خطف نقيب عام التعليم الجامعي في ليبيا في ظروف غامضة

تخبط كبير يسود قطاع التعليم العالي في ليبيا، واعتصامات مستمرة بين الحين والآخر من قبل أعضاء هيئة التدريس المطالبين بحقوقهم المتمثلة في زيادة مرتباتهم، وتأمينهم الصحي وقرارات الإيفاد للدراسة في الخارج وغيرها من المطالب.

بدأ أعضاء هيئة التدريس الجامعي في ليبيا في اعتصام مفتوح قبل أربعة أشهر من الآن، ولا يزال الاعتصام مستمرا والعام الجامعي لم يبدأ حتى الآن.

وخُطف النقيب العام للتعليم الجامعي في ليبيا، عبد الفتاح السايح، اليوم الخميس، من مقر النقابة العامة في العاصمة طرابلس، وذلك بعد مشادات في اجتماعه، يوم أمس الأربعاء، مع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ووزير التعليم العالي وآخرون، انسحب السايح على إثر ذلك من الاجتماع الذي لم يلب المطالب التي تم الاعتصام من أجلها.

فيما صدر بيان من النقابة العامة حملت فيه حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية التامة بشأن اختطاف السايح، مطالبين بإطلاق سراحه بشكل فوري، داعين مجلس النواب والنائب العام والبعثة الأممية في ليبيا إلى ضرورة التدخل لضمان إطلاق سراح النقيب العام.

حقوق مهضومة

وفي هذا الصدد، يقول الأكاديمي الليبي فوزي الحداد، لوكالة "سبوتنيك"، إن ما حدث يتعلق بأعضاء هيئة التدريس بالتعليم العالي في ليبيا، وهي الشريحة التي تعاني منذ سنوات من هضم العديد من حقوقها، ليس على صعيد المرتبات فقط، وإنما تعاني سوء الوضع العام في الجامعات الليبية.

وأضاف: "تم تدمير هياكل الجامعات ولم يتم تطوير بنيتها التكوينية من كل الجهات، خاصة وأن مجلس النواب حاول معالجة مشاكل التعليم العالي، حيث أصدر القانون رقم (4) لسنة 2018 سُمي قانون الجامعات، ولكن الحكومة لم تُطبق هذا القانون حتى الآن بالرغم من نشره في الجريدة الرسمية وأصبح واجب النفاذ، ولكن حكومة عبد الحميد الدبيبة تماطل وكل مره تظهر بقرار آخر في هذا القانون".

وتابع الحداد: "هناك حقوق كثيرة ضائعة لأعضاء هيئة التدريس غير المرتبات، من ضمنها موضوع إجازات التفرغ العلمي ومستحقاتها غائبة منذ عام 2014 وحتى الآن، وإيقاف عجلة الإيفاد الخارجي لأعضاء هيئة التدريس منذ سنوات طويلة، في حين أن الحكومة قامت بإيفاد أكثر من 4000 موفد، كلهم من أقارب الوزراء وذوي النفوذ في الدولة على حساب أعضاء هيئة التدريس والمُعيدين في الجامعات".

وأضاف أن النقابة العامة لأعضاء هيئة التدريس، وبعد الكثير من المداولات، قررت الدخول في اعتصام عام على مستوى الجامعات الليبية، وعدم البدء في العام الدراسي الجديد حتى تستجيب الحكومة لمطالبهم.

وأشار الحداد أن النائب العام اجتمع في الأسابيع الأخيرة الماضية، مع الحكومة والنقابة ووزارة التعليم العالي، ولكن للأسف رغم تدخله ورعايته، إلا أن شيئا لم يحدث ولا زالت الحكومة مصرة على تعطيل مصالح أعضاء هيئة التدريس.

وأشار إلى أن الاجتماع الذي حدث يوم الأمس، بين النقيب العام ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، جرى خلاله الضغط على النقيب لرفع الاعتصام، وعدم تطبيق أي مطلب من الحقوق التي يُطالب بها أعضاء هيئة التدريس، مؤكدا بأن النقيب العام رفض ذلك وانسحب من الاجتماع.

واعتبر الحداد أن الحكومة "لها نوايا سيئة في هذا الخصوص بدل من أن تهيئ الظروف لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الليبية للعمل في جو علمي راقٍ، أسوة بالجامعات في العالم".

ومضى بقوله: "فوجئنا اليوم باقتحام مقر النقابة العامة للتعليم الجامعي من قِبل مجموعة مجهولة الهوية وقامت باختطاف النقيب العام عبد الفتاح السايح ونقله إلى جهة مجهولة لم يتم الإفصاح عن هويتها حتى اللحظة".

وعلى إثر ذلك، قال الحداد إن أعضاء هيئة التدريس قرروا الاستمرار في الاعتصام، والخروج في مظاهرات عامة أمام المقار التعليمية في التعليم العالي، للإفراج عن النقيب العام الذي يمثل أعضاء هيئة التدريس الجامعي في ليبيا، معتبرًا أن هذا التعامل من قِبل الحكومة هو "تعامل ميليشياوي لا يليق بعضو هيئة التدريس ولا بالحكومة".

عصيان مستمر

وفي السياق ذاته، تقول الأكاديمية سالمة عبد الله، إن اعتصام أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الليبية الذي دخل شهره الرابع، هو ليس في صالح عضو هيئة التدريس ولا في صالح الطلبة الجامعيين والأكاديميين، ولكن الدولة هي من أرغمت أعضاء هيئة التدريس على ذلك والدخول في هذه الاعتصامات.

وأضافت في تصريح خاص لـ "سبوتنيك"، أنه من المفترض أن يكون للمعلم امتيازات خاصة لأنه هو المسؤول عن العملية التعليمية برمتها، مؤكدة على أن "المطالب ليست بالشيء الكبير، وهي مطالب تنفيذ أحد القوانين الخاصة بنا، ما المانع أن تمنح الدولة عضو هيئة التدريس حقوقه البسيطة مقارنة بإيراد الدولة الكبير، على حد وصفها".

وتابعت أن هذا الاعتصام جاء من أجل عدة حقوق أبسطها التأمين الصحي، وقصة المعيدين الذين يتقاضون مرتب بقيمة 600 دينار أي ما يعادل 100 دولار، متسائلة: "ماذا تقدم هذه القيمة لهذه الشريحة؟".

وأكدت على أن قرارات الإيفاد مُجمدة حتى هذه اللحظة ولم تفعّل، ولا يزال الكثير ينتظر هذه القرارات لمواصلة دراسته في الخارج، برغم تقدم أغلبهم في السن، ومنهم من توفاه الله وهو ينتظر إيفاده للدراسة في الخارج، والبقية تنتظر.

مشيرة إلى أن التعليم العالي شيء أساسي جدا، وأنهم رافضين لهذا الاعتصام لأنه يضيع عاما كاملا على الطلبة دون ذنب، كما أنه سيؤثر في مسيرة أعضاء هيئة التدريس العلمية.

وأكدت عبد الله أن أعضاء الروابط الطلابية وقفوا بجانب أعضاء هيئة التدريس المطالبين بحقوقهم، ولم يعترضوا على هذا الاعتصام، وأنه من المفترض أن تقوم الدولة بمنح الحقوق، لأن المُعلم يمثل جميع الكوادر العلمية في الدولة، مشيرة إلى أنها مع الاعتصام حتى تستوفى جميع حقوق المُعلم العالي العلمية والمادية والمعنوية، وأشارت بأن المتضرر في هذا الاعتصام هم الطلبة الذين ضحوا بوقتهم للمعلم.