الاعتذار هو ثقافة بحد ذاتها وكلمة شاملة لها تشعباتها ودلائلها. الاعتذار هو نتاج تربية أسرية أولاً، ثم ذوقيات مجتمعية ثانيا، ثم ثقافة أمة ثالثا.
نحن اليوم، في أمس الحاجة لإطلاق الاعتذار بيننا في ظل الزخم من التفاعل بيننا والتأثير والتلاقي وإحداث سوء الفهم أو ما تحمله المواقف وهذا التأثر والتفاعل اليومي بيننا. ومع تواجد وتصدر برامج التواصل الاجتماعي واشتدادها وتنافسها وانخراط الناس فيها، أصبح هذا التفاعل والاحتكاك كبيرا، ما ينتج عنه من سوء الفهم والأخطاء بحق بعضنا البعض أصبحنا فعلاً بحاجه ماسة لهذه الثقافة، والتي أصبحت للأسف تندر شيئاً فشيئا بحجة أن الشخص ليس قريباً، أو إنه يحدثنا من خلف شاشة لهذا ليس هناك داع لأن يعتذر منه. وهو الأمر الذي يجعلنا ننسى أن خلف هذه الشاشة إنسان مثلنا، لديه مشاعر، ومن الإنسانية الكثير، حتى وإن لم نكن ذات معرفه عميقة به.
فمن التربية والذوق والإنسانية أن نقدم له اعتذار إذا بدر منا تجاهه خطأ. إن الاعتذار يجعل منا أناس متسامحين ذات قلوب رقيقة كما أنه رابط من روابط اللحمة بيننا. وسمة من سمات قيمنا الدينية وعروبتنا التي لطالما كنا مظرب المثل للأمم والحضارات.
أما غياب هذه الثقافة، وهذا الخلق النبيل، يجعلنا بشرا قساة حتى مع أبناء الوطن الواحد - فهو يرسخ ثقافة الأنا والأنانية، ويجعل منا أناس متعصبين لا نتقبل الآخر متمسكين باعتقاداتنا الخاطئة، التي غالبا ما ينجم عنها الفوضى وتفكك النسيج المجتمعي الواحد؛ بل وأبعد من مجتمعاتنا.
من الاعتقادات الخاطئة التي تتولد لدى بعض الأشخاص، هو أن المُعتذر هو شخص ضعيف. أوليس أن الاعتذار هو قوة الإنسان أولاً على نفسه؟ لأنه واجهها بالخطأ الذي أقدم عليه.
يجب علينا كمربين وتربويين أن نعيد المفهوم الصحيح لثقافة الاعتذار، التي مع تداخل مفاهيم خاطئة بحقها تجعلها غريبة ومتناسية في مجتمعاتنا. وبالتالي نعيد نشر المفهوم الصحيح بيننا، لتصبح صحية فتتلقاها الأجيال بمعناها الصحيح.
أما آن أن نعتذر لبعضنا؟
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)