نقدم اليوم قراءة في عودة أردوغان إلى قيادة "حزب العدالة والتنمية"، ولا بد هنا من تقديم استطلاع دقيق للتقاطعات الإيجابية والسلبية لعودة أردوغان إلى قيادة هذا الحزب على الصعيدين الداخلي والخارجي، وكذلك الأمر إلقاء الضوء على المتغيرات التي يمكن أن تترتب على سياسة "حزب العدالة والتنمية" بقيادة أردوغان الذي تخلى عن الالتزام به عندما أصبح رئيساً للجمهورية التركية في شهر آب عام 2014 بحكم القانون الذي يفرض على رئيس الجمهورية عدم الانتساب أو الالتزام بسياسة أي حزب، كون الرئيس لجميع المواطنين ويجب أن يكون على مسافة واحدة من جميع الأحزاب السياسية في البلاد.
كيف سيتعامل أردوغان مع خصومه السياسيين في الداخل التركي وعلى وجه الخصوص جماعة فتح الله غولن التي مازال لها تأثير واضح في سياسة البلاد الداخلية والخارجية بالرغم من كل محاولات التصفية التي جرت بعد الانقلاب الفاشل في حزيران 2015؟
هل سيستغل أردوغان عودته إلى قيادة الحزب لتحقيق مشاريع وأجندات إقليمية ودولية لتحقيق مشروع "حزب العدالة والتنمية" أم سيعمل على حل قضايا تخدم قضايا الأمن القومي التركي بالدرجة الأولى، وكذلك الأمر تحقيق مشاريع وأهداف خاصة لتركيا تسمح لها بأن تكون لاعباً إقليمياً وازنا كما كان مخططاً باسم الإسلام السياسي؟
ماهي التأثيرات المترتبة على السياسة الداخلية والخارجية للدولة التركية خلال الفترة القادمة وخاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الصعبة التي تعيشها تركيا بسبب سياسات أردوغان الخارجية الفاشلة خلال الفترة السابقة؟
يقول عضو "حزب العدالة والتنمية" بكير أتاجان:
يجب أن نعرف جيداً هل اردوغان عاد أم لم يعد ،وحال الأحزاب في تركيا بعد الإنقلاب الفاشل، فلم يعد لفتح الله غولن أي تأثير على الأحزاب وخاصة حزب العدالة والتنمية كما كان في السابق ، نعم مازال لديهم قوة في داخل الأحزاب أو البرلمان لكن بعد الإنقلاب لم يعد لهم أي وزن أو قوة ، وأردوغان كان له علاقة مباشرة مع جماعة غولن في السابق وتحالف معهم ، وجماعة غولن موجودة منذ عام 1960 وكان لها كلمة كبيرة وحضور سياسي مهم ، وهذه الجماعة التي تحظى بدعم أوروبي وأمريكي كان لها دور ووجود كبير في الأحزاب والمؤسسات وحتى في السياسة الخارجية والداخلية للدولة التركية.
وأردف أتاجان قائلاً:
جماعة داوود أوغلو من المقربين إلى اردوغان وكان دواؤد اوغلو مودجوداً في المؤتمر ، أما رئيس الجمهورية السابق عبد الله غل رفض المشاركة ، ورفضه مقبولا لأنه عندما كان رئيسا للجمهورية قال أنه لن يشارك في إجتماعات ومؤتمرات الأحزاب ، وهذا يعني أنه لن يكون له أي تأثير ، وبالمقابل هناك عملية تصفية لجماعة غولن ولايمكننا أن نقول أن عملية التصفية لجماعة غولن قد تمت بالكامل فهي ستحتاج الى وقت طويل ، وهم موجودون وسيبقون موجودون لمدة طويلة ، لأن تصفيتهم ليست بهذه السهولة ولاحتى القضاء عليهم ، ولكن بعد رجوع اردوغان سيكون أقوى لأن أردوغان لديه جميع القوى والتكتلات المطلوبة ولديه كاريزما القائد القوى وهو القائد في الدولة والحزب الآن ، لذا أردوغان سيعود أقوى من الأول ، وسيقدر على إدارة الدولة في الأيام القادمة.
وختم أتاجان قائلاً:
أما أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسي السوري السابق لدى تركيا والخبير بالشأن التركي الدكتور بسام أبو عبد الله فيقول بهذا الشأن:
وأردف الدكتور أبو عبد الله قائلاً:
كل مايهمنا كيف سينعكس على السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، على الصعيد الداخلي سيدث هناك تغيرات ،ومن هنا نرى أن المعارضة الداخلية ستكون أضعف ولن تظهر بشكل بارز لانها بالأساس هي ضعيفة، ومن ناحية ثانية هناك تحديات خارجية كبيرة جداً وهذه التحديات تظهر في أين سستختار تركيا وجهتها الآن في ضوء التوتر في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، التوتر العميق والواضح في ضوء نشوء كونتونات كردية تهدد الأمن القومي التركي بدم من الولايات المتحدة، وكيف سيتصرف أردوغان مع المسألة السورية، وعلاقات تركيا مع روسيا… إلخ.
وأضاف الدكتور أبو عبد الله قائلاً:
اذا انطلقنا من جولة أردوغان الأخيرة إلى روسيا والهند والصين ، وأنا كنت حاضراً عندما ألقى كلمته أمام مؤتمر الحزام والطريق الضخم الذي أقامته بكين والذي يؤشر إلى محور دولي جديد أو قوى دولية صاعدة تؤشر إلى نظام دولي جديد ،ومن ثم ذهب إلى الولايات المتحدة والتقى الرئيس ترامب والجميع يتحدث أنه عاد خاوي الوفاض ، والولايات المتحدة مازالت تقوم بدعم قوى إنفصالية كردية في شمال سورية ، وبالتالي تركيا تشعر بخطر شديد من هذا الموضوع ، من جهة أخرى بدأ طرح عملية إغلاق قاعدة "إنجرليك" إلى منطقة أخرى ، البعض يتحدث أنه سيتم نقلها إلى العراق والبعض الآخر إلى الأردن.
وختم الدكتور أبو بد الله حديثه قائلاً:
أما فيما يخص سورية ، أولاً تركيا فشلت في سياستها الخارجية السابقة فشلت فشلاً ذريعا وهذا الأمر له ثمن ، وثانيا بدأت تركيا تحاول الدخول عبر التعاون مع روسيا والدخول إلى منصة أستانا لإيجاد حل سياسي في سورية والحديث عن أهمية وحدة الأراضي السورية لأنها تدرك أن تقسيم سورية هو تقسيم لتركيا، وهذا التيار الذي يدرك خطأ السياسات التركية بدأ ينمو بشكل أكبر من السابق في أوساط كثيرة بيروقراطية و وعسكرية وأمنية ودخال حزب العدالة والتنمية ، وما سيفعله اردوغان سنراه في المستقبل، خاصة أنه بدأ الحديث في الصحافة التركية من قبل كتاب مقربين في الحزب عن ضرورة فتح باب العلاقة مع الدولة السورية لأنه ثبت خلال سبع سنوات مضت من الأزمة السورية بأنه لم يستطع تحقيق أي شي بهذه السياسة التي إتبعها اردوغان، بالتالي هنا لايوجد خيارات أمام تركيا ، فلابد من أجراء تغييرات جذرية في السياسة الخارجية التركية ، وستجري تغيرات في سياستها مع سورية والمنطقة وحتى على المستوى الدولي.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم