وهذا لا يتعلق فقط بالانتخابات الأمريكية. حيث تشير نتائج البحث إلى أن (تأثيرات محركات البحث) تحدد 25% من الانتخابات في العالم في الأعوام الأخيرة، وتأثيرها على الانتخابات بتزايد مستمر كل عام. ولنتذكر كيف هيلاري كلينتون طالبت بحرية أكبر للإنترنت أثناء شغلها منصب وزيرة الخارجية.
وما يثير الاهتمام أكثر هنا، أن الأمر لا يتعلق فقط بهيلاري كلينتون. حيث أن الحملة الحالية تهدد الحضارة الغربية وما تقوم عليه. لأنها إذا كانت تقوم على الاحتيال فهذا لربما لن يعجب الكثيرين.
ساحرتنا العظيمة
بدأ كل شيء مع الفيديو الذي يظهر شخصا يدعى ميت ليبرمان الذي يحاول أن يري الجمهور أن محرك البحث غوغل يعطي اقتراحات تتسم بالإطراء على مرشحة الحزب الديمقراطي وهذا لا يمكن أن يكون محض صدفة أبدا!
الحديث يدور عن ميزة يفترض أن تكون مساعدة في محرك البحث، والتي نستخدمها عادة لتوفير الوقت أثناء البحث، على سبيل المثال لو كتبتم كلمة "شعر" فإن غوغل سيقترح عليك كلمات إضافية كـ "شعر حب" أو "شعر غزل" وعندما تضيف حرف ل "شعر لـ" فسيقترح "شعر للحبيبة" أو "شعر للأخوة".
كل محركات البحث تفعل نفس الشيء ولكن في حالة هيلاري كلينتون تمت ملاحظة أشياء غريبة: مثلاً اليوم ترامب وصف هيلاري كلينتون بالمجرمة، وكان هذا خبراً رئيساً لهذا اليوم، وأردت أن تعرف ماذا قال حرفياً. تكتب "هيلاري مج" فيقترح عليك غوغل اقتراحات غريبة " هيلاري الرئيس" أو حتى "هيلاري الساحرة" ولكن ليس ما كنت تبحث عنه.
في المثال الإنكليزي تم الحديث عن اتهامات ضد هيلاري (indictment) ولكن غوغل عرض نتائج بحث عن علاقتها بالهند.
لماذا لا يجوز هذا في علم الحاسب: لأن الخيارات التي يقترحها محرك البحث يجب أن تكون تلقائية وتمت للكلمة الأولى بصلة. إذا كان العديد من المستخدمين يبحثون عن الاتهامات الموجهة ضد هيلاري كلينتون فهذا يعني أنهم لا يهتمون لعلاقاتها مع الهند أو مع أي دول أخرى. لأن هذه الميزة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الأحداث الجارية في الوقت الراهن.
وبالمناسبة، محركات البحث الأخرى مثل ياهوو وبينغ كانت طبيعية أثناء البحث.
المغزى الوحيد هو أن هناك من يساعد هيلاري من داخل غوغل يدوياً أو عن طريق برنامج ما.
وللتأكد أجرينا تجربة، لنشاهد الاقتراحات التي ستظهر في محركات البحث في حال أردنا أن نكتب اسم المرشح ترامب أو حتى مرشح الحزب الديمقراطي بيرني سانديرسا.
هذه الفضيحة كانت قد أثيرت في الربيع الماضي ولكن غوغل نفت الاتهامات، وهدأت الأمور بعد ذلك.
وهنا يبدو أن كل هذا الوقت كانت تعمل مجموعة تتابع. وبرهنت أن ليس كل شيء بهذه البساطة بل هناك ما هو أفظع من هذا.
هنا كانت المشكلة لكشف المحتالين بالجرم المشهود وإيجاد الدلائل. النظم المعلوماتية بتغير مستمر ويجب استغلال الوقت والكشف بسرعة عن أي شيء ممكن أن يثير الشكوك. ومحركات البحث بدورها تراقب كل حاسب وماهي كلمات البحث التي يستخدمها لكي تقوم بإنشاء كلمات اقتراحية خاصة لكل شخص.
وعندها قامت مجموعة التحري بقيادة روبرت إيبستاين من كاليفورنيا ببدأ التحري. قامت باستخدام عدة حواسب لمعاينة نتائج البحث وحفظها.
وبالمناسبة، إيستيبان هو ذلك الشخص الذي على أساس بحثه قام ميت ليبرمان بتسجيل فيديو. وأيضاً غيستيبان هو دكتور في علم النفس. لذلك هو ليس فقط يتابع غوغل حركة بحركة بل أيضاً يشير إلى نتائج هذه الحركات (الاقتراحات) على المستخدمين.
العلم — مسألة طويلة. أراد استيبان أن ينشر نتائج بحثه في فصل الشتاء ولكن نظراً للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة قرر أن ينشرها الآن.
إنه مستند ضخم، يجب قراءته كاملاً، ويشير إلى أن حركات محرك البحث غوغل قد تؤثر على 3 ملايين ناخب.
الحديث يدور عن الذين لا يعرفون من ينتخبوا ولجؤوا إلى الشبكة العنكبوتية. وفي بعض المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤثر على 80% من متابعي هذه المجموعات.
وأيضاً يبرهن وبدون شك يقترح غوغل "هيلاري تفوز"، "هيلاري رائعة"، أما الإجابة على سؤال "متى الانتخابات؟" تكون مرفقة مع صورة هيلاري كلينتون.
ليس جريمة وإنما قذارة
كل هذا ليس ذو أهمية كبيرة. وهذه نتائج أخرى للبحث: يوجد ما يسمى "تأثير محركات البحث" أي الاقتراحات تأخذك خلفها (كأنك منوم مغناطيسياً) ويمكن القول أن هذه لم تعد خياراً بعد اليوم أي لا يمكن تشغيلها أو إلغائها. والهدف من هذه الاقتراحات اليوم هو الاستحواذ أو التأثير بشكل كبير على المستخدم (على طريقة تفكيره وحياته).
وهذا لا يتعلق فقط بالانتخابات الأمريكية. حيث تشير نتائج البحث إلى أن (تأثيرات محركات البحث) تحدد 25% من الانتخابات في العالم في الأعوام الأخيرة، وتأثيرها على الانتخابات بتزايد مستمر كل عام. ولنتذكر كيف طالبت هيلاري كلينتون بحرية أكبر للإنترنت أثناء عملها في منصب وزيرة الخارجية.
إذاً الأمر لا يتعلق فقط بهيلاري كلينتون أو الإنتخابات الأمريكية فقط. ولكن هذه الفضيحة قد تمتد لتتجازو حدود الولايات المتحد ة وتصبح عالمية.
وبالنتيجة يقومون بشكل قذر بتغيير المعايير المطلوبة للملاين المستخدمين، ويغسلون أدمغتهم بمعلومات وهمية عن أهمية بعض المنتجات أو فوائد بعضها الآخر. يمكنكم ألا تصوتوا في الإنتخابات ولكن هذا لا يعني أنهم ستركونكم وشأنكم.
وإذا بدأت هذه الحركات بالتعاظم كما يحدث الآن لدعم المرشحة هيلاري كلينتون، عندها سيكون هناك انهيار أخلاقي للحضارة بأكملها.
لذلك ننصح الجميع ألا ينقادوا دائماً خلف هذه الاقتراحات أو تلك، بل تعلموا أن تبحثوا عن المعلومة في أكثر من مصدر.
وفي النهاية لا يوجد قانون يجرم غوغل. التأثير عن طريق محركات البحث لا يعد جريمة يعاقب عليها القانون. ولكن الحديث يدور عن ميزة واحدة فقط في محركات البحث، وهذه الميزات ليست قليلة.
