جاء ذلك خلال اجتماع عقده وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفريّ مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو على هامش اجتماعات قِمَّة حركة عدم الانحياز السابعة عشرة المنعقدة في فنزويلا، حيث بحثا "مُجمَل القضايا التي تهمُّ البلدين والتطوُّرات في المنطقة والعالم".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أشار الثلاثاء الماضي إلى نية بلاده تنفيذ عملية عسكرية في مدينة الموصل العراقية التي يحتلها تنظيم "داعش" منذ يونيو/ حزيران عام 2014، مشابهة لعملية "درع الفرات" التركية القائمة في سوريا ضد التنظيم وحزب العمال، وهو ما أثار جدلًا واسعا سواء في العراق أو خارجه.
وفي برنامج الحقيقية الذي يبثه راديو "سبوتنيك"، استضاف البرنامج عددا من الشخصيات حول هذا الموضوع، لغرض تسليط الضوء على الكثير من الجوانب العسكرية والتاريخية والسياسية.
قال المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان كفاح محمود، في حواره مع البرنامج، ما يلي:
موضوع التواجد التركي أخذ شكلا مبالغا به من الناحية الإعلامية مع اقتراب ساعة الصفر لتحرير الموصل. لا يخفى على أحد أن هنالك صراع إيراني تركي على الكثير من الأمور، ومع الأسف هذا الصراع يقع على الأراضي العراقية. وهناك أيضا اندفاع إيراني عبر الكثير من الخبراء والمدربين والمستشارين في مفاصل المنظومة العسكرية العراقية، في المقابل هنالك أيضا تواجد تركي يعود إلى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي على أثر الاتفاق الذي وقعته حكومة الرئيس السابق صدام حسين مع الحكومة التركية، والذي يسمح للقوات التركية الاندفاع داخل الأراضي العراقية لعدة كيلومترات لملاحقة "حزب العمال الكردستاني". وهذا التواجد تطور في السنوات الأخيرة تحت مظلة محاربة "داعش" وأقترب إلى حافات مدينة الموصل وتحديدا منطقتي بعشيقة وزلكان، هذه القوات وبحسب ادعاءات الجانب التركي، جاءت بتفاهمات مع الحكومة الاتحادية العراقية، سواء مع رئيس الوزراء السابق المالكي، عندما زار أنقرة أو مع الحالي السيد العبادي، وهذه التفاهمات ذكرها أكثر من مسؤول تركي، وأعتقد أن التصريحات الأخيرة من الجانب العراقي تأتي من باب الضغط على الإدارة التركية، كما أن لقاءا مهما سيحصل في نيويورك بين الزعماء الأمريكي والعراقي والتركي، والذي سيحضره ربما ممثل إقليم كردستان، كما أن نائب وزير الخارجية الأمريكي في زيارته للعراق، أجرى لقاءات مع القادة السياسيين في بغداد وكذلك في إقليم كردستان، وهذه الزيارات ربما أنتجت نوعا من التوافق السياسي لمرحلة ما بعد "داعش".
أنا اعتقد أن القوات التركية سوف تشارك في عملية تحرير الموصل مع القوات الأمريكية والعراقية، كون تركيا من الأعضاء المهمين في التحالف الدولي الذي يحارب "داعش""
الكثير من المراقبين يعتقد إن الخارطة الجيوسياسية سيتم تغييرها في المنطقة عند إعلان استقلال إقليم كردستان، الذي هو قاب قوسين أو أدنى، لكن أن تضم مدينة الموصل إلى الإدارة التركية، أعتقد أن المجتمع الدولي ليس من السهل أن يقبل ذلك وقد رأينا كيف انتفض هذا المجتمع برمته ضد ضم الكويت إلى العراق، لذا فعملية محاولة ضم الموصل إلى تركيا، أعتقد أنها بعيدة جدا عن الواقع.
وبالانتقال إلى الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور أحمد الشريفي، في حوار أجراه معه راديو "سبوتنيك" عن هذا الموضوع يقول:
لازالت النوايا التركية قائمة في الإبقاء على القوات التركية في شمال العراق وعدم الامتثال لأي طلبات سواء كانت من الحكومة العراقية أو من المحيط الإقليمي، بل وحتى عدم الاستجابة لطلبات المحيط الدولي، فضلا عن وجود إصرار لدى الجانب التركي حول المشاركة المباشرة بعملية تحرير الموصل، ولم يقتصر وجود تلك القوات على المشورة والتدريب فقط وإنما المشاركة الفعلية في عملية التحرير.
وأضاف الشريفي: هنالك شخصيات في العملية السياسية في العراق قريبة من تركيا، وهي تمثل المصالح التركية داخل المنتظم السياسي العراقي، وهذه الأذرع اصبح من غير الممكن ابقائها فاعلة ونشطة داخل المنتظم السياسي، لا سيما عدم وجود رغبة او مقبولية للراي العام العراقي لهذه الوجوه، لتعلق الأمر بشكل مباشر أو غير مباشر بعملية سقوط الموصل. ولذلك أدرك الأتراك إن مسالة ادامة زخم تواجدهم السياسي في العراق لا توجد إمكانية لتمريره ، فلجأوا إلى دخول القوات التركية وفرض واقع حال. علما إن هذه القوات غير مرحب بها، سوى من قبل شخصيتين اثنتين فقط، وهما أسامة النجيفي و أثيل النجيفي، والجميع يعرف إمتدادات هاتين الشخصيتين التاريخية بتركيا والإرتباط بالية دخول "داعش" وبعدها القوات التركية.
وعن خلفية الموضوع التاريخية يقول الشريفي: الأتراك لازالوا ينظرون إلى إستحقاقات تاريخية باعتبار الموصل حقا لتركيا، وهي أنه وفي فترة تأسيس الدولة العراقية كانت هناك قضية خلافية بين العراق وتركيا حول الموصل وقد حسمت عصبة الامم المتحدة أنذاك الامر وعدت الموصل تابعة إلى العراق مع ثلاثة شروط، وهي أن لا تتشكل دولة كردية وأن تحصل تركيا على 10% من عائدات نفط كركوك وأن يتم منح التركمان في العراق الجنسية العراقية، وقد تم هذا الأمر.
لذا تسعى تركيا إلى إعادة رسم الخارطة من جديد وإعادة ما يطلقون عليه بالحقوق المسلوبة، وهم ينظرون إلى الموصل باعتبارها ولاية تابعة إلى تركيا.
أما رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية الدكتور واثق الهاشمي وفي حديثه أيضا إلى راديو "سبوتنيك" عن نفس الموضوع فقد قال:
إن الرسائل التركية غير مطمئنة إلى الشعب العراقي، وأن أطماع تركيا واضحة لما بعد تحرير الموصل، لذا فأن العراق لن يقبل بأي تواجد تركي على الأرض العراقية. كما أن الولايات المتحدة سوف ترفض أي تواجد تركي في عملية تحرير الموصل، لان ذلك سوف ينسف التوافق السياسي في العراق، كما أنه سوف يؤدي إلى طلب إيران التدخل البري العسكري، وبذلك سوف تتعقد الأمور.
وأضاف الهاشمي: لدى تركيا أطماع واضحة في الموصل وأنها تعود إلى تركيا، وهذا الأمر صرح به أكثر من مسؤول تركي، وتركيا تريد أن تتواجد في العراق لما بعد تحرير الموصل، وهنالك تسيق بينها وبين السيد مسعود البارازاني في هذا الإتجاه. "أنتهى كلام الهاشمي"
وتشير مصادر إعلامية إلى أن الحكومة التركية تستعد لعملية عسكرية ستنفذها قريبًا في الموصل، وأن خطط العملية جاهزة، وتستند إلى اتفاق مع بريطانيا يعود إلى العام 1926 بعد الحرب العالمية الأولى حين عيّن مجلس عصبة الأمم لجنة تحقيق أوصت بأن تعود ملكية الموصل إلى العراق، وأُجبرت تركيا على قبول القرار بالتوقيع على معاهدة الحدود مع الحكومة العراقية في ذلك العام، وقام العراق بموجبها بمنح أنقرة 10 بالمئة من الودائع النفطية في الموصل لمدة 25 عامًا.
تقرير: ضياء حسون.
