وعلى الرغم من أن شرطة نيويورك لم تر أي روابط بين المهاجم ومجموعات إرهابية، مثل "داعش" أو "تنظيم القاعدة"، فإن طريقة الهجوم تحاكي هجمات "داعش" الأخرى في العالم خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك في نيس وفرنسا ولندن.
وبينما أوروبا تعلمت الدرس جيدا، كما أن الأمريكيين أصبحوا يستوعبون الآن أنه من الصعب منع حدوث مثل هذا النوع من الهجمات، لأنه من الصعب على السلطات أن تعرف ما إذا كان هناك شخص سوف يقود سيارة نحو حشد من الناس ويدهسهم، فبدى من الواضح أن المجموعات الإرهابية، وتحديدا "داعش" تحث متابعيها على استخدام هذه الطريقة في الهجمات الإرهابية…وهو ما ينبئ أننا سنشهد هجمات من هذه النوعية خلال السنوات القادمة، بحسب ما أكده موقع Vox.
لهذا يحب الإرهابيون استخدام الشاحنات الكبيرة في عملياتهم
كلنا نعرف حادث الـ 11 من سبتمر، الذي أطاح ببرجي التجارة العالمي في نيويورك، واستلزم عقدا من الزمان، وعشرات الأشخاص من دول مختلفة، وميزانية صرفها "تنظيم القاعدة"، وتبلغ 500 ألف دولار من أجل تنفيذه بهذه الدقة.
ولكن كل هذا التخطيط، ترك وراءه العديد من الأدلة الملموسة (أصبحت الآن رقمية)، مثل رسائل البريد الإليكتروني، وفواتير كروت الائتمان، ووثائق سفر، ما سهل على السلطات عملها لتعقب الجناة.
وإذا نظرنا في المقابل إلى حبكة بسيطة، تقوم على الاستعانة بسيارة أو شاحنة، وحشد من الناس، وسائق يملك نية القتل، فإنها لا تترك ذيولا خلفها، وهو ما يجعل الشاحنات هي السلاح المثالي لتنفيذ الإرهابيين لعملياتهم، ويشهد بهذا الحوادث التالية:
- في 14 يوليو، قاد مواطن فرنسي تونسي الأصل شاحنة تزن 19 طنا بداخل حشود، أثناء احتفالهم بعيد الباستيل في نيس، ما أسفر عن مقتل 86 شخصا وإصابة المئات آخرين.
- في 19 ديسمبر 2016، قاد إرهابي شاحنة بداخل سوق عيد الميلاد في برلين بسرعة 40 ميلا في الساعة، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة 49.
- في 22 مارس 2017، توفي ستة وأصيب ما لا يقل عن 50 شخصا، بعد أن قاد إرهابي سيارة على جسر وستمنستر في لندن، بالقرب من البرلمان البريطاني.
- في 3 يونيو 2017، استخدم إرهابي شاحنة لنقل سبعة أشخاص، وجرح عشرات آخرين في ثماني دقائق فقط على جسر لندن.
- في 17 أغسطس 2017، صدم إرهابي سيارة بيضاء مشاة في منطقة سياحية مزدحمة في برشلونة، ما أسفر عن مقتل 13 شخصا وجرح أكثر من 100 شخص من 34 دولة مختلفة.
ولا تعتبر هذه السلسلة من الهجمات عشوائية؛ وذلك لأن "داعش" تحديدا ترغب في أن ينفذ المسلحون والذين يشتركون في معتقداتهم، أكبر قدر من الهجمات بداخل بلادهم، من دون التشاور مع مقرها في سوريا بشكل مسبق. كما أن كلا من "داعش" و"تنظيم القاعدة" دائما ما يدعون مؤيديهما لاستخدام السيارات كأسلحة.
وعلى سبيل المثال، فقال المتحدث باسم "داعش" محمد العدناني أنصار في 2014: "إذا لم تتمكن من تفجير قنبلة أو إطلاق النار، فلتقم بدهسهم بواسطة سيارتك".
كما أنه وبعد هجوم نيس، نشرت المجلة الدعائية لـ "داعش" عبر الانترنت، مقالا يمتدح ويدعو مؤيديها إلى إعادة تنفيذ نفس الفكرة، واستهداف "الأسواق الخارجية" تحديدا كهدف رئيسي لقيادة شاحنة كبيرة.
ويقول خبير مكافحة الإرهاب في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، رافائيلو بانتوتشي، لزميلي زاك بوشامب: "إن الجماعات الإرهابية تدفع الآن لاستخدام هذه المنهجية، والقائمة على اللجوء لأي وسيلة كانت بحق الجحيم، من أجل قتل أي شخص يمكنك أن تجده"، مضيفا أن "ذلك يجعل من الصعب جدا على أجهزة الأمن أن تبقى يقظة بشأن هذا".
وأمام كل هذا، فإن وكالات تطبيق القانون والاستخبارات في حاجة إلى معلومات، في صورة مخبر يكون على علم بالمؤامرة، وبالاتصالات التي تم اعتراضها بين المتآمرين، وما إلى ذلك. لأنه من الصعب أن نتأكد من أنه إذا كان الناس يتصرفون بمفردهم، أو في مجموعة متماسكة لا تنطوي على أي شخص يخضع حاليا لمراقبة الشرطة.
وبينما مازال الوقت مبكر جدا على التحقيق في الهجوم في مدينة نيويورك، فإنه يبدو أن آفة هجمات السيارات التي رعبت أوروبا وصلت الآن إلى شواطئ أمريكا.