في حين يرى مراقبون أن التصريحات الأمريكية هي نوع من الآلاعيب السياسية التي تلجأ عادة إليها واشنطن لخلط الأوراق والملفات، حيث أن تلك الاتهامات الموجهة إلى طهران تأتي في الوقت الذي تجرى فيه مفاوضات بين الجانبين حول الملف النووي الإيراني.
علاوة على ذلك فإن طهران تعلم جيدا خطورة مثل تلك الخطوة في ظل حصار مطبق منذ سنوات، وأن الخسائر التي تترتب عليه أكبر بكثير من المكاسب، الأمر الذي يدخل تلك العملية في إطار المراوغات السياسية وليس الحقائق.
مسرحية هزلية
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني اللواء عبد الله الجفري، إنه لا يخفى على أحد الأساليب الأمريكية التي يتم استخدامها عن طريق الفبركات والمسرحيات الهزلية، فعندما تريد إدانة أي طرف تراه غير متوافق معها، تستخدم تلك المسرحيات الهزلية.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، يرى الجفري أن الحديث عن مصادرة أسلحة إيرانية على متن سفن في بحر العرب كانت متجهة إلى صنعاء، ليست المرة الأولى التي يستخدمون فيها تلك "الأكاذيب ضد أبناء الشعب اليمني الذي يعاني من حصار خانق وغير إنساني منذ أكثر من 6 سنوات"، واليوم وفي ظل وجود المسار السياسي في دولة عمان من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن رفضت قيادة صنعاء الإملاءات و"تركيع الشعب اليمني".
سلام الاستسلام
وتابع الخبير العسكري، أن صنعاء رفضت قبول سلام الاستسلام، المتمثل في وقف الضربات من جانب القوة الصاروخية لسلاح الجو المسير ضد العمق الاستراتيجي في المملكة العربية السعودية، في ظل هذا الحصار ودون وقف "العدوان"، والمعروف أن أهم شروط أي حوار أو مفاوضات سياسية أن يتم أولا وقف إطلاق النار والتمهيد لمرحلة سلام قادمة، وكذلك رفع الحصار والمعاناة عن الشعب اليمني، وعدم ربط الملف الإنساني بالملف العسكري.
وأشار إلى أن فتح مطار صنعاء ودخول المشتقات النفطية تعد من الملفات الإنسانية التي ليس لها أي ارتباط بالجانب العسكري، وبالتالي تحاول أمريكا "الزج بتلك الأكاذيب" في خضم هذا المعترك السياسي والعسكري وتثير موضوع تزويد إيران لصنعاء بالأسلحة، متجاهلين "أننا للعام السابع صامدين ونطور ونحدث تلك الأسلحة التي استطاعت اليوم أن تتجاوز الحدود الجغرافية في قواعد الاشتباك مع المملكة العربية السعودية وغيرت المعادلة على أرض الواقع".
وتساءل الجفري: "هل يعقل طوال سبع سنوات تأتي تلك الأسلحة من إيران في ظل الحصار، علاوة على أن أطوال تلك الصواريخ لا تقل عن 7 أمتار و بالآلاف، هذا يؤكد أن أمريكا لا تعيش سوى على الكذب والدجل والمراوغة، في الوقت الذي ترعى فيه الإرهاب وتتحدث في نفس الوقت عن محاربته".
شروط السلام
وأوضح أن أمريكا تريد فرض سلام الاستسلام وسلام الضعفاء وليس الأقوياء الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات وطموحات الشعب اليمني من خلال أهداف ثورة الـ21 من سبتمبر/أيلول، ورفع الوصاية الخارجية وعدم التدخل في شؤون البلاد الداخلية واحترام حسن الجوار، وبالتالي وقف إطلاق النار لا يمكن أن يتم إلا في ظل "وقف العدوان" والغارات الجوية.
وتابع: "أما مسألة الحوار والعودة إلى طاولة المفاوضات في ظل استمرار عمليات القصف من قبل طائرات التحالف طوال الوقت، فهذا هو سلام الاستسلام وليس السلام العادل، نحن قدمنا أنهار من الدماء وتضحيات لا تقدر بثمن، وفي ظل تلك التضحيات لا يمكن أن يكون هناك انهزام واستسلام، فنحن اليوم من نتحرر ونطهر كافة أراضينا اليمنية، واليوم الجيش واللجان الشعبية على تخوم مدينة مأرب، والتي يمثل سقوطها تحرير البلاد من كافة المشاريع الخارجية وقطع يد كل من يحاول المساس بالوطن".
إيران لا تجازف
من جانبه قال المحلل السياسي الإيراني صالح القزويني، إن إيران لم تؤكد أو تنفي التصريحات الأمريكية بشأن مصادرة أسلحة إيرانية كانت متجهة إلى أنصار الله في صنعاء.
وأضاف القزويني لـ"سبوتنيك"، من وجهة نظري لا أعتقد أن إيران تجازف بإرسال مثل هذه الكمية الكبيرة من الأسلحة في ظل الحصار على اليمن وبشكل خاص على حركة أنصار الله جوا وبحرا وبرا، فمن الصعب جدا على أنصار الله وحلفاؤهم اختراق هذا الطوق، وبشكل خاص الطوق البحري، ومن الصعب على أي جهة اختراق هذا الحصار وإرسال أسلحة، ولا حتى مواد غذائية.
وتابع القزويني، أي شىء يدخل إلى اليمن وبشكل خاص المناطق الواقعة تحت سيطرة أنصار الله يخضع للتفتيش الدقيق من جانب القوات الأمريكية الموجودة في البحر، وأيضا يتم ذلك من جانب القوات السعودية والإماراتية الموجودة في عرض البحر.
ورقة ضغط
واستبعد المحلل السياسي أن تكون الأسلحة المعلن عنها "أسلحة إيرانية"، لأن خطورة المجازفة في مثل تلك الأمور تكون الخطورة فيها أكبر من الفائدة من وصول الأسلحة، فربما تريد الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة إدارة بايدن في الوقت الذي تجري فيه مباحثات مع طهران، أن يكون بيدها بعض أوراق الضغط التي يمكن استخدامها في المفاوضات الثنائية المنعقدة في جنيف، ولكي تقول إدارة بايدن لمناوئيها من الجمهوريين بأنهم ليسوا على استعداد لتقديم أي تنازلات إلى إيران.
أعلنت البحرية الأمريكية، أمس الأحد، ضبط شحنة أسلحة هائلة الحجم في بحر العرب، تتألف من أسلحة متنوعة الاستخدام. ونشرت صفحة البحرية الأمريكية على "تويتر" تغريدة أشارت فيها إلى ضبط كميات كبيرة جدا من الأسلحة الهجومية الإيرانية، كما جاء في المصدر.
وبحسب المنشور تم ضبط شحنة أسلحة مؤلفة من آلاف الأسلحة الهجومية والمدافع الرشاشة وبنادق القنص مخبأة على متن سفينة في بحر العرب كانت "متجهة على ما يبدو إلى اليمن لدعم أنصار الله".
ويظهر في المشاهد التي شاركتها البحرية الأمريكية مصادرة ترسانة كبيرة من الأسلحة، حيث رصفت على سطح إحدى السفن. وشاركت البحرية الأمريكية أيضا مشهد فيديو يظهر لحظات ملاحقة السفينة عن طريق الطرادات وإيقافها في مياه بحر العرب.
وقال مسؤول عسكري أمريكي لوكالة "أسوشييتد برس" إن "التحقيق الأولي للبحرية وجد أن السفينة جاءت من إيران، مما يربط إيران مرة أخرى بتسليح أنصار الله على الرغم من حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة"، بحسب الادعاءات.
ولم تعلق إيران حتى اللحظة على الادعاءات الأمريكية، مع العلم أن إيران نفت في أكثر من مناسبة دعم الجانب اليمني بأي نوع من الأسلحة.
