هل ينزلق الصومال إلى الاحتراب الداخلي بعد محاولة "الانقلاب" الأخيرة؟

أكدت الأحداث الأخيرة بين الرئيس الصومالي عبد الله فرماجو، ورئيس الحكومة الانتقالية محمد حسن روبلي، على هشاشة الوضع السياسي في هذا البلد الذي يقع في القرن الأفريقي و تمزقه النزاعات منذ سنوات.

هل يكمل الصوماليون الانتخابات و يختارون ما تبقى من أعضاء البرلمان وحسم مقعد الرئيس.. أم أن الأحداث الأخيرة يمكن أن تعيد البلاد إلى الاحتراب الداخلي مجددا؟

بداية، يقول الخبير الصومالي في العلاقات الدولية، حسن شيخ علي، إن ما قام به الرئيس السابق عبد الله فرماجو، ضد رئيس الحكومة الانتقالية الحالي محمد حسن روبلي، هي محاولة انقلابية لم يكلل لها النجاح، حيث قام منذ يومين بإرسال وحدات من الجيش للاستيلاء على مكتب رئيس الوزراء ومقر مجلس الوزراء، كما قامت تلك القوات بعمل حواجز وحاصرت منزل رئيس الحكومة في منتصف الليل.

محاولة فاشلة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، لكن بعد ساعات من تلك الوقائع وفي صباح اليوم التالي، قامت قوات أخرى من الجيش بدحر هذا الفعل، بعد ذلك استدعى رئيس الحكومة قادة الجيش والشرطة والمخابرات وجلس معهم وأنهى ما قام به الرئيس السابق، والآن يمارس رئيس الوزراء عمله من مكتبه والأمور تسير على مايرام الآن.

وأوضح خبير العلاقات الدولية، أن المشكلة ليست في التصريحات، إنما في تعديل المؤسسات الدستورية، لأنه بناء على الدستور الصومالي البند 91 فترة ولاية الرئيس هي 4 سنوات تحسب منذ إعلان النتائج الانتخابية، وبتطبيق هذا الأمر على الرئيس السابق "فرماجو"، نجد أن مدته الرئاسيه انتهت منذ 8 فبراير/شباط الماضي، كما انتهت أيضا مدة البرلمان منذ عام من يوم "27 ديسمبر/كانون أول" من العام الماضي 2020، وكان الرئيس يحاور ويعارض ويؤجل ويناور من أجل عدم إجراء أي انتخابات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة لتمديد فترة ولايته.

وأكد شيخ علي، أن ما قام به الرئيس السابق من محاولة للسيطرة على مقر الحكومة ومجلس الوزراء، كانت تلك هى الورقة الأخيرة التي بيد "فرماجو"، بعد أن وصف العديد بأن ما قام به شبه انقلاب عسكري لأنه استخدم وحدات من الجيش، ووفقا للدستور، فإن فرماجو ليس الرئيس الحالي، وكان يفترض أن يكون هناك برلمان جديد للبلاد قبل عام من اليوم، ولم يكتف فرماجو بالتعديل لنفسه وللبرلمان ومد فترة بقائه بالسلطة.

الصدام المسلح

وتابع خبير العلاقات الدولية: "بيان رئيس الحكومة بعد محاولة الانقلاب كان شديد اللهجة"، ولن نتسامح مع الرئيس السابق، وهو مرشح رئاسي وما عليه إلا البقاء في مكتبه وألا يتدخل في إدارة شؤون الانتخابات، وعلى قادة الجيش والشرطة والأمن العام أن يأخذوا أوامرهم من مكتب رئيس الوزراء، وليس هناك صلاحيات للرئيس السابق".

ولم يستبعد شيخ علي، أن يكون هناك صدام مسلح في ظل تحركات تقوم بها وحدات من الجيش، ومع ذلك يبقى هذا السيناريو ليس في المقدمة، لأن قدرة الرئيس السابق تتراجع يوما بعد يوم، في المقابل يقوى موقف رئيس الوزراء مع مرور الوقت، فهو اليوم قائد الشرطة وقائد الجيش، وكل الأمور تتجه نحو رئيس الوزراء والمناخ السياسي الآن في صالحه.

أزمة سياسية

من جانبه، يقول رئيس مركز مقديشو للدراسات بالصومال، إن ماحدث خلال اليومين الماضيين بين الرئيس ورئيس الوزراء ينذر بخطوات قادمة، ربما تكون أخطر من الأحداث السابقة.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لا أتوقع أن تكون هناك صدامات ومواجهات مسلحة بين قوات موالية لرئيس الوزراء وأخرى تابعة لرئيس الجمهورية، وأرى أن ما حدث هو أزمة سياسية ناجمة عن تأجيل الانتخابات وهى أمور طارئة، ففي النهاية سوف يجلس الجميع على طاولة المفاوضات وسيتم حل المشكلة بطرق سلمية، حيث يتفق الجميع على إجراء الانتخابات".

وتابع عبدي، قد تتأخر الانتخابات عن موعدها بعض الوقت، لكن في النهاية هناك جهات دولية تراقب وترعى العملية السياسية في الصومال، وسوف تتدخل في النهاية من أجل حل المشكلة بالطرق السلمية، رغم أن القضية معقدة جدا وطال أمدها، وأتوقع أن تكون الأيام المقبلة صعبة.

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أنها تدعم جهود رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلي، لإجراء انتخابات سريعة وذات مصداقية.

وقال مكتب الشؤون الأفريقية في الخارجية الأمريكية إن واشنطن على استعداد للعمل ضد عرقلة مسار الصومال نحو السلام.

وأشارت الخارجية الأفريقية إلى أن "محاولة تعليق (سلطات)... روبلي تثير القلق وندعم جهوده لإجراء انتخابات سريعة وذات مصداقية"، وطالبت أمريكا جميع الأطراف بالكف عن الأفعال والأقوال التصعيدية.

وكان الرئيس الصومالي، محمد عبد الله محمد، قد اتهم رئيس الوزراء بالاستيلاء على أراض مملوكة للجيش. لكن رئيس الوزراء اعتبر أن خطوات الرئيس للتدخل في تحقيق تجريه وزارة الدفاع "غير دستوري".

كانت الانتخابات البرلمانية في الصومال قد بدأت في نوفمبر الماضي، وكان من المفترض أن تكتمل في 24 ديسمبر الجاري، لكن حتى الآن لم يتم انتخاب سوى 24 عضوا من 275 عضوا في البرلمان، حسب وكالة "رويترز".

أكد رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلي، أن بيان الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو، بشأن عمل رئيس الوزراء انتهاك للدستور والقوانين الأخرى.

وقال بيان صادر عن مكتب روبلي، أن رئيس الوزراء يؤدي مهامه اليومية المنصوص عليها في الدستور كالمعتاد، وهو ملتزم تماما بالوفاء بمسؤوليته الوطنية لإجراء عملية انتخابية شفافة وحرة في البلاد، وفق وكالة الأنباء الصومالية.