وأشار تقرير اللجنة التي تضم رئيس وزراء سابق ووزير دفاع سابق، إلى أن الموقف البريطاني من الصراع في سوريا أصبح "مضطربا وعشوائيا"، مطالبا وزير الخارجية بوريس جونسون بصياغة استراتيجية جديدة لا تتبع الخط الأمريكي.
وأكد التقرير على أن بريطانيا لا يمكنها الاعتماد على زعامة أمريكا بشأن السياسة المتعلقة بالشرق الأوسط، وأن عليها العمل مع أوروبا لضمان الحفاظ على الاتفاق النووي المبرم مع إيران.
وعرض التقرير إلى أن الأوضاع في المنطقة تغيرت، وبالتالي على السياسة الخارجية أن تتخلى عن اعتماد الأساليب القديمة موصيا بتعزيز العلاقات والتحالفات مع إيران ودول الخليج.
وطالب التقرير الحكومة بإعادة النظر في تصدير أسلحة للسعودية، وعدم الركون إلى التطمينات بأنها لا تستخدم بعيدا عن ضوابط السياسة البريطانية.
وقال الكاتب والباحث السياسي المقيم بلندن، أحمد أبودوح، في تصريح لـ"سبوتنيك": "هذه التوصيات غير ملزمة للحكومة، وأعرف اللجنة التي قدمت هذا المقترح، فيها وزير دفاع سابق ومخططين استراتيجيين، قالوا ان العالم تغير ولكنهم يسيرون عكس هذا التغير"
وتابع "اليوم نحن أمام عملية (قفزة في الظلام)، المستقبل ليس واضحاً بما فيه الكفاية للمخاطرة بالبعد خطوات عن السياسة الخارجية الأمريكية بالشرق الأوسط، ونحن أمام إدارة أمريكية مغايرة في نظرتها للمنطقة، عن أوباما، وإدارة ترامب منذ اليوم الأول معادية تماماً لإيران وتستخدم لهجة حادة".
وأضاف "هناك عدم واقعية كبيرة في رؤية تلك اللجنة فيما يتعلق بالمقاربة البريطانية للشرق الأوسط، خصوصاً مع اتخاذ بريطانيا خطوات بعيداً عن المعسكر الأوروبي، التقليدي الذي شارك في التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في يوليو 2015".
وأكد أبودوح أن هناك مقاربتين متوازيتين في مفهوم الغرب الذي اعتدنا عليه في السابق، انقسام عظيم في الغرب بين دول أوروبا التقليدية ومنطقة النفوذ الألماني الفرنسي، ومنطقة الأنجلوساكسوني على ضفتي الأطلنطي، بريطانيا وأمريكا".
وحول جدوى الابتعاد عن السياسة الأميركية قال أحمد أبودوح: "والجميع يتوقع فوز ساحق لحزب المحافظين في بريطانيا، واستمرار المتشددين في المستقبل من معسكر تريزا ماي، وهو يعولون على دعم إدارة ترامب، التي تنظر بريبة إلى الاتحاد الأوروبي، لا تتخيل أنهم في رفاهية الابتعاد عن الإدارة الأمريكية، والسياسة التي يتبناها ترامب، الذي يبدو أن مستعد للذهاب إلى أبعد مدى في ذلك".
وبالنسبة لعلاقة إنكلترا مع جماعات التأسلم وخاصة الإخوان قال أبودوح: "أتصور أن هذا لم يعد أولوية على أجندة الحكومة المقبلة التي ستفرزها الانتخابات المبكرة في يونيو المقبل، الإخوان وكل المتأسلمين اليوم نزلوا تحت الأرض".
وتابع "المد العام والزخم الشعبي والسياسي والإعلامي في بريطانيا لم يعد مناصراً لهؤلاء، ودول الخليج دعمت مصر في إيصال صورة وانطباعا إلى الداخل البريطاني غير مسبوق، وهي محاصرة تماما باستثناء بعض الأصوات مثل رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، كريسبين بلانت، وبعض الأصوات التي تسعى لتبييض وجه الإخوان المسلمين".
وأضاف "كنت في البرلمان الأسبوع الماضي، وأجريت محادثات غير رسمية مع بعض الأعضاء النافذين، وقالوا ان معسكر كريسبين بلانت بدأ يتخلى عنه".
وأكد أبودوح أن "دعم تنظيم الإخوان داخل حزب المحافظين قليل جداً ومحدود"، مضيفاً أن "معظم الدعم من حزب العمال، وهو اليوم يواجه انقساماً كبيراً، وسيتعمق كثيرا، ولم يعد النواب اليساريين والمناصرين التقليديين لفكرة الإسلام السياسي انطلاقا من فكرة الحريات متفرغين لمتابعة ملف الإسلام السياسي".
وقال أبودوح في نهاية حديثه "على المدى الطويل، الزخم الحاصل في الشرق الأوسط والهزائم المتكررة للإسلاميين، واللغة التي يتبناها ترامب فيما يتعلق بمواجهة "داعش" و"النصرة" وحتى "الإخوان المسلمين"، انعكست طبعا على الداخل البريطاني في الحال، وبدأ المجال العام في المملكة ينظر إلى هذه الجماعات باعتبارها خطراً تسبب في صعود الشعبوية اليمينية، تخوفاً من صعود حركات الاسلام السياسي".