هل ستتمكن أوروبا من إنشاء "جيش موحد"؟

دعا وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، الاتحاد الأوروبي لتشكيل "جيش أوروبي موحد"، توكل له مهام الحفاظ على السلام ومنع النزاعات في أوروبا.

وقال تاياني، في حديث صحفي، إن الأولوية بالنسبة لحزبه "فورزا إيطاليا"، هي التعاون الأوروبي الأوثق في مجال الدفاع، مشددا على أن "تشكيل الجيش يجب أن يجعل الاتحاد الأوروبي جاهزا للحفاظ على السلام والمتابعة والردع وكذلك توحيد الجهود بشكل سريع وواضح، وإنفاق الأموال بشكل أفضل"، بحسب قوله.

وانتقدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا، الدعوة الإيطالية، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى "البدء بتطوير لقاح ضد "كوفيد" أولا، أو تعلم كيفية حراسة حدوده (تاياني) كما يجب، قبل إنشاء جيش خاص"، مشيرة إلى التحدي اللوجستي المتمثل في تأمين الطاقة.

وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، قال خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، إنه "من الصعب على دول الاتحاد الأوروبي تشكيل جيش موحد، وأوروبا تعتمد في أمنها حاليا على حلف شمال الأطلسي الممول بنسبة تقترب من 70 بالمئة من الولايات المتحدة، وعلى الرغم من مطالبات واشنطن برفع التمويل الأوروبي للناتو إلى 2 بالمئة من الناتج المحلي للدول الأعضاء، إلا أن عددا قليلا جدا من هذه الدول تمكن من الوصول لهذه النسبة".

وأشار بركات إلى أنه "كانت هناك محاولات عديدة سابقة لتشكيل قوة أوروبية عسكرية موحدة لكنها باءت بالفشل لأسباب متعددة منها سياسية وأخرى تتعلق بالتمويل، وقد تم مؤخرا أيضا الاتفاق على زيادة التعاون في التمويل بين دول الاتحاد في مجال الأبحاث والتصنيع العسكري، إلا أنه لا يزال من الصعب تشكيل جيش أوروبي موحد، لأسباب فنية أيضا، نظرا لأن معظم دول الاتحاد تستخدم أنظمة دفاعية مختلفة عن بعضها، وسيكون توحيد هذه الأنظمة أمرا صعبا".

وأوضح خبير الشؤون الجيوسياسية والاقتصادية د.بيير عازار، أن "هذه أول مرة تطرح فيها إيطاليا بشكل مباشر فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد بعد أن انسحبت من علاقاتها مع الصين عندما اكتشفت أنه لا يوجد تكافؤ في الميزان التجاري، وبعد أن استشعرت تفلت بريطانيا منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، لكن أحد الأسباب المباشرة لهذه الدعوة هي الحرب الروسية الأوكرانية، حيث رأت إيطاليا أن من مصلحتها أن تبني علاقات مع روسيا تحت ستار الجيش الأوروبي، بمعزل عن واشنطن التي لم تعد مفهومة بالنسبة لأوروبا".

ولفت إلى أن "إيطاليا تحاول أن تجاري فرنسا، لأنها تعتقد أيضا أن ألمانيا تسعى لخلق مجال جيوسياسي لها منعزل عن فرنسا، كما أنها منزعجة من حراك بريطانيا"، معتبرا أن "لب قضية الدعوة لجيش أوروبي موحد يعود إلى تفجر العلاقات العبر أطلسية منذ زمن بعيد، وبخاصة بعد أن أجهر الرئيس الأمريكي السابق ترامب، بأن أوروبا باتت عبئا على أمريكا فيما تتخوف إيطاليا الآن أيضا من عودة ترامب إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض".

وأكد عازار أن "توسع الاتحاد الأوروبي بانضمام الدول التي كانت في فلك الاتحاد السوفيتي سابقا خلق التباسا، وستجد إيطاليا صعوبة في بلورة جيش أوروبي موحد في ظل التعددية الهائلة من الأعراق والشعوب"، مشيرا إلى أن "الدول الأوروبية غير متماسكة على الرغم قوتها، ولاتملك وحدة القرار، وهو ما سيؤثر سلبا بالضرورة على الطموح الأوروبي ببناء جيش موحد".

إعداد وتقديم: جيهان لطفي