هذه المستجدات لا يمكن أن يطلق عليها سوى مصطلح التهورات لأنه زوراً وبهتانا يعّلق بها مصطلح التطورات، لأن التطورات هي المتغيرات التي يمكن البناء عليها نحو الأفضل حتى ولو على أساس الاستفادة من مناحيها السلبية ومن هنا قد يكون جاء بالأساس معنى كلمة التطور والتقدم.
نعم مدينة الملاهي ولا يمكن أن نشبّه ما يجري في هذه الأيام للمنطقة والعالم إلا بمدينة ملاهي كبيرة تجمع عدداً غفيراً من الناس من مختلف الأشكال والألوان والأوزان والأجناس ولكل منهم هدف من اللعب في هذه الألعاب الخطرة بعضهم يتكل على الله لعله يريح نفسه من هم أو غم أو ينسى إذا ما تطايرت أفكار الشر والحزن من رأسه مع أول دورة جنونية في لعبة الرعب هذه أو تلك، وبعضهم جاء لأنه يتوقع بأنه على موعد مع الشيطان ويريد أن يراه ليخاطبه لعل اللعنة بذاتها تحول أو تزول عنه، العد يطول والشرح قد يكون أطول إذا ما تحدثنا بإسهاب عن كل فئة من هذه الفئات التي تدور في قلب الملاهي التي يتساوى فيها الجميع في ممارسة حق الجنون والمغامرة بغض النظر عن نيته وهدفه من القيام بذلك أو ما يمكن أن يتبعه من أثار بفعل حادث أو ضعف البنية الجسدية التي يظهر فيها الوجع في حينه أو فيما بعد، الوحيد الذي يحقق مكاسب من هذه الألعاب هو صانعها وشركائه وبعض من فتات الرواتب يحصل عليها مخدّموا مدينة الملاهي بمختلف وظائفهم ومناصبهم من المدير إلى أصغر عامل، هم من يتقاسم غنائم هذه الملاهي، قد يكون هذا التشبيه أقرب تشبيه يمكن أن نصف به حال العالم في هذه الأيام، فقد حولت الولايات المتحدة هذا العالم إلى مدينة ملاهي يملاؤها الرعب والخوف والحزن والفرح بأن واحد وعلى هذا الأساس تحقق المكاسب المادية ومايلحقها من مكاسب أخرى لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بنتائج اللعب والمغامرة وكل حسب هواه ورغبته في إكرام نفسه أو إذلالها أو تعذيبها أو التمتع بالتفرج على عذاب الآخرين وصراخهم في حلقات الرعب الذي يسمح به القانون لقاء مكاسب مادية.
فجاءت لنا بديمقراطية طفت سفنها على دماءنا المهدورة بفتاوى مصاصي الدماء والمتعطشين للسلطة بكافة ألوانها جرّاء ما وقعت فيه هذه العصابة من متاهات بعد أن حشرت أنفها في منطقة الشرق الأوسط بشكل سافر وهي على ثقة وكأن الهدف محقق في هذه المرة ككل مرة تنتج لنفسها مشروعاً إستراتيجياً يؤمن ديمومتها مئة عام قادمة فلم تعد هناك حاجة إلى وعد بلفور جديد بما أن أرضية الجهل والحقد وعمي البصر والبصيرة متوفرة وبكثافة، وامتداداً لذلك عاث الخراب في مراكز التوازن في الشرق الأوسط فهل ستقدر هذه القوى إختراق حواجز الجيش السوري أو تمر أمام طائرات القوات الفضائية الروسية ومن معهما من حلفاء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجيش اللبناني وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية والجيش والحشد الشعبي العراقي والجيش اليمني واللجان الشعبية والحرس القومي العربي والجيش الوطني الليبي وكل المقاومات والقيادات والجيوش للتي يمكن أن تنضم إلى هذه المواجهة في حرب عالمية ثالثة لم يعترف بقيامها ولا حتى بحدوده حتى اللحظة أي أحد مع أن نتائج دمارها وضحاياها وخسائر الشعوب والدول فيها فاقت الحربين العالميتين الأولى والثانية بأشواط حتى بالزمن المحدد لها وفق المعايير التي يضعها صانعوا ومخططوا هذه الحروب بما يخدم مصالحهم وأهدافهم.
القادمات من الأيام سوف تتغير فيها ملامح العالم وستكون أجمل بالرغم من شناعة لوحة القتل والدمار والدماء التي يضرّج بها وجه العالم الجديد المبتسم رغم الألم، لتعود قوى الشر المنكسرة إلى جحورها المظلمة في محاولة لإستعادة قوتها لتغزو العالم من جديد، ومن هنا لابد من استخلاص العبر والعمل بكل قوة بين الأحرار والأشراف وقوى السلام والتحرر في العالم وعلى رأسها روسيا لردم المستطاع من هذه الجحور على من فيها لإنقاذ البشرية من هول قادم مجهول.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)