ألمانيا تؤكد حق المواطنين الألمان الذين قاتلوا مع تنظيم "داعش" في سوريا في العودة للبلاد. قابله رفض فرنسي قاطع، تمثل بعدم عزمها اتخاذ أي إجراء في الوقت الحالي بناء على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حلفاء أوروبيين استعادة مئات من مقاتلي "داعش" من سوريا، وأنها ستعيد المقاتلين على أساس مبدأ "كل حالة على حدة".
فما مصير "الدواعش" العائدين من سوريا والعراق؟ هل يمثلون خطر على أوروبا؟ وهل تخلصت أوروبا من متطرفيها عبر زجهم في مناطق الصراع في سوريا والعراق؟
ضيف برنامج الحقيقة على أثير راديو "سبوتنيك" الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور عماد علو، نائب مدير المركز الجمهوري للبحوث الأمنية والاستراتيجية، يقول حول الموضوع:
"هذا الملف شائك ومعقدة، وتعاني منه سوريا والعراق أكثر من أوروبا، إلا أن الأخيرة تشعر بالخوف من عودة ما يسمى بالجهاديين، على اعتبار أن هؤلاء يتمتعون بخبرة واسعة في القيام بالعمليات الإرهابية، كصنع العبوات الناسفة والاغتيالات وحرب المدن والاحزمة الناسفة، وبذلك هم يشكلون خطرا على المجتمع والسلم الأهلي للدول التي سوف يعودون إليها، والمسألة المهمة الأخرى، هي أن عوائل هؤلاء المقاتلين وأطفالهم أيضا يشكلون قنابل موقوتة، كونهم خضعوا لتثقيف وتدريب وتطبعوا بالفكر الجهادي التكفيري، الذي ارتكب ما ارتكب من جرائم خلال السنوات الخمسة الماضية،
وأضاف علو، هذا التنظيم لا يرتبط ببقعة جغرافية معينة، وإنما هو دولي ينتشر في أوروبا وشمال افريقيا وفي الشرق الأوسط جنوب شرق آسيا وغيرها من مناطق العالم، وهي مسألة تقلق المجتمع والحكومات الأوروبية، فالقوانيين الأوروبية قد تتيح إطلاق سراح المقاتلين المعتقلين فيما لو تم تسليمهم لبلدانهم، كونهم لم يرتكبوا جرائم على الأراضي الأوروبية، وهنا يكمن التعقيد في الموضوع، حيث يحتاج إلى قوانين وقرارات، تخص السماح بعودتهم، وبحث موضوع جنسياتهم ومصير أطفالهم ومصير عقود الزواج التي تمت في ظل ما يسمى بالدولة الإسلامية، وفيما إذا ستعتمد هذه العقود في الدول العائدين لها، وهذا الموضوع أيضا سبب إشكالية في العراق، بالإضافة إلى أن المجتمعات المحلية ترفض عودة هؤلاء، حيث ترتبط عودتهم بمسائل الثأر ضدهم، بسبب ما ارتكبوه من جرائم. كما أن قوات سوريا الديمقراطية لا تستطيع تأمين احتياجات الإرهابيين المعتقلين لديها، ولا توجد حتى أماكن لاحتجازهم، فلا بد للمجتمع الدولي اتخاذ قرارات حاسمة، منعا من عودة هؤلاء المقاتلين، وضمانا للسلم والأمن الدوليين."
وإذا ما كانت تعتقد الدول الأوروبية عدم عود الإرهابيين إليها، ولذلك سهلت ذهابهم لمناطق الصراع، يقول علو:
"مسألة سفر الإرهابيين وتسهيله، كان يقف خلفها أجندات مخابراتية، بالاشتراك مع الدول الإقليمية، وقد اكتوت الدول التي ساعدت في هذا الموضوع بنار الإرهاب، لذلك قد تكون هذه المسألة غير محسوبة، حيث كانت تعتقد الدول استمرار ما تسمى بدولة الخلافة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط، لكن القوات العراقية والجيش العربي السوري أسقطوا العديد من المخططات، حيث سمعنا تصريحات مسؤولين وقادة عسكريين أمريكيين استمرار "داعش" في المنطقة لسبعة سنوات، وحتى كان يتوقع أن يستمر لعشرين سنة، لكن أن يتم القضاء عليه بثلاث سنوات، فهو موضوع فاجأ وأربك حسابات من ساهم وسهل وصول الإرهابيين إلى العراق وسوريا، لذلك لابد من حل مشكلة عودة الإرهابيين، مع وجود إمكانية ظهور تنظيمات إرهابية جديدة. والقضاء على "داعش" لا يتمثل فقط بتحرير الأرض، وإنما بتحرير الفكر الذي ما زال يتداول بالمناهج المدرسية والجوامع وكذلك بمخيمات النازحين، عبر من تسلل اليها، وكذلك في ادلب حيث يتواجد الكثير من الإرهابيين، إضافة إلى تواجدهم في اليمن وليبيا والجزائر والمغرب وتشاد ونيجيريا والصومال، وجميعها لها استعداد في استيعاب المقاتلين العائدين من سوريا والعراق، لغرض إعادة ترتيب وضعهم من أجل العودة مرة أخرى، والعراق حذر من هذا الموضوع."
إعداد وتقديم: ضياء إبراهيم حسون