المنطقة الآمنة شمالي سوريا... حل أم مشكلة طويلة الأمد؟
من جانبه قال مسؤول كردي رفيع المستوى إن هجوما تركيا على قوات تعمل تحت القيادة الكردية في شمال شرقي سوريا سيشعل "حربا كبيرة" إذا فشلت جهود الولايات المتحدة في وقف خطط أنقرة.
اختلفت تركيا والولايات المتحدة العضوان في حلف شمال الأطلسي منذ أشهر بشأن ”منطقة آمنة“شمال شرق سوريا لكن البلدين اتفقا أمس على تأسيس مركز عمليات مشترك في تركيا لإدارة المنطقة ومن غير الواضح بعد لمن ستكون القيادة.
بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية تتولي إدارة ذات قيادة كردية معظم مناطق شمال وشرق سوريا وتنتشر فيها قوات يعتبرها اردوغان تهديدا ويلوح بعملية عسكرية ضد هذه القوات التي سلحتها واشنطن والتي واجهت داعش بفاعلية .. لكنها تلوح الآن بالتخلي عن هذه المهمة في حال تعرضها لهجوم تركي.
يقول الأكراد إن هجوما تركيا على قواتهم شمال شرق سوريا سيجبر معظم القوات على الانتشار على الحدود مع تركيا ولن تستطيع مطاردة الخلايا النائمة لداعش أو حراسة آلاف السجناء من الإرهابيين.. تهديد مبطن بفوضى عارمة ربما تقلب أوراق المعادلة من جديد.
يقول الأكراد إنهم يرغبون في الحل السياسي والحوار كخيار استراتيجي لكنهم لايستبعدون مواجهة عسكرية قوية وشاملة إذا استنفذت الجهود الإقليمية وتقول موسكو إنها تتفهم ضرورات الأمن التركي لكن يجب ان تتم معالجتها في اطار القوانين الدولية وبالتنسيق مع الحكومة السورية ويقول محللون إن استراتيجية واشنطن تقوم الأن على ردود أفعال ويصمت المجتمع الدولي مجددا.. وفي الوقت الذي ترى فيه تركيا المنطقة الآمنة حلا لمشكلاتها تشير الاحتمالات القائمة بأن هذا الإجراء سيضيف كيلا جديدا إلى سلسلة التعقيدات التي تواجه الأزمة السورية ويفتح جبهة لمواجهات جديدة.
قال اللواء محمد عباس، الخبير العسكري السوري إن:" الاتفاق بين واشنطن وأنقرة بشأن منطقة آمنة في سوريا هو "تنسيق أمريكي تركي في الإرهاب" ووصفه بأنه خطة بديلة بعد ان فشلت قطعان الإرهاب التي دخلت إلى الجغرافيا السوريه في تنفيذ مخططاتها وستكون هذه منطة أمنية وليست آمنة تحت سيطرة الاحتلال التركي وستنفذ نفس العدوان ضد الدولة السورية."
واتهم عباس الأكراد الاتراك المقيمون في تلك المنطقة من جذور تركية بالتنسيق مع انقرة وبتنفيذ عدوان وتنسيق غير معلن لافساح المجال لدخول الاتراك إلى الجغرافيا السورية بهدف التمدد ربما إلى منطقة البوكمال لمنع أي اتصال لاحق بين الدولة السورية والعراقية
وأكد عباس أن الدولة السورية هي الملاذ الأمن الوحيد للأكراد والوحيدة القادرة على حمايتهم مذكرا بأن تركيا استغلت الأكراد تاريخيا للقيام بأعمال عدائية. وأكد عباس أن سوريا لن تتخلى عن هويتها وتعتزم التنسيق مع السوريين في شرق الفرات والتنسيق بينهم وبين السوريين في المنطقة الجنوبية من أدلب وخطوط التماس لمنح الفرصة للتخلص من الوجود التركي في عموم البلاد .
قال الكاتب والمحلل السياسي ماجد عزام إن :"تركيا سبق أن نفذت عمليات في الأراضي السورية في 2016 و 2018 وهناك قوات مراقبة أمنية في أدلب ولم يحدث أن وقعت مواجهات مع الجيش السوري وإن "النظام السوري أضعف من أن يواجه أنقرة ولم يعد لاعبا رئيسا والأمور تحسم في سوريا بين قوى اقليمية كبرى".
وأعتبر عزام أن تركيا لديها "رغبة بالتفاهم" و"هذا الممر التركي سيكون ممر سلام ونتحدث عن عودة طوعية للاجئين" مؤكدا ان الفجوة بين الرؤية التركية والرؤية الأمريكية بشأن عمق المنطقة الأمنة تضيق.
وأشار عزام إلى أن تركيا لاتقوم بإجراءات إحادية وهو عضو ناشط في آلية استانا وتدعم عملية جنيف وتخوض حورات مع القوى الفاعلة في سوريا لكنها تتعرض لأخطار في ظل "عجز النظام عن بسط سلطته" وهي تدافع عن نفسها ضد جماعات تتبني علانية خيارت تقسيمية.
واعتبر عزام ان هناك دعما للمطلب التركي بعودة المهاجرين إلى أراضيهم وإدارة هذه المناطق من قبل سكان المنطقة وهي خطوة باتجاه حل سياسي وليس العكس مشيرا إلى أن الاقتصاد التركي كبير بما يكفي لتحمل هذه العملية الأمنية رغم المشكلات خاصة إن اللاجئين يشكلون ورقة ضاغطة داخل تركيا .
قال مدير مكتب صحيفة الحياة في موسكو الدكتور رائد جبر إن :"موقف موسكو واضح ويرفض أي خطوات تهدد وحدة وسلامة الأراضي السورية لذلك هناك فهم مشترك بين موسكو وأنقرة بضرورة مواجهة أي كيانات انفصالية مثل الكيان الكردي، لكن الخطوات التركية أحادية الجانب تثير قلق موسكو لانها تفرض وجود قوات أجنبية بشكل غير واضح وغير قانوني بدون التنسيق مع دمشق ."
وأشار جبر إلى أن موسكو اقترحت تأمين ضمانات كاملة للأمن القومي التركي الذي تتفهمة موسكو لكنها تشدد على أن أي ضمانات يتعين أن تنتطلق على أساس اتفاق أضنة فضلا عن ضرورة وجود تنسيق مع الحكومة السورية .
وأكد جبر أن موسكو تعتبر الوجود الأمريكي في سوريا غير شرعي وتدعوهم إلى الانسحاب فورا من سوريا في الوقت الذي يقوم حليفها أردوغان بالتنسيق معهم لإدارة غرفة عمليات، وقد أعربت موسكو عن أنه لايمكن السماح بأن تجري الأمور في هذا الاتجاه.
وأكد جبر أن أردوغان يؤسس لأمر واقع ليستخدمة كورقة تفاوضية مشيرا إلى أن هناك نوع من تقسيم النفوذ في سوريا الآن وهي معضلة تتشكل من عدة أزمات حول وضع سوريا النهائي لكن السواد الأعظم من المجتمع الدولي مازال متفقا على وحدة وسلامة الأراضي السورية رغم أن الوضع الميداني يختلف.
قال الدكتور عاطف عبد الجواد المحاضر بجامعة جورج واشنطن الاستراتيجية الأمريكية الراهنة في الأزمة السورية هي رد فعل على مبادرات وتحركات الآطراف الأخرىمن بينها السياسات التركية سواء في منبج أوالتهديدات التركية للأكراد أو فيما يتعلق بالوجود الأمريكي العسكري في الأراضي السوريه .
وأوضح عبد الجواد أن خيار عودة الأكراد للتعاون مع الحكومة السورية قائم لكن وزير الدفاع الأمريكي أكد أن واشنطن ليس لديها أي نية للتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية، إلا أن واشنطن تتعاطف مع الهواجس الأمنية لأنقرة والخلاف بينهما يقتصر على أبعاد المنطقة الآمنة وستكون الغرفة المشتركة التي اتفق عليها الطرفان كحل وسط لشراء الوقت لتسوية النقاط الخلافية حول المنطقة الآمنة.
وأكد عبد الجواد أن واشنطن تتحاشي أي اشتباكات مباشرة مع القوات التركية مشيرا إلى أن تركيا ليست من الغباء بأن تخاطر بمثل هذا الاشتباكات ولنا مثال في منبح التي لم تجرؤ القوات التركية على الدخول اليها لوجود قوات امريكية بها خاصة أن تركيا مازالت عضو في حلف ناتو وستسعى لتحاشي أي احتمال ولو بسيط لمواجهة من هذه النوع .
إعداد وتقديم جيهان لطفي