مدرسة "دلال المغربي"... مصنع أحلام الأطفال السوريين ذوي الاحتياجات الخاصة

لأعوام طويلة، وفي كل مساء، تساءل عبد السلام وعبد القادر عما إذا كانت النجوم تضيء فعلاً بلون ذهبي حتى يستطيعان العثور على نجمتهما الخاصة التي تاهت منهما في السماء.

لطالما كان الشقيقين الحلبيين واثقان من أنها موجودة، ولو لم يستطيعا رؤيتها تماماً بسبب إصابتهما بمرض "الرأرأة" الذي جعلهما يعانيان من إعاقة بصرية شديدة.

مرض الأخوين عبد السلام وعبد القادر الكراسي توقف عند حدود أحلامهما، فلطالما تخيلا أن الريح تطوف بهما على ذرى الجبال البنية أو أن الشمس البرتقالية الناضجة تدفئهما فيما يستلقيان على العشب الأخضر.

عاش الطفلان حياتهما الغضة وهما يتلهفان للعب مع الأطفال الآخرين، رغبا باللعب بالكرة، القفز، والركض حاملين بالونات مدهشة كألوان القزح، ولم تكن هذه الأحلام يمكن تحقيقها قبل انضمامهما لمدرسة "دلال المغربي" في حلب.

مدرسة "دلال المغربي".. مصنع أحلام الأطفال السوريين ذوي الاحتياجات الخاصة

© Sputnik . Karim Taibi

المعلمة نازلي سلطان، تحدثت لـ "سبوتنيك" عن الآلية التعليمية في المدرسة، مشيرةً إلى وجود 30 طالب تختلف حالاتهم ما بين مرضى التوحد، متلازمة داون، التخلف الذهني، القزامة الإعاقة الحركية، الإعاقة السمعية، الإعاقة البصرية، صعوبات التعلم، صعوبات النطق، وغير ذلك، هؤلاء الأطفال موزعون على 19 شعبة حسب حالاتهم ليندمجوا مع الأطفال الأسوياء.

مدرسة "دلال المغربي".. مصنع أحلام الأطفال السوريين ذوي الاحتياجات الخاصة

© Sputnik . Karim Taibi

"الدمج في التعليم" هو الأسلوب الذي تتبعه إدارة مدرسة "دلال المغربي" في مدينة حلب شمال سوريا، حيث يتم دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، مع اقرانهم من الطلاب الأسوياء في صفوف واحدة.

مدرسة "دلال المغربي".. مصنع أحلام الأطفال السوريين ذوي الاحتياجات الخاصة

© Sputnik . Karim Taibi

تتابع المعلمة سلطان: "نستقبل الأطفال بعد أن يقدم ذويهم طلبات للانضمام إلى مدرستنا تحت إشراف مديرية التربية في حلب، ويتم تقييم حالة الطلاب من خلال اختبار خاص يخضعون له وبعد اجتيازه يتم تثبيتهم في المدرسة".

مدرسة "دلال المغربي".. مصنع أحلام الأطفال السوريين ذوي الاحتياجات الخاصة

© Sputnik . Karim Taibi

أما عن حالة الطفلين عبد السلام وعبد القادر، فأوضحت سلطان قائلة: "لدينا الطفلين عبد السلام وعبد القادر كراسي، يعانيان من مرض الرأرأة في العين، وكانا يدرسان في معهد للمكفوفين لمدة 5 سنوات، وتعلما لغة برايل، لكن بدأ نظرهما يتحسن فتوجهوا إلينا مع ذويهم وأجرينا لهم اختبارا للقبول وبعد أن اجتازوه تم قبولهما في مدرستنا، وفي ذات الوقت طلبنا استشارة طبية بشأن وضعهما ونصح الطبيب بتحفيز العصب البصري ونجحنا بهذه المهمة فعلاً في المدرسة".

مدرسة "دلال المغربي".. مصنع أحلام الأطفال السوريين ذوي الاحتياجات الخاصة

© Sputnik . Karim Taibi

مديرة المدرسة، رولا جركس، لفتت إلى سعادتها بالإشراف على حالة هؤلاء الأطفال، وقالت في حديثها لـ "سبوتنيك": "لدينا كادر رائع ومتعاون أفتخر به وذلك مكننا من استقطاب هذين الطفلين ودمجهما مع طلاب أسوياء لكن بنفس الوقت واجهنا مخاوف تتعلق باحتمالية إجهادهما أكثر مما يجب وهل سيؤثر ذلك إيجاباً أم سلباً على حالتهما، لكن الطبيب المختص أكد أن خطة العلاج الخاصة بهما تنجح وأن قدرتهما البصرية تتحسن، كما أشار إلى أن دمجهم مع طلاب أسوياء والتفاعل معهم يمكن من تحسين وضعهم النفسي والعضوي حيث يتم تدريب العصب البصري حالياً مع إمكانية القيام بعمل جراحي لهما في المستقبل".

تمكن الطفلان عبد القادر وعبد السلام من تحقيق بعض أحلامهما، اليوم بإمكانهما اللعب، القفز، والركض مع أقرانهم الأسوياء، وقريباً سيتمكنان من تحقيق باقي أحلامهما والعثور على نجمتهما الذهبية في السماء.