ولا شك أن جموع الجماهيرعلى وعي كامل بحقيقة الأمور، والحقيقة التي يدركها من يعرف المصري على أرض الواقع، أنه رغم بساطته وسيره بجوار الحائط — أي أنه يعيش في حاله، ولا يكترث لما يدور في أروقة السياسة وألاعيب الكبار، ويؤثر السلامة — إلا أن المصري نبيه، وعيه يكاد يصل إلى وعي عتاولة السياسة وأكبر المفكرين.
وقد نصفه بأنه براغماتي يعي مكانه وقدراته ولا يدخل في صراعات لا تعنيه. فالمواطن المصري البسيط يعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تدفع دولارا واحدا في غير مكانه، وأن كل ما تفعله يصب في الأساس في مصلحتها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تفكر في مصلحة أحد، ولا تخدم أحدا سوى نفسها. ولا يخفى عليه ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية من عبث بأقدار الشعوب، حتى ولو كان مصيرها الهلاك المحتم، في سبيل خدمة مصالحها أولا وأخيرا… سوريا، ليبيا، العراق، أفغانستان ليسوا ببعيد.
والحقيقة في أن مسمى معونة يعتبر بمثابة خدعة كبيرة، لأن ما تقدمه الولايات المتحدة من دعم ليس إلا وسيلة لخدمة الشركات والمؤسسات الأمريكية، كما أنها تحتفظ لنفسها بسلطة مطلقة في تنفيذ المشاريع، حيث أنها صاحبة القرار في نوعية المشروعات وطريقة تنفيذها. بل إن الأمر يتعدى ذلك، وحسب قول أحد الزملاء ممن عملوا بهيئة المعونة الأمريكية من قبل، حيث تعتبر المعونة وسيلة فعالة تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية للتجسس، بل وتعطيل كل ما من سبيله تحقيق منافع حقيقية للشعب المصري. الجدير بالذكر أن المعونة العسكرية شهدت طفرة واضحة خلال فترة حرب الخليج بين العراق وإيران، بل إن المعونة العسكرية بقيت على حالها بعد عام 1999، في حين تقلصت المعونة الاقتصادية.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)