أعلن البنتاغون مسبقاً، في أيام العطلة الماضية، عن تغيرات في بروتوكول التدريبات العسكرية، وعزز فكرة الاستعداد لنشر القوات الأمريكية "في أي مكان". وفي سياق المتابعة لآلة الحرب الأمريكية، وخلال فترة سلمية نسبية، فإن هذه أحد أحدث التحولات لإدارة باراك أوباما في الساعات الأخيرة له في منصبه.
في الأشهر الأخيرة، عززت الولايات المتحدة قواتها على طول الحدود الروسية بحجة منع التهديد من جانب روسيا تجاه دول أعضاء حلف "الناتو" ــ الذي لا أساس له من الصحة ــ وكأنما موسكو ستغزو تلك الدول، وهو أمر نفاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل قطعي.
وقال الرئيس فلاديمير بوتين في العام السابق إثر تشدد المؤسسة العسكرية الأمريكية إزاء شبح "العدوان الروسي":
أعتقد أن شخصاً مجنوناً فقط، وفقط في الأحلام، يمكن أن يظن أن روسيا ستهاجم "الناتو" فجأة. أعتقد أن بعض الدول تستغل مخاوف الناس بما يتعلق بروسيا. وهم فقط يريودن أن يلعبوا دور دول خط المواجهة التي يجب أن تتلقى بعض الدعم للعسكريين المكمل، وكذلك الدعم الاقتصادي والمالي أو بعض مساعدات أخرى".
فإلى جانب تعزيز التحالف الإقليمي "لمكافحة" طموحات الصين، كان للولايات المتحدة عدة مناقشات ساخنة مع بكين فيما يخص بحر الصين الجنوبي، بحيث اتهمت إدارة الرئيس أوباما الرئيس الصيني شي جين بينغ من عسكرة منطقتي باراسيل وسبراتلي المتنازع عليها.
بالإضافة إلى إعادة إشعال الحرب الباردة، زيادة الوجود العسكري للولايات المتحدة في كوريا الجنوبية حرّضت النظام الكوري الشمالي غير المستقر لكيم جونغ أون ليسرّع برنامجه النووي، وكذلك تحويل كامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى "منطقة التوسع" تحضيراً لحرب لا نهاية لها.
مع الإطاحة بمعمر القذافي، أصبحت ليبيا دولة فاشلة وتربة خصبة لمتطرفي تنظيم "داعش". وفي سوريا، لا تزال الولايات المتحدة تسلّح المتمردين الذين يسعون إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بواسطة الذخائر الثقيلة، مع العلم أن هذه الأسلحة ــ في نهاية المطاف ــ وجدت في أيدي تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش".
الصراعات الإقليمية تتواصل على نطاق واسع، وبالأخص في العراق وسوريا. ولا ننسى العمليات العسكرية السعودية الوحشية في اليمن التي لا تزال مستمرة، وتقوم بإمدادات من أسلحة الجيل الجديد الأمريكية.
وبعد الحرب المعلنة في أغلبية كبيرة من العالم، يدعو البنتاغون الآن لتدريب الجنود على القتال "في أي مكان"، ساعياً لتنفيذ برنامج ممنهج لنشر فرق عسكرية مصغرة (بعيدة) في جميع أنحاء العالم، كما جاء في بيان لوزارة الدفاع الأمريكية.
فبعد كل هذا، أين سيتم إنزال الجنود الأمريكيين؟