في استرجاع الأموال.
الأمم المتحدة تمنع الدول الأخرى والمنظمات بموجب المادة واحد واثنين من ميثاق الأمم المتحدة من التدخل في شؤون الدول، لكن صندوق النقد الدولي بالنسبة للعراق المصنف ضمن الدول العشر الأولى في الفساد، لهذا يبحث الصندوق التسويات السياسية في أن تكون حاضرة في سبيل ضمان موارد صحيحه لهذه الأموال الطائلة، ويحافظ عليها وكذلك يضمن استرجاعها مع فوائدها، وما يجري اليوم في العراق من تسويات ومصالحات قد تكون محفزة خصوصا وأن صندوق النقد الدولي أعطى دفعة من القرض، لربما أراد بذلك أن يرى آلية التطبيق وكيف ستصرف هذه الأموال ومدى التزام العراق بالشروط التي وضعها.
كما ذكرنا صندوق النقد الدولي يضع شروطا تحمل جوانب اقتصادية، لكن هذا الاتفاق مع العراق قد يكون الوحيد الذي حوى في طياته شروطا سياسية، وذلك بسبب المخاوف من إهدار هذه الأموال، خصوصا وأن الصندوق يعتمد على السمعة وهي مهمة له، ويخشى على ضياع هذه الأموال أو يقع في إشكالية مع دولة مثل العراق التي فيها مشاكل وقلاقل داخلية تؤثر على الوضع الاقتصادي والسياسي وربما يكون فيها فساد وغسيل الأموال.
إعداد وتقديم: ضياء إبراهيم حسون