وتتهم السعودية ودول خليجية وعربية أخرى إيران بزعزعة استقرار دول عربية، بينها لبنان والعراق واليمن وسوريا، عبر أذرع موالية لها في تلك الدول؛ وهو ما تنفي الأخيرة صحته مؤكدة التزامها بعلاقات حسن الجوار.
حرب تصريحات آخذة في التصاعد بين الرياض وطهران منذ إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا على الأراضي السعودية، سقطت شظاياه في محيط مطار الملك خالد جهة العاصمة الرياض. والرياض لم تتأخر كثيرا في اتهام إيران على لسان ولي العهد محمد بن سلمان بتزويد الحوثيين بالصواريخِ، ما اعتبره عدواناً عسكرياً مباشرًا.
وبين متوقع وغير متوقع لنشوء مثل تلك الحرب المباشرة بين البلدين، ينبغي التذكير بما نشرته مطلع العام الجاري مجلة الأعمال الأمريكية الشهيرة «فوربس» في مقالا تحت عنوان «الحرب المقبلة بين السعودية وإيران ستجعل من أصحاب حقول النفط الصخري الأمريكية أغنياء جدا». فهذه المقالة تشير للفوائد التي ستهبط على الاقتصاد الأمريكي بالقول، إن الأرباح التي سيتم جنيها ستقوم بتمويل العجز التجاري وتكرّس وضع واشنطن كمصدّر أساسي للنفط. «كلما طالت الأزمة المحتملة في الشرق الأوسط كلما زادت حصة الشركات الأمريكية». فعندما تخرج المعارك بالوكالة بين البلدين الإسلاميين الجارين لتصبح حرباً مباشرة في تكرار لسيناريو الحرب العراقية — الإيرانية التي اندلعت عام 1980 وانتهت عام 1988 مخلفة قرابة مليون قتيل وتدمير هائل لاقتصاد البلدين، حيث يعتبر حصول ذلك السيناريو بمثابة تحقيق «الحلم» للشركات الأمريكية.
عن هذا الموضوع يقول المحلل السياسي الدكتور أحمد الأبيض:
"إن حرب الإنابة سائرة اليوم في المنطقة سواء عن طريق الحوثي في اليمن أو حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي في العراق، لكن الحرب القادمة ستكون ضروس عن طريق حرب الصواريخ والطائرات المتطورة، بالتالي إذا ما حصلت مثل تلك الحرب فسوف نشهد تدميرا لبعض المدن، وسوف لن تكون حربا بالإنابة، وإنما بالمواجهة بين قطبي المنطقة وفيما بين حلفائهم أيضاً، فإذا ما توسعت هذه الحرب فإنها ستحصل في كل مدينة وفي كل شارع، وسوف تعزز الانقسام الطائفي في المنطقة، فنحن اليوم نراقب وبقلق ما يحصل اليوم في المنطقة.
الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب عازمة على حشر إيران في زاوية، أقلها أن تترك وتغادر العراق، كون الولايات المتحدة مهتمة بموضوع العراق، كما يراد أيضا أن تغادر إيران لبنان. وإن تم ذلك، فإن الولايات المتحدة سوف تحقق طموحات حليفتها السعودية وكذلك إسرائيل في نفس الوقت، لأنها القوة الوحيدة التي تهددهم وتخل في ميزان القوى، فـإيران متفوقة في جانب الصواريخ البالستية، وكذلك من خلال انتشار حلفائها في المدن والدول، وهذا بحد ذاته إخلال في ميزان القوى، ولذلك تسارع دول الخليج نحو التسلح، فقد وقعت الإمارات صفقة قيمتها تسعة مليارات دولار قيمة طائرات إف 15 وإف 16، وهذا يؤكد أن السباق في التسلح يشير إلى وجود منحى آخر غير منحى الحوار، فما زالت فرصة الحوار بين هذه الدول وإيران مفقودة، وأعتقد كلما ضاقت فرصة الحوار اتسعت معها فرصة الحرب".
إعداد وتقديم: ضياء إبراهيم حسون