تناقش الحلقة الإستفتاء التاريخي في تركيا حول التعديلات الدستورية التي تهدف إلى تعزيز صلاحيات الرئيس رجب طيب أدوغان، ونقل البلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
ومن أبرز بنود الإصلاحات التشريعية الجديدة المتهلقة بصلاحيات الرئيس توليه صلاحياتٍ تنفيذيةٍ وقيادة الجيش وحق تعيينُ نوابهِ والوزراء وإقالتهم. كما لا يحقُ لرئيس البلاد تولي أكثرَ من فترتينِ رئاسيتين مدةُ الواحدة منها خمسةُ أعوام، ولا تنقطعُ علاقةُ رئيس الدولة بحزبِه.كما تنص على أن يَعرضُ الرئيسُ القوانينَ المتعلقة بتغيير الدستور على استفتاءٍ شعبي في حال رآها ضرورية، وأن يتولى عرضَ قانونِ الموازنة العامة على البرلمان.
وفيما يتعلق بصلاحيات البرلمان يتنص التعديلات الجديدة على رفَعُ عددُ نوابِ البرلمان من خمسِمئةٍ وخمسينَ إلى ستِمئةِ نائب.، وتخفيضُ سنِ الترشحِ للبرلمان من خمسةٍ وعشرينَ إلى ثمانيةَ عشر عام، وإجراء الانتخاباتُ الرئاسيةُ والتشريعيةُ في يومٍ واحدٍ كلَّ خمسِ سنوات.
— كما تنص على أن يستخدم البرلمانُ صلاحياته في الرقابة والتفتيش والحصول على معلومات عبر تقصٍ برلمانيٍ أو اجتماعٍ عام أو تحقيقٍ برلماني أو سؤالٍ خطي، وحق طلبُ فتحِ تحقيقٍ بحقِ رئيس الدولة ونوابِه والوزراء ، وبحيث لا يحقُ للرئيس في هذه الحالةِ الدعوةُ إلى انتخاباتٍ عامة.
وفيما يتعلق بالإصلاحات القضائية يدعو مشروع الإصلاحات التشريعية إلى إلغاءالمحاكمُ العسكريةُ بما فيها المحكمةُ القضائية العليا والمحكمةُ الإداريةُ العليا العسكرية، وحظر إنشاءُ محاكمَ عسكريةٍ في البلاد باستثناء المحاكم التأديبة.
كما وتدهورت العلاقات بين تركيا وأوروبا عندما حظرت دول بالاتحاد الأوروبي ومن بينها ألمانيا وهولندا وزراء أتراكا من تنظيم تجمعات لتأييد هذه التعديلات.
وقبل يوم واحد من الإستفتاء لقى رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيليتشدار أوغلو كلمة إلى المواطنين في العاصمة أنقرة.
أوضح فيها أن تركيا بلغت مفترق طرق مشيرا إلى أن الشعب التركي سيقرر مصيره حول رغبته في الديمقراطية أم حكم الفرد الواحد
ودافع أوغلو أن معظم الشعب التركي غير راضين عن حياتهم وغارقون في مستنقع الديون مشيرا إلى أن الناخب لا بد أن يعرف أن هذا الاستفتاء لم يجر من أجل اختيار شخص في الحكم أو انتخاب حزب لإدارة وإنما سيصوت الناخب لمصير مستقبل تركيا
واضاف أيضا أن النظام الجديد الذي تسعى الحكومة لإقراره في الاستفتاء سيجعل أعضاء النواب الذين يختارهم 80 مليون التركي لن يتمكنوا في ظل هذا النظام من ايصال مشاكل المواطنين إلى الوزراء متسائلا هل هذا هو الديموقراطية؟
كما أشار إلى أن التعديلات الدستورية تمنح رجلا واحدا وهو الرئيس إعلان حالة الطوارئ بمفرده
وفيما يعتبر المؤيدون لهذه التعديلات أنها ضرورية لضمان استقرار الحكم، وتعزز للنمو الاقتصادى، يرفض المعارضون تلك الحجج ويحذرون من انزلاق تركيا نحو الديكتاتورية والفوضى، ورغم الحملة الشرسة لأنصار «نعم» و«لا»، سخرت الدولة الإعلام والشارع والمؤسسات لصالح التعديلات، مما منح أنصار أردوغان الأفضلية بما يرجح كفتهم.
وأيا كانت نتيجة الاستفتاء، فإنها ستضع تركيا على أعتاب حقبة جديدة، فمرحلة ما بعد الاستفتاء، لن تكون كما قبلها، فالعودة للنظام البرلمانى تعنى دخول البلاد فى جولات انتخابية، وفى حال إقرارها، ستكون هناك انعكاسات على الداخل المضطرب والمصالحة الداخلية والسلام مع الأكراد، والعلاقات المتأزمة مع الغرب وأوروبا، وقد تنهى التعديلات مساعى أنقرة للانضمام للاتحاد الأوروبى، فضلا عن رسم مستقبل العلاقات الخارجية المتوترة مع العديد من دول المنطقة، خاصة مصر وإيران وسوريا.
وتعليثاً على هذا الموضوع قال الأكاديمي والمحلل السياسي التركي سمير صالحة أن التعديلات الدستورية ستزيد بشكل واسع من صلاحيات الرئيس أردوغان، بأكثر من إتجاه، سواء من حيث علاقته بالعمل الحكومي، والسلطة القضائية والسلطة التشريعية، ما ستفتح الأبواب على تمكن الرئيس من صناعة المشهد السياسي والأمني والدستوري والإداري في البلاد.
وفي مقابلة عبر برنامج "بانوراما" أعتبر صالحة أنه "في حال إقرار التعديلات الدستورية الجددية فإن ذلك سيفتح الطريق أمام جمهورية ثانية في تركيا، ومسار دستوري جديد سيترك جانباً مرجلة 140 عاماً من عمر الحياة النيابية في تركيا جانباً، وسيتأثر به البرلمان التركي فضلاً عن طريقة عمله".
ورداً على سؤال رأى " أن العلاقات التركية الأوروبية ستكون أـمام إمتحان حساس في المرحلة المقبلة، سيؤثر يشكل سلبي جداً على موضوع عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي، لأن بروكسل كانت حذرت تركيا من طريقة نفاش بنود التعديلات التشريعية وطرحها، فضلاً عن طريقة الترويج لها".
إعداد وتقديم: فهيم الصوراني
تفاصيل الحوار في الملف الصوتي