استفاق العالم اليوم على مفاجأة من العيار الثقيل، لم تكن في الحسبان أو أن يتوقعها أحد، وهي زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو بدعوة من الرئيس بوتين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد كون هذ الزيارة غير متوقعة أبداً من أحد، بل لها دلالات كثيرة جداً، وفي طياتها رسائل قوية موجهة إلى أطراف بعينها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تستمر في موقفها من طرق حل الأزمة التي افتعلتها أصلاً في سورية بمساعدة ودعم حلفائها في المنطقة وعلى رأسهم السعودية وتركا وقطر وإسرائيل.
الأمر الأكثر إثارة هنا هو أن الرئيس بوتين كان قد تقدم بالشكر للرئيس بشار الأسد على قبول الدعوة لزيارة موسكو، وهذه بحد ذاتها رسالة لها دلالاتها الخاصة، لا بل لها قوتها ومبدئيتها والتي من الواضح أن الرئيس بوتين يقصد منها التأكيد على شرعية الحكومة السورية وشرعية الرئيس بشار الأسد، وهي أيضاً دعوة إلى المجتمع الدولي لاحترام موقف الشعب السوري من قيادته التي اختارها عام 2014، في ظل ظروف صعبة جداً، وتعني أيضاً أن روسيا ماضية حتى النهاية في دعم الحكومة الشرعية السورية والجيش السوري سياسياً وعسكرياً حتى القضاء على الإرهاب ودحره، والانتقال إلى الحل السياسي السلمي للأزمة في البلاد وفقاً للقوانين والشرائع الدولية التي لم يلتزم بها أحد كما تلتزم بها روسيا، وإعطاء الشعب السوري حق تقرير مصيره بيده، لا بيد أي قوة داخلية مأجورة لهذا الطرف أو ذاك، ولا بالتدخل الخارجي من أي طرف كان. إذاً مرة أخرى حددت القيادة الروسية موقفها المبدئي، ولكن بصورة جديدة وأشد قوة إلى جميع الأطراف المتداخلة في الأزمة السورية. وهذا يعني أن الحلف المواجه للإرهاب والمشاريع الغربية، قد حدد مساره النهائي في مواجهة الحلف الداعم للإرهاب وبشكل واضح تماما، على جميع الصعد السياسية والعسكرية، وأنه لا تراجع مهما كانت النتائج.
ومن هنا ما علينا إلا أن ننتظر الأيام القادمة لنرى أبعاد هذ الزيارة والنتائج المترتبة عليها، والإجراءات التي سوف يتم اتخاذها من أجل وضع حد للتمدد الإرهابي في المنطقة وحل الأزمة السورية بما يريده الشعب السوري صاحب الحق الأساس في تقرير مصيره واختيار قيادته السياسية التي سوف تقع على عاتقها ترتيبات المرحلة القادمة بعد القضاء على الإرهاب.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم.