وأظهرت القيادة المصرية إرادة قوية في استعادة الأجواء الأكثر إيجابية وتعزيز التعاون مع روسيا الاتحادية، انطلاقا من القاعدة الصلبة التي تأسست على مدار تاريخ عريق بين البلدين، في ظل دعم الغالبية العظمى من المجتمع المصري للانفتاح على موسكو.
لا شك أن الدعم السياسي لإرادة الشعب المصري، والمواقف الروسية من الأحداث التي مرت بها بلد الأهرامات، والتعاون الوثيق في كافة المجالات، والتنسيق المتبادل، ساهم في بلورة رؤية مصرية ذات استراتيجية متكاملة للمنطقة، في ظل المتغيرات الراهنة والمعادلات السياسية، ومكافحة الإرهاب والعلاقات مع الأطراف المؤثرة في المشهد العام إقليميا ودوليا.
تُدرك الولايات المتحدة أن مصر تستعيد دورها في منطقة الشرق الأوسط بمحيطها العربي والإسلامي، وفي قارتها الأفريقية، وأن التقارب مع روسيا وتنسيق المواقف السياسية يعزز من دور القاهرة الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وإصلاح هيئة الأمم المتحدة وتعزيز شرعية قرارات المنظمة الدولية، فضلا عن خلق عالم متعدد الأقطاب ووضع حد لهيمنة القطب الواحد.
وتروج العديد من وسائل الإعلام الغربية، في محاولة لتعكير صفو العلاقة بين القاهرة وموسكو، إلى أن الممر الشمالي، والذي يربط آسيا بأوروبا مرورا بروسيا، منافسا لقناة السويس، كما تتحدث عن طريق سكك حديدية يربط كوريا الشمالية بجنوب بمنطقة الشرق الروسي لمسافة 54 كيلومترا، ليصل إلى شبكة السكك الحديدية التي تمر عبر سيبيريا ومنها إلى أوروبا.
وتشير التقارير المصرية إلى أن تأثير ممر الشمال على حركة النقل التجاري بقناة السويس كخط ملاحي يربط التجارة بين الشرق والغرب، يظل محدوداً على المدى القصير، وأن الأمر يتوقف على مواكبة التطورات المتلاحقة في حركة الملاحة وحجم التجارة العالمية بين المناطق المختلفة.
ومع تباين وجهات نظر الخبراء حول تأثير خط الشمال على حركة التجارة الدولية في قناة السويس، فإن تاريخ العلاقات وما يجمع بين البلدين أقوى، وأن متانة وعمق هذه العلاقات، برهنت عليها المواقف الثابتة تاريخياً.
وتؤكد المشاركة الروسية في افتتاح مشروع القناة الجديدة، بوفد رفيع المستوى، أن محاولات التأثير على العلاقات المصرية الروسية، والتقليل من أهمية قناة السويس كمجرى ملاحي جيد لحركة التجارة العالمية، ستنتهي بالفشل، وتظل جهود البناء على تاريخ العلاقات بين القاهرة وموسكو، الصخرة التي تتحطم عليها كل مؤامرات الغرب، وسداً منيعاً ضد محاولات النيل من الإرث الثقافي والاجتماعي للشعبين الصديقين.
