مأساة غزة بين القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية والضمير العالمي

مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، معبر رفح هذا الأسبوع، وأكد خلال مؤتمر صحفي أن أي شخص يستهدف البنية التحتية المدنية في الصراع بين إسرائيل وغزة سيحتاج إلى "تبرير كل ضربة".

وقال خان: "لا ينبغي أن يكون هناك شك في أن كل صانع قرار، من رئيس الحكومة، إلى المستشارين العسكريين، إلى... الذين لديهم قرارات تحديد الأهداف، يجب أن يكونوا على علم واضح بأنه سيُطلب منهم تبرير كل ضربة ضد كل هدف مدني".

وأضاف خان: "ما يمكنني قوله بوضوح هو أن القتل العمد واحتجاز الرهائن يعد انتهاكا كبيرًا لاتفاقيات جنيف في جميع الظروف"، مؤكدًا ضرورة حماية المدنيين.

وأضاف إن الأهداف المدنية، مثل "منزل أو مدرسة أو مستشفى أو كنيسة أو مسجد"، مطلوب حمايتها بموجب القانون الدولي ما لم تصبح أهدافًا عسكرية.

وأكد خان أن تحديد ما إذا كانت تلك الأهداف أهدافًا عسكرية هو أمر "معقد" وسيتطلب تحليلا ومعلومات.

وأوضح خان: "عليك أن تثبت ذلك – لا يمكنك افتراض ذلك. وعبء الإثبات يقع على عاتق الشخص الذي يطلق النار أو يستهدف المسكن أو المدرسة أو المستشفى أو الكنيسة أو المسجد".

كما حذّر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من أن حرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية يعد جريمة.

وقال خان إن إسرائيل يجب أن تدرس الأمور بشكل عاجل للتأكد من وصول الغذاء والدواء إلى الأطفال والنساء والرجال.

وفي لقائه مع راديو "سبوتنيك"، كشف وزير العدل الفلسطيني، محمد الشلالدة، عن تحركات رسمية فلسطينية في المحافل الدولية، لا سيما في الأمم المتحدة والجنائية الدولية "لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في غزة، إضافة لجهود دبلوماسية لوقف الانتهاكات المستمرة في القطاع".

وقال إن "إسرائيل تمارس جرائم ضد الإنسانية، وتخالف القانون الدولي باعتبارها سلطة قائمة بالاحتلال، وتمارس التمييز العنصري والتهجير القسري للسكان المدنيين، مطالبا بضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام لحل القضية، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية".

وأضاف الشلالدة أنه لا يجوز لهذا العالم أن تقوده دولة واحدة وهي أمريكا التي تتحكم في مصير الشعوب وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، وتمارس التمييز العنصري، في مقابل المواقف الثابتة لروسيا لدعم حقوق الشعوب، والتي دائما ما تستخدم حق النقض الفيتو لصالح السلم والأمن في العالم، ولتحقيق ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والإنساني.

وقال فؤاد بكر، المستشار القانوني في المحكمة الجنائية الدولية إن القانون الدولي الإنساني له أولوية ضد جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة وقد بلغ عدد الضحايا أكثر من ثمانية آلاف، كما أن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي تتسق مع العنصرية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين حيث وصفهم بـ"الوحوش والحيوانات البشرية".

بعد كلمة المدعي العام للمحكمة الجنائية حول ضرورة توسيع التحقيق في الجرائم ضد المدنيين لذلك منذ اللحظة الأولى بدأنا توثيق الجرائم وخاصة ما حدث بشأن قصف المستشفى المعمداني في غزة، وسوف يتم تقديم هذا التوثيق للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من أجل بدء التحقيقات فورا وعدم تأجيلها بما أن فلسطين دولة طرف في نظام روما بالمحكمة الجنائية الدولية.

قالت منظمة الصحة العالمية إن "مأساة غزة" مستمرة أمام أعين العالم، محذرة من عدم إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى القطاع على وجه السرعة.

جاء ذلك في تدوينة نشرها تيدروس أدهانوم، مدير عام المنظمة، قال فيها إن عدد الإصابات بين المدنيين نتيجة الحرب في غزة "صادم" وأن حجم المساعدات التي تدخل القطاع هزيل ولا يمكنه أن يلبي الاحتياجات المتزايدة لسكان غزة.

وأضاف أنه يجب أن يبدأ دخول المساعدات إلى القطاع بصورة كبيرة، مشيرا إلى أنه منذ بدء الحرب في الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حتى يوم 21 أكتوبر لم تتمكن المنظمة من إيصال المساعدات سوى إلى 370 ألف شخص فقط، بينما يواجه سكان القطاع الذين يزيد عددهم على مليوني شخص ظروف صعبة ويحتاجون إلى المساعدات العاجلة.

ولأول مرة منذ بدء الحرب حملت عشرات من سيارات الإسعاف جرحى فلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح، تمهيدا لعلاجهم بالمستشفيات المصرية حيث يتم نقل أكثر من 80 مصابا حالتهم حرجة من قطاع غزة.

وفي لقائه مع راديو "سبوتنيك" قال أيمن هلسا، أستاذ القانون الدولي، إنه تم انشاء المحكمة الجنائية الدولية لتعاقب على جرائم الحرب وجرائم الإبادة والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، واختصاص المحكمة ينعقد عندما تقبل الدول المتنازعة بهذا الاختصاص أو أن دولة ليست طرفا في هذه الاتفاقية تطلب التحقيق في الجرائم المحتملة، أو يتم الإحالة من مجلس الأمن بموجب اختصاصاته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف هلسا إن ما يحدث في غزة هو للأسف الشديد تطبيق عملي لكل الجرائم التي نص عليها النظام الأساسي للأمم المتحدة سواء كانت إبادة جماعية أو جرائم الحرب، ويظهر ذلك بشكل واضح ولا يحتاج الى تحقيق معمق، حيث يرى العالم كله على الشاشات يوميا عدد الشهداء والضحايا".

وأوضح هلسا "وكذلك الأفعال التي تقوم بها دولة الاحتلال الاسرائيلي لا تتناسب أبدا مع الضرورة العسكرية أو كردة فعل على غارة حماس في 7 أكتوبر، فهناك تعمد لضرب المدنيين بدور العبادة والمدارس، وحجم الضحايا من المدنيين وخاصة الأطفال تقريبا نصف أعداد الضحايا، بالإضافة إلى منع دخول المساعدات الذي يؤدي إلى إهلاك المدنيين".