ولفت الكاتب إلى أن "نابوكو السوري" هذا الذي راود كارتيلات الغرب لربط الغاز الخليجي بأوروبا بعد استحواذ التكفيريين على الجغرافية السورية، تم استنساخه من "نابوكو التركي" الذي دفنته روسيا عبر دبلوماسية جهنمية في رحم أفكاره الأمريكية تسعينيات القرن الماضي، مستبقة محاصرة دورها في رسم خرائط قناطر الطاقة الكونية، هيمنت خلالها على مصادر الضخ في تركمانستان وممرات عبوره في أذربيجان، قبل وصوله إلى تركيا الحالمة بتمريره إلى أوروبا. على حد تعبير الكاتب.
وبيّن هاشم أن هناك شيء تجدر إضافته على اسم "نابوكو" لاستيضاح دوره في الحربين على العراق فسوريا، وما سبقهما من انتخاب الغرب للإخوان ودفعهم نحو السلطة في تركيا مطلع القرن، فهو يستبطن مرجعيته اللفظية المستمدة من صيغة التحقير لاسم "نبوخذ نصر" ملك بابل العظيم وابن إله تجارتها الذي دفن هو الآخر قبل نحو ثلاثة آلاف عام، أحلام "مملكة يهوذا" بالوصول إلى نهر الفرات. على حد وصف الكاتب هاشم.
وأكد أنه مع نجاح روسيا في قطع "نابوكو" التركي ومن ثم السوري، أفصح "نابوكو" الإسرائيلي الجديد عن وجهه بعد نحو عقدين من نجاح دول المقاومة في تحويل تطلعات الغرب بالهيمنة على الشرق الأوسط الجديد لمجرد نوبات غثيان كاذب، إلا أن كاريكاتورية مشهديته الجديدة بنسخته النابوكية الإسرائيلية التي تجلت على هامش مؤتمر اسطنبول ذاك، لا تقف عند الصور التذكارية لحفل توقيعه بأقلام وزراء الطاقة في دول العبور: إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا، بل تمتد إلى صلب تطلعاتهم، فتبعاً لحجم الاحتياطيات المكتشفة في حقول "إفروديت" القبرصي و"ليفياثان" الإسرائيلي، وطول مساره الذي يمتد نحو 2000 كم تحت مياه البحر المتوسط، لا يمكن أخذه على محمل الجد لدى قياس تنافسيته مع "السيل التركي" الذي باشرت روسيا بمده تحت البحر الأسود، وبأقل من نصف المسافة التي يحتاجها "نابوكو" الإسرائيلي، ناهيك عن الاحتياطات الإسرائيلية القبرصية التي سوف تتدفق عبره، يمكن تمريرها جميعها خلال عام واحد أو أكثر بقليل عبر قناطر الأنابيب الروسية المتجهة إلى أوروبا.
وقال: بالرغم من الاستثمارية الشحيحة لأنبوب "إسرائيل- إيطاليا" قياسا بموارد ضخه الضئيلة نسبيا من الحقول القبرصية والإسرائيلية، وما يضيفه إليها الاتفاق التركي الإسرائيلي لمد أنبوب آخر عبر قبرص من كاريكاتورية… في الواقع، ما زالت مشهدية حرب الغاز تترنح في المنطقة، وقد تكون المشكلة الروسية أعقد من ذلك، إذ يمكن لـ"نابوكو" الإسرائيلي أن يشكل خطراً محتملاً إذا ما تم النظر بتمعن إلى مساراته المنطلقة من ميناء حيفا رغم قدرته على الاكتفاء بضخ الغاز من المياه الإقليمية المحاذية لقبرص، وما لذلك أن يوفره من تكاليف إنشائه!
ومع إضافة الاتفاق التركي الإسرائيلي لإنشاء المسار الآخر للأنابيب عبر قبرص، يمكن التيقن بدرجة كبيرة من خطط مبيتة لانضمام دول الخليج، بما فيها قطر ذات "الوزن الغازي النوعي" إلى عقدة الأنابيب الإسرائيلية، بعد ربط شبكاتها الوسيطة بين الخليج وحيفا بشكل مباشر، أو لربما مواربة عبر سيناء التي مهد لها اتفاق نقل ملكية جزر تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، وما استبطنه — تلقائياً — من انخراط الأخيرة باتفاق كامب ديفيد، في شقه التجاري.