باريس — سبوتنيك. كرّس نيكولا هولو معظم حياته لقضية الحفاظ على البيئة والتنوع الحيوي فأنشأ منظمةً لهذا الهدف كما قدّم خلال فترة 25 عاماً برنامجا على التلفاز حول الطبيعة والبيئة.
لكن الرئيس الشاب إمانويل ماكرون نجح في إقناع هولو بالانضمام لحكومته واعداً إياه بإعطائه صلاحيات واسعة لتغيير القوانين المتعلقة بالبيئة.
وبعد 15 شهراً في الحكم قرر هولو الإعلان عن استقالته حيث عبّر عن خيبة أمله الكبيرة تجاه تجربته في الحكم. وقال هولو إنه كان وحيداً في معركة الدفاع عن البيئة بعد أن أدارت له إدارة ماكرون ظهرها. كما اتهم هولو السلطة السياسية بالرضوخ لضغوطات مجموعات الضغط مثل رابطتي الصيادين والمزارعين معتبراً بأن الحكومة قيضت صلاحياته وطموحه بإجراء تغيير.
وتعدّ استقالة هولو ضربة سياسية موجعة لماكرون إذ أن الوزير السابق يتمتع بشعبية عالية وهو الذي وصفته الصحافة بـ"النزيه" وقد وجّهت إليه دعوات عدة لكي يترشح للرئاسة الفرنسية في أكثر من مناسبة.
وبحسب آخر الدراسات فإن التنوع الحيوي مهدد في فرنسا بسبب عدة عوامل أهمها: استخدام المبيدات، توسّع الأراضي الزراعية على حساب الغابات، صيد بعض أنواع الطيور، الاحتباس الحراري.
وبحسب دراستين نُشرتا شهر مارس/آذار الماضي فإن حوالي 33 بالمئة من طيور الأرياف في فرنسا اختفت بين عامي 1989 و2017 وذلك بسبب المبيدات والزراعات المكثفة وتدمير أماكن سكن الطيور.
وتعتبر فرنسا من بين أكثر دول العالم اعتمادا على الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، فـ77 بالمئة من الكهرباء في فرنسا تأتي من المفاعلات النووية التي يبلغ عددها 58 موزعة على 19 مركز نووي.
من جهته، وضع نيكولا هولو فور استلامه لحقيبة وزارة البيئة هدفاً وهو تخفيف التعويل على الطاقة النووية لكي تصل النسبة لـ50 بالمئة بحلول عام 2025 بدل 77 بالمئة حالياً.
فقبل يوم من استقالة هولو اجتمع هذا الأخير مع الرئيس ماكرون بحضور ممثلين عن الرابطة ومنهم ممثل الفيديرالية الوطنية للصيادين تياري كوست الذي لم يكن من المفترض أن يكون مدعواً. وخلال إعلانه عن استقالته، عبّر هولو عن غضبه بعد رؤيته لتياري كوست في الاجتماع الذي جمعهم بماكرون.
من جهته انحاز الرئيس ماكرون لقضية الصيادين فوافق على خفض سعر رخصة الصيد لتبلغ نصف قيمتها السابقة كما قرر وبناءا على نصيحة من تياري كوست أن يُعيد عادة "الصيد الرئاسي" الذي يذكر بتاريخ الملوك في فرنسا ورحلات الصيد التي كانوا يقومون بها.
استقالة نيكولا هولو كان لها وقعاً كبيراً على الشارع الفرنسي ولكن أيضاً لدى الجمعيات غير الحكومية التي تدافع عن البيئة والتي أطلقت اليوم الخميس نداءا لماكرون لحثه على اتخاذ قرارات لصالح الكوكب الذي بات مهددا.
هذا وتستمر الجمعيات في معركتها للحفاظ على البيئة والتنوع الحيوي في فرنسا على الرغم من الضغوطات التي تمارسها مجموعات الضغط "اللوبيات" على السلطة لمنع اتباع قوانين جديدة لمصلحة البيئة.
وكان وزير البيئة الفرنسي نيكولا هولو قد أعلن استقالته الثلاثاء الماضي، بسبب ما وصفه فشل السياسات الحكومية في حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيئي.